كان المسلمون في أزمنة الصدق والعمل المخلص إذا ما دهمهم خطب أو تعرضت أوطانهم لمخاطر من قبل أعدائهم استجابوا للتوحيد الرباني فأعدوا للأعداء ما يستطيعون من قوة عسكرية ومادية ومعنوية، فإن هم فعلوا ذلك رفعوا أكفهم إلى السماء بالدعاء والرجاء بأن ينصرهم الله ويخذل عدوهم ويرد كيده عن أوطانهم ومن فيها من أبناء وما فيها من خيرات، فتكون النتائج لهذا العمل المخلص والاستعداد الجدي للقاء والدعاء والرجاء النصر على الأعداء، وهكذا أثبت المسلمون الأوائل فهمهم الصحيح لدينهم وللقرآن العظيم ولما جاء به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن ربه عما يجب عليهم القيام به في أحوال السلم والحرب، فكانت لهم السيادة والمجد والعزة في الأرض! ثم خلف من بعد أولئك الصالحين الصادقين خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وانشغلوا بالدنيا وتمكن الوهن من قلوبهم، فإن دهمهم خطب من الخطوب وهم في غفلة من أمرهم تذكروا المساجد والدعاء وأخذوا يطلبون من الباري عز وجل أن يحارب أعداءهم نيابة عنهم حتى يردد الواحد منهم بعض الأدعية المأثورة من أمثال: اللهم دمر أعداء الدين.. اللهم شتت شملهم.. اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك.. اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا..! ولو كان مثل هذا الدعاء يقال بعد الاستعداد الكافي للمعركة والدفاع عن بيضة الدين وحياض الوطن، فإنه سيكون دعاء صادقا صادرا عن قوم مؤمنين مستعدين للتضحية والفداء، أما إن اكتفى المسلمون بالدعاء دون استعداد مخلص لرفع الرايات والاستجابة لنداء إخوانهم المستضعفين وطلبوا من الله عز وجل أن يقاتل أعداءهم بدلا عنهم فإنهم يكونون بذلك أسوأ من القوم الذين قالوا لنبيهم: «اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون»، وهل تنفع الخطب التي تليها المفطحات ويتبعها الفساد، وماذا يستفيد من هذه المواقف من تدمر منازلهم وتسفك دماؤهم وتحرق مزارعهم ويعتدى على أعراضهم وتهدم مساجدهم وترمل نساؤهم وييتم أطفالهم، وأين نحن من قوله عز وجل:«فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله..» الآية، هذا في حال كون الفئة الباغية من المؤمنين فكيف وهي من أعداء الدين؟!