مساكن خربة آيلة للسقوط.. وأزقة ضيقة وعرة.. ظلام دامس يحجب الرؤية ليلا إلى جانب منحدرات جبلية وعين جارية طوال العام أنبتت اشجارا وافرة تحولت مأوى للمتخلفين وأرباب السوابق ومدمني المخدرات بعيدا عن أعين الجهات الأمنية.. وهنا يدور الحديث عن حي «شعبة الضبع» الذي يعد جزءا من حي «العتيبية» في مكةالمكرمة والقريب من الحرم المكي الشريف. من تقوده قدماه إلى داخل الحي يفاجأ بكثرة العمالة الوافدة وأغلبهم من جنسيات عربية، افريقية وآسيوية وأغلبهم من مخالفي الإقامة والعمل، إلى جانب عدد من المواطنين الذين يتعايشون مع هذا الوضع منذ سنوات عدة، بالإضافة الى المنازل المهجورة التي تحولت إلى مأوى للمجهولين والمطلوبين من أصحاب السوابق.. «عكاظ الأسبوعية» تجولت داخل حي «الشعبة» ورصدت حزمة من المخالفات والتقت عددا من السكان الذين أبدوا استياءهم من تكاثر الوافدين الجدد في الحي وأغلبهم من العمالة المخالفة الذين تسللوا من الأحياء القريبة بعد انتهاء مهلة التصحيح. قلق مستمر في البداية أكد المواطن عادل العتيبي، سيطرة العمالة الوافدة على الحي، متسائلا عن أسباب غياب الجهات الأمنية في ملاحقة المخالفين وقال «الحي تقطنه أعداد كبيرة من العمالة الوافدة التي تجاور الأسر في السكن، وهذا الوضع بات يشكل قلقا مستمرا لسكان الحي». وأضاف «الحملات الأمنية الأخيرة بعد انتهاء المهلة التصحيحية بينت أن هذه الفئة بتواجدها الكبير تشكل خطورة على السكان»، مشيرا إلى أن الحي يعد من أقدم أحياء مكةالمكرمة ويعاني من ضعف في الخدمات، إضافة إلى تدني مستوى النظافة وتراكم النفايات التي تجذب القطط والكلاب الضالة، وانتشار البيوت المهجورة من مبان آيلة للسقوط، وما تشكله من خطورة على الأطفال والمارة، خاصة اثناء هطول الأمطار، إلى جانب تحولها إلى ملاذ آمن وأوكار لمخالفي نظام الإقامة والعمل وارباب الجرائم ومدمني المخدرات. وطالب العتيبي الجهات المعنية بوضع حد للتواجد المكثف للعمالة الوافدة داخل الحي وحماية العوائل من شرورها، وقال «انتشار العمالة الوافدة ومعظمهم من العزاب وسط ما يسمى بشعبة الضبع يشكل تهديدا للمواطنين وخاصة على الأسر وتحديدا الأطفال والنساء، ويشكل مشاكل اجتماعية لهذه الأسر»، لافتا إلى انه يواجه صعوبة في ترك زوجته وابنائه في المنزل لفترات طويلة لخشيته عليهم من هذه العمالة، مضيفا ان «الشعبة» تعاني من كثرة العمالة الوافدة من مختلف الجنسيات التي تجوب الشوارع حتى ساعات الفجر، كما انها تشهد الكثير من المخالفات والجرائم كالمخدرات وترويجها بشكل واسع وهو ما يدق ناقوس الخطر في قلوب السكان. طرق وعرة وذكر المواطن محمد الحمد أن سكان حي الشعبة يشكون العشوائية وسوء الخدمات، وقال «وضع الحي السيئ شجع مجهولي الهوية على استباحة حرمة الحي، بعد أن وجدوا مقومات البقاء في المنازل المهجورة والاحراش التي تنمو أسفل جبل السيدة المجاور حيث المياه الجارية طوال العام». وأردف «تسلل عدد كبير من العمالة المخالفة إلى داخل الحي بعد انتهاء المهلة التصحيحية، وهؤلاء انضموا إلى الأعداد الكبيرة التي استوطنت المكان منذ مدة طويلة ما يشكل خطرا على السكان بالرغم من الحملات الأمنية التي تنفذها جوازات المنطقة بين فترة وأخرى». وقال: يتوارى المخالفون في الاحراش القريبة أو يلجأون إلى جبل السيدة الوعر لتفادي الحملات الأمنية التي يفشل أفرادها في تعقبهم لوعورة الطرق وصعوبتها. ملاذ أمن من جهته، اصطحب باسم الصبحي من سكان حي «الشعبة» وأحد اعضاء مشروع تعظيم البلد الحرام فريق «عكاظ الاسبوعية» في جولة داخل ازقة شعبة الضبع ونبع الجبل الذي تنبع منه المياه طوال العام، ويختفي المخالفون في شعابه عند احساسهم بخطر الحملات الامنية، أنه ولد وترعرع في الحي، مشيرا الى انه كان يتجول في صغره في الجبال المحيطة بشعبة الضبع لذلك يلم بجغرافية المكان وحتى مداخله ومخارجه. وأضاف الصبحي «لوحظ في السنوات الأخيرة العديد من المخالفات المزعجة من قبل العمالة الوافدة، خاصة أنهم يشكلون نحو 80 في المائة من السكان ومعظمهم ومن مخالفي أنظمة الإقامة»، مؤكدا ان الأزقة وجبل السيدة قد شكلت لهؤلاء ملاذا آمنا خلال الحملات الأمنية حيث يهربون عبر الجبل الوعر أو يختبئون بين الأشجار والأحراش المنتشرة حول النبع. وزاد «معاناة سكان الحي لم تتوقف عند هذا الحد، بل هناك الكثير من الاشكاليات التي يعانون منها، منها على سبيل المثال انتشار المخدرات ومروجيها داخل الشعبة وسط الشارع وأمام مرأى وسمع المارة دون الاخذ بمشاعر الاخرين أو لمكانة الشعب او لسكانه او المكان المقدس الذي يعيشون فيه، حيث يتعاطى البعض المخدرات داخل في البيوت الخربة وحول النبع بالرغم من التواجد الأمني المستمر داخل الحي». وقال «الأزقة الضيقة والشوارع المترهلة وطريق الجبل الوعرة تعيق وصول الدوريات إلى داخله، وهناك عدد من المرضى النفسيين الذين يجوبون شوارع وأزقة الحي إلى جانب «نابشات القمامة» وبائعي الحلوى مجهولة المصدر بملابسهم الرثة والممزقة، ما يهدد الأطفال بالخطر». حملات أمنية إلى ذلك، أكد مصدر في جوازات العاصمة المقدسة، خطورة العمالة المخالفة على الفرد والمجتمع، مشيرا إلى وجود حملات مشتركة مع عدد من الجهات الأمنية، للقبض عليهم وإحالتهم إلى جهات التحقيق، إضافة إلى استهداف أوكار العصابات ومواقع شبه مهجورة يتخذها مخالفو نظام الإقامة كسكن ونقطة انطلاق لجرائمهم ومخالفاتهم. وأشار المصدر إلى أن الجوازات تتلقى ملاحظات وشكاوى المواطنين عبر الرقم الموحد حول الاشتباه بمواقع وأشخاص مخالفين لأنظمة الاقامة، وعلى إثر ذلك تجري التحريات اللازمة للتأكد من مدى صحة تلك البلاغات، بعد معالجتها وإدراجها ضمن الحملة الميدانية الأسبوعية، مطالبا المواطنين بالتعاون مع رجال الأمن والإبلاغ عن أية مخالفة يتم رصدها. يذكر هنا أن جوازات العاصمة المقدسة تمشط جميع المواقع والميادين والأسواق، التي يتواجد بها مخالفو نظام الإقامة، من ضمنها حي العتيبية وفق خطط معدة سلفا وعلى مدار العام، كما تباشر بشكل فوري البلاغات التي تردها حول المواقع التي تشهد تواجدا للعمالة السائبة ومخالفي أنظمة الإقامة والعمل.