إن مجلس الأمن بقواعده الحالية لا يمثل إلا القوى المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية، فمجريات الأحداث منذ تأسيسه وحتى هذه اللحظة تؤكد أن مصالح الدول الدائمة العضوية هي التي تحدد مسار ومفهوم الأمن والسلم الدوليين وترسم تحركات الأممالمتحدة بكافة أجهزتها. فمعيار حفظ السلام والأمن الدوليين وإعطاء الشعوب حق تقرير المصير وكل القضايا التي تهم الإنسانية وحقوق الانسان هي أمور مرتبطة فقط بمصالح الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن. وقد عمل المجلس على إسقاط النظام الليبي السابق بقوة الضربات الجوية خدمة لمصالح الدول الخمس التي سارت في مشروع الإسقاط بحجة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، في حين أن النظام السوري ارتكب أبشع المجازر ومازال يرتكب الإجرام بحق الشعب السوري الذي لم تشهد له البشرية مثيلا بدون أن يستطيع مجلس الأمن إصدار قرار بإسقاط النظام أو فرض عقوبات بسبب الفيتو الروسي الصيني. أما الولاياتالمتحدة والتي يفترض بها أن تكون من أكثر الدول التزاماً بالقوانين الدولية، فضربت بالقانون الدولي وبالأممالمتحدة عرض الحائط حين احتلت العراق عام 2003م، إلى أن جاء قرار المملكة بعدم قبول العضوية في مجلس الأمن كصرخة في وجه هذه المنظومة العالمية التي أثبتت عدم قدرتها على مقاربة واقع الشعوب والأمن والسلم الدوليين الخاضع فقط لمصالح الدول الدائمة العضوية. النظام السوري ما زال يقتل والكيان الإسرائيلي ما زال يغتصب الأراضي الفلسطينية فيها فساداً ويبني المستوطنات، وقضية ميانمار وغيرها مئات الحالات الدولية ومجلس الأمن يقف موقف المتفرج العاجز، حتى تبين أن منظومة الأممالمتحدة الحالية عاجزة عن القيام بواجبها المفروض في نصوصها. اليوم وقد برزت دول الخليج كقوى مصدرة للنفط وصعود تركيا الاقتصادي والعسكري يجب أن يطرح إعادة تغيير قواعد مجلس الأمن، فألمانيا أصبحت من الدول المرشحة لدخول المجلس، واليابان أثبتت قوة اقتصادية وبدأت تطرق باب المجلس بالإضافة إلى دول صاعدة كالبرازيل وأستراليا. منظمة الأممالمتحدة بحاجة لإعادة صياغة جديدة، بحاجة لأعضاء دائمين إضافيين وجدد كالبرازيل وتركيا والمملكة العربية والسعودية واليابان وأن يتم تغيير المعايير المعتمدة حالياً.. ولعل ذلك يكون بداية ربيع عالمي قانوني جديد في منظومة الأممالمتحدة المهترئة ولعله بذلك تكون العدالة الدولية قد بدأت بالظهور حقاً . * (محام في المحكمة الدولية وخبير قانون دولي)