بعد أن كان اقتناء «السبحة» أو «المسبحة» حكرا على الرجال لعقود من الزمن، إلا أنها دخلت في السنوات القليلة الماضية عالم الموضة والجمال للمرأة العصرية، واصبحت نافذة للتباهي بالنفيس والغالي منها، خاصة أن روعة التصاميم وخفة وزنها وتفاوت أسعارها ساهمت بلا شك في الإقبال عليها واقتنائها من قبل المرأة عموما أو حتى لتقديمها هدية قيمة بعد أن دخل الذهب والالماس في جوهر صناعتها.. «عكاظ الأسبوعية» تحاول من خلال التقرير التالي سبر أغوار موضة السبح الدخيلة على خارطة طريق جمال واناقة المرأة العصرية.. أنواعها ومكوناتها واسعارها ومدى انتشارها بين بنات حواء. وتجوب هيفاء محمد الأسواق والمراكز التجارية المتخصصة في بيع السبح داخل المملكة، أو خلال سفرياتها المتعددة إلى دول الخليج لشراء افضلها جودة وأغلاها ثمنا، وفي هذا السياق تقول هيفاء «أحب اقتناء أنواع معينة من السبح دقيقة الحبات المصنوعة من الكريستال والمدمجة بالإكسسوار مثل الفضية والذهب أو الملونة، أو تلك المصنوعة من الأحجار الكريمة، وهذه السبح تفضلها بعض النساء اللاتي تجاوزن الأربعين، ويعتبرنها من الكماليات التي تضيف مظهرا مهيبا وأنيقا. فيما تفضل ميساء الغامدي، السبح ذات الإكسسوار والحلي النسائية التي تدخل في صناعاتها الأحجار الكريمة، معللة ذلك بالقول «هذا النوع من الحلي ينم عن الأصالة والرقي، بالإضافة إلى انه يستخدم في الملابس التراثية والتصاميم المحتشمة التي تميزت بها المرأة العربية بصفة عامة والخليجية على وجه الخصوص». وتقول الخالة شمه صالح إنها تمتلك أنواعا مختلفة من السبح منها الغالي والرخيص، وعن سر اهتمامها بها ذكرت أنها تحملها على الانشغال بالتسبيح وذكر الله، فحملها بيدها يذكرها بالله والتقرب إليه بالدعاء والابتهال عوضا عن الانشغال بالحديث غير المجدي والانغماس في لهو الحياة. ولا تفضل رويدة علي، حمل السبح واقتنائها كونها تناسب الرجال أكثر من النساء، كما تناسب السيدات الكبيرات في السن أكثر من الفتيات الشابات، مشيرة إلى أنها أفضل هدية يقدمها المرأة للرجل، ولا ترى أن لها علاقة بأناقة المرأة إلا إذا أدخلت ضمن تصميم الإكسسوارات الملابس العصرية. معتقدات خاطئة وأوضح ل«عكاظ الأسبوعية» علي قايد بائع متخصص في السبح والأحجار الكريمة ان 60 في المائة من النساء يفضلن السبح ذات حبات الذهب والفضة والأحجار الكريمة من الألماس والياقوت والزفير والزمرد، مبينا أن الكثير من الرجال و النساء يقتنون السبح لأغراض جمالية وأيضا للتباهي بمكوناتها من الأحجار النفيسة، ويرى قايد أن البعض يقتني انواعا معينة من السبح ليس لإشباع رغبتهم في التجمل والتزين بل لتحقيق المعتقدات الخاطئة التي يؤمنون بها، فمنهم من يعتقد أن إحاطة بطن المرأة بالسبحة المصنوعة من اليسر تساعد في تسهيل الولادة، وبعضهم يرى أن شرب الماء المنقوعة فيه السبح المصنوعة من بعض الأحجار يساعد على الشفاء من بعض الأمراض النفسية، فيما يعتقد البعض الآخر ان بعضها يعزز القدرة الجنسية، وذكر ان أسعارها تتفاوت حسب نوعية المواد المستخدمة في صناعتها، وغالبا ما تراوح ما بين 50-200 ألف ريال مع استبعاد السبح البلاستيك. صناعة مكية من جانبه، ذكر وائل عدنان الصائغ المتخصص ابن عدنان الصائغ الجواهرجي الشهير بمكةالمكرمة أن السبحة أصبحت مظهر من مظاهر العبادة يحرص عليها الكثيرون، وقال «يفد إلينا الكثير من الحجاج والزوار والمعتمرين، بحثا عن النوعية التي تتسم بالصناعة المكية دون غيرها». وأشار الصائغ، إلى أن حبات السبح تختلف في عددها حسب العقائد الدينية، فغالبية المسلمين يرون أن عدد حبات السبحة عادة هو 33 حبة حسب عدد الذكر الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، موضحا أن استخداماتها تختلف من شخص لآخر فهناك من يتخذها ليكرر التسبيح والذكر بعدد حباتها ومنهم من يتخذها ترفا ووجاهة ومظهرا، وهؤلاء يحرصون على اقتناء أغلى الأنواع والمصنوعة من الأحجار الكريمة النفيسة، ومنهم من يتخذها كنوع من التخفيف من التوتر وذلك من خلال التلاعب بها بين أصابعه، وهناك من يقتنيها لأسباب ومعتقدات مخالفة للعقيدة، مبينا ان أشكال حباتها تختلف حسب أذواق ورغبات من يقتنيها فمنها الشكل الكروي والشكل البيضاوي والشكل الاسطواني وأشكال أخرى متعددة كما أنها مصنوعة من عدد كبير من الخامات منها الأحجار الكريمة والخشب والخزف والزجاج والبلاستيك وبذور بعض النباتات والمعادن البحرية، وهناك من الحجاج من يبحث عن السبح ذات الحبات المصنعة من أفخم أنواع الأحجار الكريمة ويزداد الطلب على السبح المصنعة من حبات اليسر. وذكر الصائغ أن حبات السبح تتفاوت في العدد و أشهرها 33 حبة و66 حبة و99 حبة وتتكون من الحبات والفواصل والمئذنة أو المنارة والشرابة، والفاصلة هي القطعة التي تفصل بين المجاميع الثلاث لحبات المسبحة الواحدة ويكون عددها فاصلتين، ففي حالة المسبحة ذات (33) حبة تقع الفاصلة بعد كل (11) حبة والتي تمثل جزءا من أقسام المسبحة، وهكذا الحال بالنسبة لبقية أنواع المسابح حسب عدد الحبات. أما تسمياتها فتختلف حسب الدول والمناطق أو حسب اللهجات العامية فيها فهناك من يسميها بالشواهد، وعادة ما تصنع من نفس مادة الحبات وأحيانا يستعاض عنها بمادة أخرى مغايرة (كالذهب أو الفضة)، وقد تطعم الفواصل الذهبية أو الفضية بأحجار المجوهرات الثمينة أو تلون بمادة الميناء أو تزخرف بشكل جميل متناسق مع شكل المنارة. ويتطلب الأمر أن تكون الفواصل متناسقة من حيث الحجم والشكل فلها أشكال متعددة منها الكروي والمستطيل والاسطواني. وبين الصائغ أن السبحة او المسبحة تمر بعدة مراحل في التصنيع تبدأ باختيار نوعية الخام، ثم مرحلة الخرط والتثقيب والصقل والتلميع والتطعيم والجلي والتنظيم والتكتيل. وتطرق الصائغ إلى أنواع السبح الأكثر مبيعا بالقول «يعد اليسر الأكثر مبيعا خاصة أن مكةالمكرمة تشتهر به، ثم تلك التي تصنع من الكهرمان وتتفاوت أسعارها حسب نوعية الخام المصنعة منه ثم الإخراج النهائي لها من زخرفة وحفر». ترف اجتماعي وترى الباحثة الاجتماعية آمال أبو العلا أن اقتناء السبحة «برستيج» اجتماعي ووجاهة، والسبح وافد دخيل إلى زينة الرجل المحدودة، كما تعتبر موضة سائدة بين النساء يفاخرن بها وبنوع الأحجار النفيسة والمصنعة منها. وترى أن حملها في اليد واستخدامها في التسبيح يخفف التوتر العصبي، وربما يجدها البعض وسيلة تقودهم للتفكير العميق الهادئ أو كبت المشاعر ولكن الكثير من الناس يعتقدون فيها اعتقادات خاطئة تخالف الدين الإسلامي وربما تخرج هذه الاعتقادات الخاطئة الإنسان من الملة.