قد لا يعلم البعض ما هي الصلاحيات والاختصاصات الحقيقية للهيئة التي تهدف إلى حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه، ولها في سبيل تحقيق ذلك عدد من الاختصاصات التي وردت في النظام على سبيل الحصر ومنها متابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين بما يضمن الالتزام بها، والتحري عن أوجه الفساد المالي والإداري في عقود الأشغال العامة وعقود التشغيل والصيانة وغيرها، واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة في شأن أي عقد يتبين أنه ينطوي على فساد أو أنه أبرم أو يجري تنفيذه بالمخالفة لأحكام الأنظمة واللوائح، وإحالة المخالفات والتجاوزات المتعلقة بالفساد المالي والإداري عند اكتشافها إلى الجهات الرقابية أو جهات التحقيق بحسب الأحوال مع إبلاغ رئيس الجهة - التي يتبعها الموظف المخالف - بذلك وللهيئة الاطلاع على مجريات التحقيق ومتابعة سير الإجراءات في هذا الشأن ولها أن تطلب من الجهات المعنية اتخاذ التدابير الاحترازية أو التحفظية في شأن من توافرت أدلة أو قرائن على ارتكابه أفعالا تدخل في مفهوم الفساد، والعمل على تحقيق الأهداف الواردة في الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد ومتابعة تنفيذها مع الجهات المعنية، ورصد نتائجها وتقويمها ومراجعتها، وتشجيع جهود القطاعين العام والخاص على تبني خطط وبرامج لحماية النزاهة ومكافحة الفساد ومتابعة تنفيذها وتقويم نتائجها، ومتابعة استرداد الأموال والعائدات الناتجة من جرائم الفساد مع الجهات المختصة، وإعداد الضوابط اللازمة للإدلاء بإقرارات الذمة المالية، ومتابعة تنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي تكون المملكة طرفا فيها، وتوفير قنوات اتصال مباشرة مع الجمهور لتلقي بلاغاتهم المتعلقة بتصرفات منطوية على فساد والتحقق من صحتها واتخاذ ما يلزم في شأنها، وتلقي التقارير والإحصاءات الدورية من الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة ودراستها وإعداد البيانات التحليلية في شأنها، وإجراء الدراسات والقياسات المتعلقة بتأثير الفساد على التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية وتحليلها ووضع الوسائل اللازمة لمعالجة ذلك، وجمع المعلومات والبيانات والإحصاءات المتعلقة بالفساد، وتصنيفها وتحليلها وبناء قواعد بيانات وأنظمة معلومات خاصة بها، ونشر الوعي بمفهوم الفساد وبيان أخطاره وآثاره وبأهمية حماية النزاهة وتعزيز الرقابة الذاتية وثقافة عدم التسامح مع الفساد، وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام على التعاون والإسهام في هذا الشأن. وباستعراض تلك الاختصاصات لي ملاحظة هي أن هيئة مكافحة الفساد تركت الأهم ومارست أبسط الاختصاصات وبسطحية بعيدة عن كونها جهازا أنشئ لغرض قلع جذور الفساد وأسبابه من المجتمع وسلطاته ومؤسساته ودليل ذلك أن اشتمال البيانات بالإشارة إلى المسؤولين والأجهزة فيه تشهير بهذه الأجهزة ورؤسائها وموظفيها وهذا مخالف لنظام الهيئة وتجاوز للقضاء المخول وحده في نظر لائحة الاتهام الصادرة عن هيئة الرقابة والتحقيق ومن ثم إصدار الأحكام التي تتضمن عقوبات في حال ثبوت التهمة والتي ليس شرطا أن يكون التشهير من ضمنها لأن التشهير من العقوبات الحادة المنصوص عليها في بعض الأنظمة ولها ضوابط كبيرة قانونية وهذا لا يتم في العالم كله إلا في أضيق الحدود.