تشكل الصورة الصحفية عنصرا مهما في نقل الخبر وتعريف القارئ به، ومن نافلة القول وصف العصر الحالي بأنه عصر الصورة لأنه بحق غدا أكثر العصور تصديقا لمقولة «الصورة تغني عن ألف كلمة» التي قالها أحد الحكماء قديما، وإذا كان هذا هو شأن الصورة من حيث الدور الذي باتت تقوم به فلا شك أن المقصود هو القوة التعبيرية الكامنة في إمكانات الصورة لا الصورة ذاتها من حيث اعتبارها وسيلة للتخاطب، فالصور الرديئة ذات المقدرة التعبيرية الضعيفة لا يمكن أن تغني عن ألف كلمة بأي حال، والصورة لا تستوفي شرطها التعبيري عادة ولا تقوم بدورها الوظيفي كعين ثالثة في النقل والخطاب إلا إذا كانت طبيعية وتقوم على الرصد الزمني المباشر للحدث الذي تسجله بكل تلقائيته دون تدخل أو افتعال أو تزييف. وفي موسم الحج الحالي لاحظت «عكاظ» خلال جولتها لجوء عدد من المصورين الذين يغطون أداء المناسك بالتدخل لإضفاء مدلولات مؤثرة على وجوه بعض الحجاج حتى تصبح الصورة أكثر جاذبية في الإشارة إلى معاني الخشوع، حيث يقوم المصور بالاتفاق مع الحاج وإقحامه شعوريا في الحالة التي يريدها ثم يضبط أعضاءه في زاوية معينة ويعدل وجهه وكيفه باتجاه السماء ليوحي بمعاني الضراعة وبعد ذلك يلتقط الصورة. حول ذلك، قال المصور عبدالعزيز اليوسف الذي هجر التصوير: «إن مهنة التصوير مهنة رائعة ولا شك أن روعتها تنبع من التقيد بنقل الحدث دون وسيط أو افتعال وقد انخرطت أكثر من 25 عاما في مهنة التصوير وطوال هذه الفترة كان واقع ممارسة مهنة التصوير مقيدا بتقاليد هذه المهنة وأصولها»، وأضاف: «وفي السابق نفسه كان التقيد بقواعد المهنة من قبل المصورين وسيلة لفرز المصور الحقيقي من المصور المزيف»، وتابع: واقع المهنة الآن تحول إلى صناعة أكثر منه مهنة والأجهزة المتطورة ساعدت دخلاء المهنة على الإساءة إليها فمن الصعب الآن التعرف على المصور المحترف الموهوب من غيره». ومن جهته، اعتبر المصور عبدالرحمن الفقيه من صحيفة المدينة، أن المصور الحقيقي هو من يوثق علاقته بالكاميرا وينمي وعيه بطبيعة الدور الذي تعلبه الصورة ويجعل من ذلك منطلقا للبحث عن الصور والمشاهد الأكثر تعبيرية عن حقيقة الحدث الذي يجري أمامه بصرف النظر عن طابع المدلولات الشعورية التي يسجلها إن كانت إنسانية أو غيرها فمن المهم ألا تصبح الصورة صماء وتشير بوضوح إلى معاني الحدث الذي تنقله، ورأى أن مهنة التصوير في الوقت الحاضر أصبحت تعج بالغث والسمين ومن الصعب التفرقة بين المصور المحترف من المزيف. وحول التدخل في مدلولات الصورة، قال: «التدخل في مدلولات الصورة أو إضافة مؤثرات على عناصرها الأصلية تحول إلى الصورة صناعة ولكن ذلك لن ينفي الحقيقة المؤكدة أن مرتكب هذه الممارسات يسرق جهد غيره ويلقي على كاهله مسؤولية جسيمة في هذا الصدد».