تؤرق ظاهرة باعة العسل والسمن الجائلين بمنتجع السودة السياحي بمنطقة عسير المواطنين والزوار على حد سواء، وتثير مخاوفهم وتساؤلاتهم حول جودة العسل المعروض على المستهلك، خاصة في ظل انتشار عشرات الباعة الذين يتخذون من المظلات العامة مقارا لهم في سعيهم لتسويق ما لدينا من عسل مدعين أنه من حصاد مناحلهم الخاصة بمحايل عسير وأقاصي جبال جازان. «عكاظ الأسبوعية» وقفت ميدانيا على مواقع الباعة الجائلين في السودة، إلا أن هذه الزيارة لم يكن مرحبا بها بعد أن بدت على عدد منهم ملامح الانزعاج والريبة، ففي الوقت الذي رفض فيه البعض الإجابة على الاستفسارات المتعلقة بجودة معروضاتهم وأسباب تفاوت أسعارها، أجمع الباعة على أن عسل السدر يعد الأفضل بالرغم من تفاوت سعره من شخص لآخر، ولم يتطرق الجميع إلى جودة المعروض أو عمليات الغش التي يشكوا منها المواطنين وزوار المنطقة، ووسط عدم الارتياح من وجود الكاميرا تحدث أحدهم باستيحاء عن الصفات التي تميز العسل الجيد من المغشوش، مثل والرائحة والمذاق، ولا يدركها غير من يملك الخبرة الكافية في هذا المجال. ريبة وحذر في البداية تحدث سليمان المشيخ (بائع) مطولا، عن أصناف العسل التي يعرضها، والتي تنوعت ما بين السدر، المجرة، شوكة، طلحة وضهيانة، فضلا عن غذاء ملكة الملكة وغيرها من الأصناف، وقال «السدر هو أفضل أنواع العسل، والإقبال ممتاز خلال موسم الصيف أما عقبه فالإقبال ضعيف للغاية». بدوره قال المواطن يحيى بن لاحق (نحال)، إن الباعة الجائلين يؤثرون سلبا على تجارة النحالين الذين يعرضون منتجات مناحلهم الموثوق بها، خاصة وأن الكثير من المواطنين والزوار لا يفرقون بين العسل الطبيعي والمغشوش، وأما النحالون فهم بلا شك يستطيعون بناء على خبرتهم التفرقة بين العسل الطبيعي والمغشوش، ويستطيعون تميز أنواعه، ونظرا لفوائد العسل الكثيرة والتي وردت فيها نصوص قرآنية ونبوية كريمة، فإن الناس يسعون إلى الحصول على الجيد منها كشفاء لكثير من الأمراض بإذن الله، ويضيف «لو تم تحديد مكان مخصص لبيع العسل، فهذا من شأنه الحد كثيرا من التلاعب في الأسعار أو حتى الغش فيه». تكثيف المراقبة من جانبه، أوضح ل«عكاظ الأسبوعية» المتحدث الرسمي باسم إمارة منطقة عسير سلطان القحطاني، أن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير عسير، أصدر توجيها لمدير فرع وزارة الزراعة بعسير بمراقبة باعة العسل والسمن المتجولين وغيرهم في كافة أرجاء منطقة عسير، وخصوصا المواقع السياحة التي يكثر فيها المصطافون، والتعامل معهم بكل حزم وتوقيف كل من يثبت غشه، كما تضمنت التوجيهات بعدم السماح لأي شخص بممارسة بيع العسل إلا بتصريح من الزراعة حفاظا على حقوق الناس وسمعة المنطقة. وأضاف «وجه سموه كذلك بتشكيل لجنة من الأمانة، الزراعة، الشرطة للتنفيذ حملات مكثفة ومفاجئة على باعة العسل بالمنتزهات والتأكد من حصولهم على تصاريح البيع والتأكد من سلامة ونقاوة العسل المعروض ومن يثبت غشه يتم مصادرة الكميات المضبوطة، فيما تتولى البلدية بعد ذلك إيقاف المخالفين ومجازاتهم وبما يتوافق مع المخالفة». حلول ملائمة من جانبه، كشف مدير فرع وزارة الزراعة بعسير المهندس فهد الفرطيش، عن لجنة ثلاثية مكونة من الإمارة، الزراعة، والأمانة لدراسة الحلول الملائمة لباعة العسل والسمن الجائلين العام المقبل، وقال «لا يمكن الكشف عن العسل المغشوش بالتحاليل في المختبرات» ويضيف «يمكن الكشف عن الغش في الغالب بطرق بدائية وهذا يتم من قبل أشخاص لديهم الخبرة الكافية وبإمكانهم معرفة العسل النقي من المغشوش من خلال الرائحة أو المذاق، وبدورنا نقوم بإجراء التحاليل عبر المختبرات لمن رغب في ذلك». وحول مقترح استقطاب باعة العسل الفعليين وتنظيم عمله قال الفرطيش «حاولنا إغلاق الطريق على الباعة المتجولين وفتح المجال للباعة الفعليين للعسل الجيد خلال اجتماع عقدته مع النحالين الفعليين بمشاركة أمين منطقة عسير، ولكن اتضح أنهم لا يملكون المنتج الكافي الذي يغطي الطلب». فحص العسل وكشف الفرطيش، أن وزارة الزراعة تعمل على تأمين أجهزة متطورة لفحص العسل بشكل فوري في كل من عسير، الطائف والباحة وقال «لدينا جهاز لكشف العسل لكنه غير مجدي والوزارة ستؤمن قريبا أجهزة مناسبة». وحول نسبة السكر في العسل قال «لا يتم الكشف عن جودة العسل من خلال نسبة السكر، لأن نسبة السكر تتفاوت من نوع لآخر وفق الأزهار التي يتم جني العسل منها، حيث أن بعض الزهور تكون نسبة السكروز فيها عالية، وبعضها الآخر تكون النسبة فيه منخفضة، كما تختلف الأنواع أيضا تبعا لاختلاف المناطق التي يجنى منها العسل»، ويضيف «يظهر أحيانا من خلال التحاليل نسبة السكر والمركبات الكربوهيدراتية وغيرها، ولكن لا يتم تحديد ما اذا كان العسل مغشوشا أم لا». وزاد «لدينا نحالون جيدون ومدربون ونستعين بهم وقت الضرورة في تحديد نوع العسل وجودته»، وتابع «طرحنا حلولا تتمثل في تولي جمعيات النحالين الجديدة في عسير عمليات الكشف عن جودة العسل المعروض بالأسواق، وذلك بالتنسيق مع الزراعة وأمانة منطقة عسير بدءا من العام المقبل بالتنسيق مع الزراعة وأمانة المنطقة». تنظيم البيع إلى ذلك، بين رئيس بلدية السودة سعود الحارثي، أن أمانة منطقة عسير ممثلة في فرع السودة تبذل جهودا جبارة لتنظيم بيع العسل والحد من ظاهرة تسويق المغشوش وقال «ننفذ جولات متواصلة على الباعة الجائلين، وبعضهم يرفض بشدة سحب عينات من العسل المعروض ويغادر بعضهم الموقع». وحول جهود الأمانة للحد من انتشار هؤلاء الباعة بشكل غير منظم قال «تتخذ الأمانة إجراءات متعددة للحد من الظاهرة، منها سحب ومصادرة الكميات المعروضة إلى جانب فرض غرامات مالية بحق المخالفين». وزاد «تردنا شكاوى عدة من المواطنين بخصوص باعة العسل الجوالة، ومن جانبنا نتابع هذه الشكاوى باهتمام ونتخذ حيالها الإجراءات اللازمة»، مشيرا إلى أن تواجدهم بهذا الشكل غير المنظم في السودة أمر غير مقبول، خاصة وأن الأمانة تقدمت بمقترح حصر بيع العسل من خلال الباعة الحاصلين على شهادات وزارة الزراعة على حد قوله. سوق خاص وفي سياق ذات صلة، علمت «عكاظ» أن مركز الامارة بالسودة تقدم بخطاب لامارة منطقة عسير لوضع سوق خاص للعسل يخضع لرقابة فرع وزارة الزراعة والأمانة، على أن يخضع السوق للرقابة الصحية من الجهات ذات الاختصاص.