شربت على سلوانة ماء مزنة،، فلا وجديد العيش، يا ميّ، ما أسلو ماء مزنة، معروف ولكن ما هي السلوانة وما علاقتها بماء المزنة؟ السلوانة، حسب ما يقول لسان العرب نقلا عن خبراء التداوي من العشق، هي خرزة شفافة إذا صب عليها ماء المطر فشربه العاشق سلا، واسم ذلك الماء (السلوان)، وهو الذي ذكره الشاعر رؤبة بن العجاج في الأبيات التي يناجي فيها حبيبته (مسلم) منكرا قدرة ذلك الماء على شفائه من حبها. «مسلم، لا أنساك ما حييت ** لو أشرب السلوان، ما سليت ** ما بي غنى عنك وإن غنيت». من يقرأ أبيات رؤبة هذه، يظن للوهلة الأولى أن ذكر شرب السلوان جاء من قبيل المجاز، وأن الشاعر أراد أن يقول لو أن السلو استحال إلى سائل فسقي له ما توقف عن تذكر (مسلم)، حيث لا سقيا يمكنها أن تسليه ذكرها. بيد أن من يطلع على الثقافة العربية القديمة وما كان شائعا فيها من أساطير تنسج حول الحب، يدرك أن رؤبة لم يكن يردد مجازا من القول وإنما كان يتحدث بما تعارف عليه قومه من أدوية ناجعة لشفاء المحب الذي ينشد السلوى، وأن السلوان كان ماء يُسقى حقيقة لا مجازاً، وهو بطبيعة الحال ليس ماء عاديا وإنما ماء يتميز بأن له خاصية جلب السلو إلى القلب للشفاء من الحب. ورؤبة ليس الوحيد الذي ينفي قدرة ماء السلوان على الوصول إلى قلبه، هناك محبون كثر غيره يزعمون مثل زعمه، كابن الأحنف (تجنب يرتاد السلو فلم يجد،، له عنك في الأرض العريضة مذهبا)، وابن أذينة (وإذا وجدت لها وساوس سلوة،، شفع الضمير إلى الفؤاد فسلها)، وكثيّر عزة (فيا حبها زدني جوى كل ليلة،، ويا سلوة الأيام موعك الحشر)، (إذا رمت عنها سلوة قال شافع،، من الحب: ميعاد السلو المقابر) وهناك غيرهم. وما يبدو هو أن السلو في عيون أولئك العشاق سمة تنقص من قيمة الحب، فالحب الصادق في مفهومهم يعني الوفاء والبقاء على العهد، في حين أن السلو يتنافى مع ذلك فمن يسلو عن ذكر الحبيب هو محب غير صادق الود، وقد نص على ذلك كثيّر فقال نافيا عن نفسه تهمة السلو: (فلا يحسب الواشون أن صبابتي،، بعزة كانت غمرة، فتجلت). إنكار هؤلاء العشاق لأثر (السلوان) عليهم، جاء تأكيدا منهم لقوة رسوخ الحب في قلوبهم وليس إنكارا لنجاعة العلاج، فماء السلوان وصفة ناجعة تقطع كل حبال التعلق بالحبيب وتمسح من القلب المتيم كل أثر لوجوده بين ثناياه. لكن هذه الوصفة الناجعة لا تكون موضع الترحيب بها دائما، فهي إن كانت مطلوبة للعاشق الذي يعاني من آلام الفراق ويشقى بالهجر والصد، فإنها لا تكون كذلك متى كان العاشق يغرق في نعيم الوصال ويعب من كأس هناءته، في هذه الحال يتحول شرب ماء السلوان إلى سم قاتل يستحق من يسقيه للمحب الدعاء عليه بزوال نعمته: (سقينا سلوة فسلا كلانا،، أزال الله نعمة من سقانا) ماء السلوان دواء كباقي الأدوية يشفي المريض ويضر السليم، فوقاكم الله شرب ماء السلوان في غير وقت الحاجة. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة