رجح خبراء اقتصاديون أن تكون الارتفاعات في أسعار النفط على خلفية توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري مؤقتة ولن تستمر طويلا، مشيرين إلى أن الأحداث في سورية لن يكون تأثيرها كبيرا، كما لو كانت موجهة ضد إيران بسبب برنامجها النووي. وقال الدكتور محمد الرمادي أستاذ المالية والاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، إن السوق العالمية سرعان ما تمتص تداعيات الضربة العسكرية ضد سورية، وبالتالي فإن الأسعار ستعود إلى المستويات الاعتيادية، مشيرا إلى أن التحرك العسكري الأمريكي – الأوروبي ضد سورية بسبب استخدامها للسلاح الكيماوي ضد المدنيين لن يحول المنطقة إلى كتلة لهب، لاسيما وأن جميع التسريبات لا توحي باستمرار تلك الضربات لفترة طويلة، إذ ستكون بمثابة عمل جراحي لن يستمر لأكثر من عدة أيام. وأضاف أن الارتفاعات الكبيرة في أسعار النفط لا تصب في مصلحة الدول المنتجة، لاسيما وأن الزيادة الكبيرة تدفع تلك الدول للبحث عن بدائل أخرى وكذلك ضخ الاستثمارات لاكتشاف النفط في المناطق الأخرى، لافتا إلى أن دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود يمثل عنصر قلق لجميع الدول سواء المنتجة أو المستهلكة، فالاقتصاد الذي بدأ حالة الانتعاش يمكن أن يتعرض لنكسة جديدة تحول دون قدرة الدول المستهلكة على الاستمرار في الطلب الحالي. وذكر أن المؤشرات الحالية لا توحي بصعود أسعار النفط في السوق العالمية لمستويات كبيرة، لاسيما وأن سورية ليست من الدول المصدرة التي تحدث خللا كبيرا في ميزان العرض والطلب، بيد أن الارتفاعات ناجمة عن المخاوف من حدوث ارتدادات على الدول المجاورة، خصوصا وأن ردات الفعل ستكون مفاجئة مما يمثل حالة قلل دائم للسوق العالمية، مضيفا أن الوضع سيختلف تماما في حال تعرض إيران لضربة عسكرية على خلفية برنامجها النووي، لاسيما أنها من الدول المصدرة للنفط، فضلا عن تهديدها بإغلاق مضيق هرمز مما يعرقل انسيابية وصول النفط للأسواق العالمية. من جانبه قال الدكتور تيسير الخنيزي (خبير اقتصادي) إن أسعار النفط مرتبطة بالسيناريو المعد سلفا لتوجيه الضربة العسكرية ضد النظام السوري، مضيفا أن تطورات المعركة التي ستقودها أمريكا ستتحدد مستقبل الأسعار في السوق العالمية، فإذا كانت الضربة محددة ضد مواقع معروفة، فإن الأسعار ستكون مؤقتة، بينما ستكون الأوضاع الاقتصادية مختلفة تماما في حال اتسعت دائرة الصراع وانتقلت المعركة إلى دول أخرى مجاورة، ما يحدث مخاوف سياسية كبيرة تنعكس بصورة مباشرة على أسعار النفط العالمية، لافتا إلى أن توجيه ضربة عسكرية يمكن أن يدفع بعض الأطراف المتحالفة مع سورية للدخول في المملكة، مبديا تخوفه من اتساع المعركة تكون حربا إقليمية ما يعني صعود الأسعار إلى مستويات كبيرة للغاية. وأشار إلى أن خروج الضربة عن السيطرة واتساع الحرب إلى مناطق أخرى ستكون انعكاساتها وخيمة ليس على الصعيد الاقتصادي وإنما على الصعيد السياسي كذلك. وأضاف، أن الدول المنتجة تمتلك مخزونا كبيرا سيكون قادرة على تغطية الطلب العالمي خلال فترة القادمة، مما يحدث نوعا من الاطمئنان في السوق العالمية، فالدول المنتجة أخذت خلال السنوات الماضية بانتهاج سياسة لتهدئة الأسعار العالمية عبر توفير مخازن استراتيجية يتم اللجوء إليها في أوقات الطوارئ، مضيفا أن التهكن بمستويات محددة للأسعار خلال اللحظات الأولى للضربة العسكرية الأمريكية من الصعوبة بمكان، مبينا أن الدول المنتجة ستعمل خلال هذه الفترة لضخ كميات كبيرة لتوفير الطاقة والحيلولة دون حدوث نقص يقود لارتفاعات كبيرة لا تخدم جميع الأطراف (المنتج – المستهلك)، لافتا إلى أن السعر العادل الذي يخدم مصالح الجميع يمثل الخيار المناسب لاستمرار الأداء الإيجابي للاقتصاد العالمي.