لاتزال الظروف التي أدت إلى الاتفاق على تحديد جنيف2 ضبابية، حتى بالنسبة للأطراف المشاركة وهو ما اعتبره محللون مجرد «صفقة» تم ترتيبها بين الأمريكيين والروس والأخضر الإبرهيمي. ولعل تصريحات الإبراهيمي التي قال فيها إن هناك مسعى «لإقناع الطرفين باتخاذ إجراءات لبناء الثقة قبل جنيف 2» هي بالضرورة دلالة على أن قرار عقد المؤتمر جاء دون استشارة الطرفين وأخذ قبولهما أو اشتراطاتهما بعين الاعتبار، لذلك فإن ثمة تضاربا حول شكل وفد المعارضة، في حين تشير مصادر مقربة من الإبراهيمي إلى أن تشكيل وفد المعارضة بيد الائتلاف حصرا فإن «هيئة التنسيق» القريبة من النظام تواجدت في جنيف وأجرى ممثلوها اتصالات ولقاءات منفصلة مع مسؤولين دوليين وأمريكيين وروس وهم يرون أنهم سيكونون طرفا أساسيا على طاولة جنيف2. المسألة الأكثر إلحاحا بالنسبة للمسؤولين الغربيين هي استبعاد الأسد من أي تشكيلة قادمة وهو ما عكسته تصريحات أمريكية وفرنسية. ومع ذلك فإن مراقبين باتوا يتوجسون من مثل هذه التصريحات فالقول بأن من يشارك في مواجهة ممثلي الأسد هم «المعارضة المعتدلة» يعكس بشكل خطير فهما خاطئا لما تريده قوى الثورة، إذ يعطي إشارة على أن ممثلي الأسد رغم ثلاثة أعوام من القتل والحصار والدمار يتساوون في نظر الغرب مع «معارضة معتدلة» لا يعرف أحد مواصفاتها، وهو ما يعتبر عامل «تفجير ذاتي» للمؤتمر قبل انعقاده. وبانتظار اجتماع الأطراف المؤثرة في 20 ديسمبر المقبل للإعلان عن الإجراءات الرسمية من توجيه دعوات إلى الأطراف المعنية إلى الإجراءات الكفيلة بعقد المؤتمر، فإن كل ما صدر من تصريحات لا يحمل صفة التأكيد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن إجراءات الثقة المطلوبة غير قابلة للتنفيذ خصوصا أن المعارك التي تجري على الأرض تأخذ اليوم منحى تصعيديا خصوصا من جهة النظام مدعوما بإيران. الواضح وحسب المراقبين، أن الإعلان عن موعد جنيف2 هو مجرد دفع غير محسوب من قبل الطرفين الأمريكي والروسي وبتفاهم مع الإبراهيمي قبل الوصول إلى صيغة نهائية تضمن تطبيق جنيف1 وتحدد قواعد إجراءات الثقة وتفصح عن قبول الطرفين بتلك الإجراءات، كما تحدد هوية المشاركين، وهو بالنتيجة إجراء ملتبس يشبه عملية «سلخ جلد الدب قبل اصطياده» عبر قرار لا يمتلك أرضية ولا يضمن النتائج المطلوبة لوقف نزيف الدم وإزاحة نظام الأسد بعد نحو 3 سنوات من العجز الدولي الواضح.