يعد شارع الأعمدة، أحد أشهر شوارع المدينةالمنورة وأكثرها كثافة بشرية وأقلها تنظيما، فالشارع الذي لا يبعد عن المسجد النبوي الشريف سوى بضعة أمتار، قد يكون الشارع الوحيد الذي يجمع خليطاً من السلبيات التي قد لا تتكرر في شارع أو منطقة أخرى، فبالرغم من امتداده من الجنوب الى الشمال، فإن عرضه لا يسمح بمرور مركبتين متجاورتين، ويصعب التعرف على بداية الطريق أو نهايته، ومن يتجول في «أعمدة المدينة» يجد تزاحم المحال التجارية بعشوائية، والمتخصصة في بيع أدوات الكهرباء والسباكة، ويرصد قاصد «الاعمدة» كيف تمارس العمالة الوافدة العبث بعيدا عن أعين الرقيب، ولا يتوقف الأمر عند ذلك. بل هناك «افريقيات» يفترشن الأرصفة وباتت مباسط الافريقيات مقصداً لمحبي «القورو»، إلى جانب أن هذا الشارع الحيوي والهام يفتقد للتنظيم والتخطيط واللوحات الإرشادية، وفي أزقة الشارع المتفرعة الى داخل الحي، تتم صفقات توفير عاملات المنازل والأفراح، وفيه تجد عمال المقاولات ومن يبيع المسروقات. «عكاظ الأسبوعية» تجولت في الشارع المذكور بحثا عن هويته الضائعة، وبحثا عن الخارطة التي تعيد «الأعمدة» للماضي الجميل. ضياع «الأعمدة» في البداية أوضح ل«عكاظ» محمد الجهني أن حي شارع «الأعمدة» يعد من أقدم الشوارع في المدينةالمنورة، ويقع بالقرب من المسجد النبوي الشريف، ملاصقا للمنطقة المركزية من الجهة الشرقية، وكان ملتقى لأبناء المدينة وخاصة في ليالي شهر رمضان المبارك، حيث تمارس الألعاب الشعبية الرمضانية وسط أجواء حميمية تسودها المحبة والسعادة، ومع التقدم الحضاري تحول الشارع إلى وعاء للمخالفات يستقطب العمالة السائبة المخالفة، ويحتضن محال الكهرباء والحدادة والنجارة العشوائية. وأضاف الجهني «ربما تعد كلمة (الهروب)، أبلغ وصف لمن يستطيع الخروج من الشارع، بعدما تحول إلى بؤرة للعديد من المخالفات، وصار حاضنا لأعمال الكهرباء والسباكة والنجارة»، وطالب الجهني الجهات المختصة بضرورة التواجد المستمر لمنع استمرار المخالفات. العمالة السائبة في المقابل ذكر ياسر ملا، أن شارع الاعمدة بات يستقطب العمالة السائبة، الباحثة عن الإيجارات المتدنية، ويضيف «لم تنجح محاولات أهالي الأحياء المجاورة لشارع (الاعمدة) في الحد من تجاوز العمالة السائبة، والشارع الضيق والعشوائي في حاجة ماسة لتدخل الجهات ذات العلاقة، مثل الأمانة وهيئة التطوير لإخراجه مما هو عليه». وبين عادل العوفي، العمالة السائبة تنتشر أمام المحال التجارية الخاصة بالأدوات الكهربائية والنجارة والسباكة وغيرها من المحال، حيث أصبحت تشكل ظاهرة غير حضارية في ظل حرص هذه العمالة على عمل كل شيء، وهو ما جعل اسمها مرتبطا ببعض الجرائم التي تشهدها المدينةالمنورة أقلها عمليات السرقة وغيرها من الأعمال الإجرامية، إلى جانب أن هذه العمالة غير مدربة ولا تتقن عملها ولا تخضع للمحاسبة أو المساءلة في حالة عدم إتقانها للعمل الذي تقوم به. خطر «الأفريقيات» بدوره، ذكر أحمد كعكي أن شارع الاعمدة يشهد انتشاراً واسعاً لمباسط «الافريقيات» التي تنفرد بيع ثمرة «القورو»، بالإضافة الى تفشي ظاهرة الاتجار بعاملات المنازل، وأضاف كعكي إن وجود تلك المباسط بات يشكل ضررا على مستوى الصحة العامة والاقتصاد من خلال المبالغ المرتفعة التي يجنيها هؤلاء «الافريقيات» من جراء تأمين عقود العاملات غير المتخصصين ومجهولي الصحة البدنية، وطالب بضرورة تكثيف الرقابة لمنع انتشار هذه الظاهرة المريبة بحسب وصفه . العشوائية من جهته، ذكر عبدالمجيد الذبياني أن العمالة السائبة في شارع «الاعمدة» تسببت بمشاكل تنظيمية واجتماعية، حيث أصبحت سببا لعشوائية الشارع والازدحام وبات تشكل عبئاً على الجهات المختصة، حيث أصبحت مصدر ضغط كبير على الخدمات التي تقدمها الجهات المختصة لتطوير شارع «الاعمدة» والأحياء المجاورة له . تصدير الجرائم وذكر منصور الرحيلي أن شارع «الاعمدة» أصبح مرتعا خصبا لتصدير الجريمة، وظهور وانتشار العديد من المشكلات السلوكية المخالفة للأنظمة، مؤكدا أن عشوائية «أعمدة المدينة» ساهمت وبشكل كبير في انتشار مشكلة تنوع الجرائم وما قد تمارسه العمالة السائبة من سلوكيات غير سوية، مثل السرقة والعنف وتعاطي المخدرات بأنواعها، وهو ما يعني أن الشارع قد يتحول الى «قنبلة موقوتة» تولد الجرائم بأنواعها. وأضاف «عشوائية الشارع قد تنعكس سلبا على مرتادي الاعمدة، حيث يشعرون بالخوف على مركباتهم، وبالتالي يفتقد المارة الشعور بالطمأنينة». غياب الخدمات في المقابل ذكر عمدة حي «الاعمدة» فهد العوفي، ان السبب الرئيس لانتشار العمالة السائبة المخالفة لنظام العمل والعمال يعود الى قدومهم من الأحياء المجاورة لشارع «الاعمدة» حيث يسكنون هذه الأحياء لأسباب عديدة، منها رخص الإيجار تحديداً، وهو ما ينتج عنه الكثير من الجرائم أقلها كثرة السرقات. وذكر العوفي، أن الشارع يفتقد للتنظيم المروري والتخطيط السليم الذي يساهم في انسيابية الحركة المرورية، وبالتالي الحد من حوادث الدهس التي يشهدها الشارع، وقال «يزخر الشارع للأسف بالكثير من الأطفال، الأمر الذي يعرض حياتهم للخطر بصفة مستمرة، وأضاف من هنا يجب على الجهات المختصة أن تتخذ خطوة إيجابية نحو شارع الاعمدة». وبين العوفي، ان عشوائية الشارع وسوء البنية التحتية قد يشكلان خطراً من الناحية الصحية في المستقبل القريب، ويصبح بيئة تساعد في انتشار الأمراض التي قد تكثر بسبب سوء الصرف الصحي الذي دائما ما يكون فيها سيئا جدا، وأضاف، تتراكم النفايات على جانبي الشارع، لكثافة المحال التجارية بمختلف أنواعها . رقابة مرورية من جهة أخرى أكد ل«عكاظ» مدير وحدة الأمن والسلامة والناطق الاعلامي في مرور منطقة المدينةالمنورة العقيد عمر النزاوي، ان شارع الاعمدة يخضع لرقابة مرورية مكثفة وذلك لحجم الكثافة البشرية، بالإضافة لتزايد عدد المركبات في الشارع. وختم النزاوي بالقول «يتم صيانة اللوحات الإرشادية المرورية باستمرار للمساهمة في سلامة المارة والمركبات من خلال اتباعهم لإرشادات الطريق، كما تم تحديد السرعة في الشارع لتتماشى مع الكثافة البشرية وكثرة المحال التجارية».