أمل نور ينبع حروف تملأ الوجود، والأهم هل هي ترجمان لما في القلب ومرآة أم أصباغ صارخة الألوان تسر الناظرين، ولكن سرعان ما تختفي تحت وطأة الاحتكاك بالواقع لمن يندفعون وراء الأقلام دون وعي وتثبت، لا تختالوا بألوان الفروع وتتركوا لغة الأصول.. هنا اسم يعتلي الأذهان، وهناك قدوة يلوذ بمجون الإغواء، فعجبا لأعمار تجاوزت الأربعينات تجاهلت السنين واعتمرت لحظات النسيان بملذات الأهواء. عجبا يا من تمثلون بين ذويكم القدوة ومن خلف الكواليس يفعلون ما لا تتخيلون ويزخرفون بأقلامهم لوحة غناء مخملية التفاصيل تنشر لحنا من الأوهام، لتستقطب بعض القلوب الناقصة والنفوس الهابطة، وفي بعض الأحيان تقع أرواح طاهرة في شباك الإعجاب ونسج الخيال، ويملأ المكان الضباب، فلا نستطع التمييز بين الحقيقة والسراب، وفي نهاية الأمر حروف تتداول بين البشر بحجة الثقافة والوعي ونشر الرقي المنتظر قد تهدينا فن الارتقاء لنعانق السحاب أو تغمسنا في وحل الأحلام المستحيلة، وما بينهما نجد دخانا من الحيرة المخيفة بين الجميل والأجمل، فالجميل أن نتثقف ونوسع مداركنا في مختلف المجالات ونواكب عصر الإبداع، ولكن الأجمل أن نختار ما يناسب قيمنا ومبادئنا، فبالتالي سنحترم ما هي المادة المطروحة من حبر أقلامنا، فنصل للقمة دون التدحرج في الصعود، لا نهتك حديث النفس ولا نحيك روايات حالمة، بل ندين بما نكتب فيرسم لنا الصدق حروفا يانعة الجمال باسقة البيان فاخرة المعاني جذورها قوية وفروعها تمتد بنا للسماء، فكل ما ننشده هو النوع وليس الكم والوضوح والابتعاد عن التدليس، لنصنع لأنفسنا بصمة قلم لا تنسى ونرتقي حقا بعقولنا وقلوبنا ولا نصبح ورقة خفيفة في مهب الريح أو نكون جسدا باردا ينتظر أي معطفٍ يحمينا من جليد الأيام، فالأمان والدفء لا نجده إلا بالاعتزاز بالنفس والترفع عن كل إغراء قد يجعلنا في أعين الآخرين مراهقين لا نفقه معنى الحدود.