كنت صغيرا جدا حد أنني لا أفرق بين البئر والطريق علق لي أبي بكرة في النافذة صنع من علبة أناناس دلوا صغيرا ربطه بحبل، وقال لي: هذه بئرك! كلما سمعتُ امرأةً تهش أغنامها ولداً خائفا ينادي أمه التي اختفت وراء الأشجار بنتا طائشة تغني للفراشات رجلا في طريقه إلى المسجد يهلل ويكبر كثيرا عجوزا مستعجلا يحث حماره البطيء على السير ... أمد الدلو إلى قاع الطريق أغترف الكثير من الوجوه التي لا أراها والكلمات التي لا أميز معناها بدقةٍ أرفعها إلى الأعلى وأصبها في كرتون إلى جواري حين يجف الضوء في الطريق ولا يعود دلوي قادرا على الاصطياد في الظلام أقلب الكرتون فتتطاير الوجوه والأصوات أظل أطاردها من غرفة إلى غرفة ومن حلم إلى حلم حين أستغرق في النوم ... كنت صغيرا جدا حينها.