قصة زواج فريدة سالم لها علاقتها باسمها فريدة في كل تفاصيلها. تقول فريدة: تقدم لخطبتي ابن صديقة والدتي فوافقت رغم رفض أسرتي، إلا أنني صدمت بزوجي الذي ذكرني من خلال العنف الذي مارسه معي بمدرستي وبأول يوم دراسي حيث تعرضت حينها للضرب من معلمتي بسبب اتلافي دون قصد لقلم إحدى زميلاتي، طلقني بعد عام من زواجي، وبقيت في المنزل أعاني من حالة نفسية صعبة، فيما أشقائي ماضون في مشوارهم التعليمي، ومضت الأعوام وتخرج إخوتي وتزوج اثنان من الذكور، وبعد وفاة والدي بعامين تزوجت أختي، ثم تقدم لخطبتي صديق أخي الأكبر الذي قرر بدوره خطبة ابنة خالي، وفي تلك اللحظة نبهتنا والدتي إلى أنها بعد زواجي وزواج أخي ستعيش وحيدة في المنزل، توقفت كثيرا أمام نظرات والدتي والحزن البادي على ملامحها، فقررت أن أقف بشجاعة ضد فكرة الزواج، والتضحية بالعريس الذي كان نموذجا لما تتمناه كل فتاة طالبة للزواج. تزوج أخي الأخير وبقيت أنا ووالدتي وبدأت الأعوام تمضي وعمري يمضي معها وتعلق والدتي بي يزداد والجميع يخبرني بأن رفضي المستمر سيقلل من فرص زواجي مستقبلا، كنت أدرك ذلك جيدا، لكن الآخرين لم يكونوا على وعي بمشاعر أمي التي يتبدل حالها ما أن يتقدم لي عريس جديد، حيث تستحيل حياتها حزنا وألما وإن كانت حريصة على أن لا تبديه أمامي. تواصل فريدة رواية قصتها: في احد الأيام سقطت أمي فجأة مغشيا عليها، فنقلناها للمستشفى، وهناك قرر الطبيب ابقاءها في المستشفى عدة أيام لإصابتها بأزمة قلبية تستوجب المتابعة، نامت أمي على سرير في غرفة مشتركة داخل المستشفى، إلى جانب مريضة أخرى، فاشترطت على الطبيب مرافقتها، لأقوم على رعايتها ورعاية المريضة النائمة في السرير المجاور لها حيث بدا لي أنها وحيدة لا يزورها أحد، باستثناء رجل في الأربعين من عمره، عرفت فيما بعد أنه ابنها الوحيد، واكتشفت أنه رافض لفكرة الزواج بعد أن يئس من وجود فتاة تقبل بشرطه الوحيد وهو الموافقة على بقائها معه إلى جانب والدته. في يوم خروج والدتي من المستشفى -تقول فريدة- انفجرت المرأة بالبكاء حزنا على فراقنا، حرصنا بعد ذلك على التواصل معها وزيارتها يوميا إلى أن غادرت المستشفى وبدأت علاقتنا تتوطد بها، إلى أن زارتنا في أحد الأيام طالبة يدي لابنها بشرط أن أعيش معهم داخل المنزل، فبكت أمي وبكت معها أم العريس، لكنها كففت دموعها وأبلغتنا أنها لم تأت لتفرق الشمل، ووجهت الدعوة لوالدتي في حال اتمام الزفاف للإقامة معها ومع ابني إلى جواري في بيت الزوجية تحت سقف واحد، مؤكدة أن هذا هو اقتراح ابنها الذي تعهد بتوفير السكن المناسب وتسخير امكاناته المادية الميسورة في سبيل ذلك. لم تسعني الفرحة حينها، حيث شعرت أن الله قد عوضني عن صبري ورزقني بزوج رائع يحمل شهادة الماجستير، ويملك قبل ذلك قلبا استطاع أن يلملم الجميع تحت عباءته وظله. ورأيت منه في معاملته مع والدتي ما أسعدني وأسر خاطري وأعاد الابتسامة إلى ثغر والدتي بعد أن غابت عنها سنين طوال.