مع تزايد عدد القتلى على يد قوات نظام الأسد في سوريا، تتنامى قوى التطرف للرد على هذا الكم الهائل والمفرط واللا معقول من العنف، هذا السباق بين تطرف النظام وتطرف بعض الشباب المتشدد من كل دول العالم، دفع أوروبا إلى إعلان حالة من الاستنفار في أجهزتها الأمنية بعد نشر تقارير تفيد أن ما يقارب 2000 مقاتل أوروبي يقاتلون نظام بشار الأسد. ظاهرة المقاتلين الأوروبيين في سوريا تعيد الحسابات الأوروبية الأمنية والمخاوف المستقبلية من هذا التطرف الذي كان النظام السبب الرئيسي في نموه. وركزت الهيئات الرسمية الأوروبية، في تقاريرها على مرحلة ما بعد الأزمة السورية وعودة المقاتلين الأوروبيين إلى بلدانهم واحتمال تحولهم إلى متطرفين في بلدانهم الأصلية، إذ يستوجب على أجهزة الأمن الأوروبية التي بدأت تتحرك في الخفاء لتقتفي أثر المقاتلين الأوروبيين العائدين من ساحة القتال السورية ومحاولة احتواء رغبتهم المشحونة بالقتال قبل أن يتحولوا إلى «أحزمة ناسفة» على التراب الأوروبي. وتشير إلى أن أغلب هؤلاء هم من فرنسا وبريطانيا وألمانيا مقابل قلة من الشيشان والبوسنة وبعض الدول الإسكندنافية. وعبرت واشنطن في وقت سابق عن قلقها إزاء ارتفاع عدد هؤلاء الذين يحملون جنسيات غربية في صفوف الجماعات المقاتلة في سورية بما في ذلك الأمريكيين، ولذلك أصبحت الأولوية عند الغرب في ما يتعلق الأزمة السورية هو كيفية تخفيف التطرف والحد من انتشاره. وهو الأمر الذي، تحاول من خلاله روسيا تحويل جنيف 2 من مؤتمر سلام إلى مؤتمر لمحاربة الإرهاب، وهي بذلك تتخذ من الإرهاب ذريعة لتعطيل الحل في سوريا، وبالتالي إطالة مسار القتل بحق الشعب السوري. وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس، قدم أمام لجنة الشؤون الأوروبية للبرلمان الفرنسي، إحصاءات تؤكد أن أكثر من مئتي فرنسي منخرط في جماعات متطرفة، وأن ما بين 70 و80 شخصا في طريقهم إلى القتال مع القاعدة، وأن خمسة عشر فرنسيا لقوا حتفهم في سوريا. وأعرب فالس، عن قلقه تجاه تنامي ظاهرة المقاتلين الأوروبيين الذين يتوجهون إلى ساحة القتال في سورية، وقال إن هذه الظاهرة هي من الأخطار التي تهدد فرنسا وأوروبا حاليا، وأنها تمثل أقوى التحديات التي ستواجهها أوروبا وتستدعي الكثير من التعاون الأمني بين الدول الأوروبية. الكثير من الباحثين في المراكز البحثية الأوروبية، يرون أن الأولويات في الأزمة السورية، تحددها المصالح، وإن توفرت فستجد الأزمة السورية طريقها للحل. والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل التشبث الغربي بمصلحته قبل مصالح الشعوب هو: هل الأولوية لدى الغرب لإسقاط نظام الأسد، أم لمحاربة المقاتلين في المنطقة بما فيهم الأجانب؟