المسرح المدرسي يتطلب جهودا مضاعفة لتفعيله لما له من دعامة حقيقية وأساسية في تكوين شخصية الطالب وتجعله يكتسب تعليما إضافيا يتعلق بالشجاعة الأدبية اللازمة لخوض ميادين الحياة المتعددة، وفي الآونة الأخيرة سعت وزارة التربية والتعليم لتجديد الروح المسرحية بإيجاد مناخات تنافسية بين إدارات التعليم في مناطق المملكة. «عكاظ» بدورها وقفت على إحدى هذه المنافسات الداعمة للحركة المسرحية التعليمية والتي اختتمت مؤخرا بالمنطقة الشرقية بقاعة المسرح بتعليم المنطقة بمدينة الدمام بحضور مدير عام التربية والتعليم الدكتور عبدالرحمن بن إبراهيم المديرس ومساعده للشؤون التعليمية للبنين الدكتور سامي العتيبي على مدى ثلاثة أيام وأشرفت على فعالياته إدارة النشاط الطلابي بقسمها الثقافي شاركت فيه سبع إدارات تعليمية بمناطق المملكة، حيث امتدح هذه المنافسة التي تقف على تنفيذها وزارة التربية والتعليم وبراعة النص المسرحي والأدوار التي يؤديها ممثلو المسرح من طلاب المدارس. وأوضح رئيس القسم الثقافي بإدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية سامي بالطيور أن البرنامج تنافست فيه سبع إدارات تعليمية قدمت خلالها مسرحيات ذات عناوين متعددة ونصوص مسرحية ببناءات درامية متنوعة أديت جميعها على خشبة المسرح وتولت لجنة تحكيم متخصصة تقييم هذه الأعمال تمهيدا للانتقال للمرحلة الثانية ومن ثم النهائية بمنطقة تبوك وقد تأهل منها مسرحية نحيا من تعليم منطقة مكةالمكرمة ومسرحية تدافع من تعليم محافظة الطائف. وأشار إلى أن لجنة التحكيم قامت بتقييم عدة محاور رئيسة في العروض المقدمة منها تقييم العرض المسرحي من حيث الحركة والإيقاع وتوظيف الديكور والملابس والإضاءة والمكياج والمؤثرات الصوتية، فيما تقييم مخرج العرض تضمن توزيع الحركة المسرحية والمعالجة الدرامية والتكوين والتأكيد والثبات والتوزان، وتوظيف النص وتوظيف عناصر العرض وتوزيع الأدوار المسرحية وتوظيف السينوغرافيا. وتضمن تقييم الديكور مقاربة الهيئة لموقع الحدث وخدمة الديكور للنص والانسجام مع عناصر النص والبعد الجمالي والتوازن والسهولة والمرونة والإبداع والابتكار، وكذلك تقييم النص من حيث وضوح القيمة والرسالة وتنوع الصراع ومناسبة النص للمرحلة وتوافق الزمان والمكان ووضوح الحبكة وتوظيف الشخصيات في النص والبناء الدرامي وتتابع الأحداث إلى جانب تقييم الممثل من حيث جودة الأداء واستخدام لغة البدن والتلوين الصوتي ودرجة الإحساس والانسجام مع عناصر العرض ووضوح الصوت والحضور الفني ويضاف إلى ذللك تقييم المؤثرات الصوتية وانسجامها مع النصوص وتغطيتها للفراغ الصوتي وتأثيرها على المتلقي. وبين أن جوائز المنافسة سيحظى بها أفضل عرض مسرحي متكامل العناصر وأفضل مخرج وأفضل ديكور وأفضل مؤثرات صوتية وأفضل نص وأفضل ممثل أول وثاني وثالث. الدكتور صالح بن معيوض الثبيتي رئيس النشاط الثقافي بتعليم محافظة الطائف أشاد بدور تعليم المنطقة الشرقية في تكريمه لمن عمل في دعم الحركة المسرحية في المنطقة على مدى عشرين عاما ومنهم عبدالعزيز العطا الله، ومعتز العبدالله لجهودهما السديدة في عملية دفع المسرح التعليمي نحو الصدارة. رائد المسرح الخليجي عبدالله العبدالمحسن سألناه عن صعوبة الكتابة للطفل مسرحيا وقصصيا وتقديمها مضمونا على قالب مسرحي يجسد على الخشبة وهل ثمة تعال واضح من الكاتب للكتابة لهم فقال «بما أنني رائد مسرح الطفل في منطقة الخليح العربي فإنني أرى أن هناك إقبالا واضحا على قصائد الأطفال من قبل الكتاب والشعراء وقلة تكتب في القصة للطفل، وأقل في مجال مسرح الطفل.. والسبب لا يعود إلى التعالي في الكتابة للأطفال وإنما إلى صعوبة الكتابة للطفل. فالكتابة للطفل تتطلب من الكاتب التعرف الواعي إلى مراحل نمو الأطفال؛ لأن لكل مرحلة من مراحل نموهم خصائصها النفسية والفسيولوجية التي تعتمد عليها درجات النمو العلمي لدى الأطفال سواء من ناحية المستوى اللغوي أو مستوى التحصيل المعرفي والخبرات والتجارب والأحلام». وقال هناك أيضا أساس نفسي لأدب الطفل يتمثل في قياس استعددا الطفل للاستفادة من الأدب وهذا يتطلب معرفة نضج الطفل، وهدف الطفل مما يتعلمه من الأدب. فكيف يتمكن الأديب أن يكيف الأهداف الأدبية ويقدمها للطفل بالصورة التي تلائم تفكيره وتتفق مع استعداداته المختلفة واتجاهاته وميوله». ونظرا لكل تلك الأسس، لذا نجد الكتاب والباحثين والمربين يرون أن الكتابة للصغير تعتبر من أصعب المهمات، وكما قال الدكتور أحمد حتوره: إن إعادة صياغة عمل أدبي للأطفال ليس بالأمر الهين. وأيضا نجد الدكتور هادي الليثي يقول: كتابة الأدب للأطفال من الفنون الصعبة، وتتأتى من جوانب عدة من أبرزها ما يتميز به أدب الأطفال من بساطة، ومعروف أن أبسط الفنون الأدبية على القارئ أصعبها على الكاتب.. فالأديب الذي يكتب للأطفال أسير عدد من الشروط من بينها وجوب توافق الإنتاج الأدبي مع قدرات الأطفال وحاجاتهم. وتقول اندريه شديد: إن الكتابة للطفل تحمل نقيضا يستحق التوقف عنده، فبقدر ما يقل عمر الإنسان بقدر ما تصعب الكتابة له والدخول إلى عالمه الخاص. يجب أن تمتلك خيال الطفل وأنت تكتب. ويقول الأستاذ أحمد نجيب: كاتب الأطفال عملة نادرة ينبغي تشجيعها والحفاظ عليها. وأنا بحكم خبرتي الطويلة حوالي 40 سنة في الكتابة للأطفال في مجال المسرح والقصة والقصيدة أرى أن مسألة الكتابة للصغير تتسم بصعوبتها حيث تتطلب امكانات خاصة في الكاتب ومعايشة الجو للطفل ومعرفة اللغة وقدرات الصغير واستعداداته حسب كل مرحلة يمر بها وأقول بكل صراحة إن الفرد مهما يكن متخصصا أو متهما في مجال مسرح الطفل لا يستطيع أن يتجاوز كل الانتقادات والثغرات التي ستوجه للتأليف.. بالرغم من كتاباتي الكثيرة لمسرح الطفل والتي بلغت الثلاثين مسرحية للأطفال منذ 1390ه إلى الآن.. لكني أرى أن الكتابة للصغير ينبغي أن تمر بجملة أهداف ومحطات (التربوية منها والروحية والاجتماعية وكذا عقليته ونفسيته وبيئته ولغته) حتى يتمكن الكاتب من تجاوز المزلقات. سألنا رئيس لجنة المسرح بجمعية الثقافة والفنون بالدمام عبدالله الجفال عن إمكانية إيجاد مسرح تعليمي ينقل القيم العقلية والمضمونية من حيز العقل إلى لغة جمالية حركية، فأجاب «لا شك بأن نقل القيم العقلية من حيز العقل إلى لغة جمالية حركية لها دور كبير في تعزيز فهم الطفل للمادة أيا كان مشربها. ومن هنا كان الشكل الفني من الكلمة سواء أكانت مسموعة أم مرئية ضروري بأي صنف من صنوف اللغة اعتمد عليها لأنه يحمل المتعة والتشويق مع تحقيق الرسالتين العلمية والجمالية معا». وبالسؤال عن المعاناة المتكررة في غياب وفقدان المسرح الخليجي والعربي إلى حد ما وما إذا كان سببه فعليا إفلاس الوطن العربي لكاتب النص المسرحي قال «الوطن العربي يمر في أسوأ حالته، والمسرح كما نعرف يعكس نبض الشعوب في كل مراحله التي يمر بها. فإذا كان المسرح بذات الصدق الذي تحدثنا عنه فلا بد أن يعيش ذات الضعف تقوقعا وتصدعا. ولكن في كل الأحوال يبقى التوصيف بريقيا فمن السواد ينبثق النور فتجد نصوصا هنا أو هناك تتصف بالقدرة على مناهضة الواقع وا?ستقلال عنه باتجاه الأسمى تطلعا. بالنسبة لنا فإن المثقف أمي ? يعي أهمية للدراما المسرحية وهو بالكاد يعرف مراكز الفنون المنتشرة في بلاده. هناك حلقة مفقودة ما بين الثقافة والفنون. لذا تجدنا نتخبط في عشوائية بغيضة تصبح مع الوقت عالة على الفن وليست رديفة و? رافدة له». وعن نوعية المسرح الذي يناسب إدراك ووعي الطالب والمنطلقات الدرامية التي يجب أن تتوفر في هذا المسرح قال الجفال: علينا أو? وقبل كل شيء اختيار النص المناسب وتحديد الفئة المستهدفة من خلال تحديد قاموسها اللغوي ود??ته التربوية. وفي هذا الخصوص يجب علينا تحديد احتياجات كل فئة عمرية على حدة. حينما تكون عقدة النص المسرحي سليمة في استلهامها من الواقع.