لا يمكن أن نسمي لقاء نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف (مهندس الملف السوري)، مع معارضين سوريين «مجهولين» إلا استهتارا سياسيا بالدم السوري، لا يعكس الرؤية الروسية للأزمة السورية بقدر ما يعكس ما وصل إليه الغرب من تجاهل لما يجري في سوريا على مدار عامين ونصف العام. رفعت الأسد، المرفوض والمطرود سوريا.. قدري جميل: المتسلق دائما، ورجل مافيا رفيع، إن كل واحد من هؤلاء الحضور في جنيف يحتاج إلى شهادة حسن سلوك من الشعب السوري قبل لقاء بوغدانوف. ومع ذلك بدأت موسكو على تصدير هذه الشخصيات على أنها من جسم المعارضة السياسية، ولا يعرف الشعب السوري متى وكيف تحول هؤلاء إلى معارضين.. إنهم لا يختلفون عن الأسد إلا بالشكل، بل هم صنيعة أجهزة المخابرات. ماذا يجري.. مع إطالة أمد الأزمة السورية، وإدارة المجتمع الدولي ظهره للكارثة والدمار والظلم، تعمل روسيا بالتنسيق أو حتى بدون تنسيق على اختراق المعارضة وإعادة تفريخها من كافة الشخصيات لخلق التناقضات، بمعنى أن تسويق شخصيات مثل جميل ورفعت وغيرهما كمعارضة، يخلق ألف حالة احتراب ورفض سواء في الائتلاف، بل وحتى في هيئة التنسيق (معارضة الداخل). هذا التناقض «المفترض» هو حصان طروادة المقبل للروس والنظام معا.. إذ إن وجود هذه الأجسام الغريبة عن الجسم السوري السياسي سيطرح سؤالا هو: أين المعارضة.. عندها يصبح (جنيف2) ليس عملية انتقال سياسي ونقل سلطات واسعة إلى المعارضة، بل يصبح النقاش «فلسفيا» بلا فائدة ولا عائد على الشعب السوري.. من هي المعارضة.. ومن هم المعارضون.. وإلى ما هناك من فذلكات «أسدية».. إن هذا السيناريو هو ما سيحدث قبل نهاية العام حتما، ومن هنا يمكن قراءة التطابق (الروسي الإبراهيمي) أمس الأول عن صعوبة عقد (جنيف2) في موعده السابق نوفمبر الجاري. في المقابل، ينسحب اللاعبون الدوليون من ساحة الأزمة السورية، بدءا من الولاياتالمتحدة إلى الأممالمتحدة ذاتها. بينما يبقى الروس يرسمون خارطة التسوية على «مقاس» الأسد بعدما أصبح (9) ملايين سوري بحاجة للمساعدات.. وبلد نصفه مدمر بكروز وسوخوي الدب الروسي.