اعتبر المختصون والشباب الفاعلون في مجال اليوتيوب ووسائط الإعلام الجديد، مهمة تقنين وتنظيم المحتوى الأخلاقي والإعلامي للإعلام الجديد، أمر لا يتخوف منه أحد، لحرصهم على الوصول إلى المجتمع في صورة لا تتنافى مع الأخلاقيات العامة ولا تخدش الحياء العام، ولا تسيء لأي كائن، في ظل هدفهم النقد البناء وصولا إلى إزالة السلبيات وتعزيز الإيجابيات. لكن الشباب لم يخفوا قلقهم مما أسموه عصا العمل البيروقراطي الذي يصاحب الإجراءات دائما، ويجعل نسخة الإعلام الجديد شبيهة من الإعلام التقليدي، وعدم مراعاة لا فارق الزمن ولا فارق مساحة النقد، والذي ربما يفسد السرعة وقالب الإبداع في صفوف الشباب، خاصة إذا تم إغفال عامل الوقت في كل تلك الأمور. واستبعد بدر صالح نجم برنامج اليوتيوب الشهير «إيش اللي» أن تكون لديه أي مخاوف أو قلق من تقنين المحتوى الأخلاقي على الإطلاق، خاصة أن أخلاقنا التي تربينا عليها تفرض علينا هذه الحدود الأخلاقية تلقائيا، كما أن الشركة المنتجة للبرنامج تفرض عددا من الضوابط خلال مراحل إعداد الحلقات وتسجيلها، وبالنسبة للضوابط القانونية والحقوقية فإننا نعمل وفق اشتراطات سياسة موقع اليوتيوب ولا نتجاوزها إطلاقا. واتفق نجم اليوتيوب والمخرج فهد سال عن أهمية قرار تقنين المحتوى الأخلاقي والإعلامي، إلا أن لديه مخاوف من أن تستغل ويحور محتوى القرار بحيث بدلا من أن يصبح القرار في مصلحة الشباب من حيث وقف أي مادة مخالفة ساخرة تستهزئ وتنتقص من الآخرين أو تحتوي على مواد فاتنة جنسيا، ويتحول هذا التوجه من قبل الجهات المسؤولة إلى فرض انضمام الشباب تحت مظلة عدد محدد من الشركات التي تصرح لها بالإنتاج الخاص بالإعلام الجديد، وبالتالي قد تفرض على الشباب الذي يقومون بالإنتاج الفردي بالانضمام إلى هذه الشركات المصرحة التي من الممكن أن تستغل سلبيا مجهودات الشباب للحصول على مكاسب مادية لمصلحتها فقط، كما تفعل العديد من شركات الإنتاج مع النجوم في الإعلام التقليدي. وأشار قسورة الخطيب، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة متخصصة في إنتاج العديد من برامج الشباب على اليوتيوب، بأن تقنين المحتوى أمر في غاية الأهمية ومن المفترض أن لا نختلف على ذلك، ولكن نتمنى أن لا تحد الجهات الرقابية من الإبداع والصلاحيات الموجودة لدينا، وأن يفرض ما هو معقول ومقبول لدى الجميع. خوف من التعقيدات لكن المعتصم طرابزوني نجم برنامج «خف علينا» والمشارك في العديد من برامج الشباب الكوميدية الشهيرة في اليوتيوب، تخوف من حدوث خسائر مادية لبعض شباب اليوتيوب الذين يبحثون عن رعاة لبرامجهم، خاصة أن الكثير من المقبلين على هذا المجال ممن لديهم الموهبة يقومون بدفع تكلفة إعداد البرنامج ومن ثم يبحثون عن رعاة وشركات إنتاج لتبني طرحهم وتسويقه، وبالتالي إذا لم تجز الجهات الرقابية هذه الأعمال بناء على تعقيدات إجرائية وروتينية سوف تبتعد الكثير من المواهب عن الخوض مجال الإعلام الجديد. كما يتخوف عمار رمضان نجم برنامج «الفئة الفالة» مما اعتبره المبالغة في الرقابة وتبديد الرأي الناقد للسلبيات خاصة آراء فئة الشباب، مشيرا إلى أن الشباب يتجهون نحو مشاهدة اليوتيوب لأنهم يرون بأن القيود المفروضة لدينا على الإعلام المرئي والمسموع لا تجعله جاذبا لهم، مبينا أن أهم ما يتمناه من هذه التشريعات الجديدة هي أن لا تتسبب في كبت رأي الشباب وفرص إبراز مواهبهم. ندعم الشباب من جانبه، أكد ل«عكاظ» الدكتور رياض نجم، رئيس الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، الموكل لها القيام بهذا الدور التنظيمي، على أنه «لن نقف حائلا ضد إبداعات الشباب ومواهبهم بل سوف ندعمهم، وفي نفس الوقت نعمل على توعيتهم بما هو مقبول ولا يسيء للآخرين أو لعاداتنا وتقاليدنا». وأوضح أن أدوار الهيئة تتجه فقط نحو «تقنين وتنظيم المحتوى وأن يكون ملائما لثقافتنا وبيئتنا الاجتماعية وفي الوقت نفسه يكون ملائما للفئات العمرية للشباب، وتوضيح ما هو مناسب وغير مناسب، وهذا الأمر متعارف عليه في كل دول العالم بأن المحتوى الإعلامي لابد أن يقنن ويتبع لجهة تنظيمية، والمسألة ليست متعلقة بالمراقبة بقدر ما هي توعية وتنظيم». لا حجب وبين سلطان المالك، المتحدث الرسمي لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، بأن هيئة الاتصالات لا تحجب المواقع الإلكترونية أو أي محتويات إلكترونية إلا بتوجيهات من الجهات الرقابية المسؤولة مثل وزارة الإعلام والهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع وجهات رقابية أخرى، ولكنها مخولة بالحجب التلقائي مباشرة للمواقع الإباحية فقط، وصرح ل«عكاظ» بأن القرارات الأخيرة تصب في مصلحة الجميع ولا تقف ضد الشباب خاصة أن دور الهيئة كجهة حكومية يهدف إلى نشر التوعية، مضيفا بأن هيئة الاتصالات سوف تطلق خلال شهرين من الآن حملة توعوية مكثفة للتعريف بالجرائم المعلوماتية والحد منها. وفي السياق نفسه، أشاد المحامي والمستشار القانوني خالد أبو راشد، ل«عكاظ» على التوجهات الأخيرة في تقنين وتنظيم المحتوى، لأنها ستقف ضد التجاوزات الأخلاقية والإساءات أو السخرية من الآخرين وكل ما يخالف قوانين الأنظمة المعلوماتية، وهو أمر بالتأكيد إيجابي وتوجه يسعدنا جميعا، كما أن الحرية في ديننا الإسلامي لها سقف يجب أن توقف عنده ونعمل وفق هذا الإطار. يذكر أن مجلس الوزراء أوكل في جلسته المنعقدة الاثنين الماضي، مهمة تنظيم المحتوى الأخلاقي والإعلامي بجميع وسائطه المعلوماتية للهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، وإقرار عدد من الإجراءات المتعلقة بالوسائط المعلوماتية التقليدية منها والإلكترونية على وجه التحديد، والتي منها إيعاز مهمة تنظيم المحتوى الأخلاقي والإعلامي بجميع وسائطه، بالإضافة إلى اقتراح الأنظمة والتشريعات، ومواكبة المستجدات التقنية، والتثقيف والتوعية بدور تقنية الاتصالات والإعلام الحديثة في خدمة البشرية بصفة عامة والوطن بصفة خاصة، والتحذير من خطورة محتواها الضار على الفرد والمجتمع.