تعتمد إدراة المرور في العاصمة المقدسة على آليات الدوران الحر والحركة التلقائية في تسيير حركة المركبات في الشوارع خلال شهر رمضان، فالاختناقات المرورية تشكل هاجسا لقرابة أربعة آلاف رجل أمن في مرور العاصمة المقدسة يرابطون فيها ميدانيا في رمضان لمحاولة مجابهة الاختناقات المرورية في مختلف الميادين، يواصلون ساعات الليل بالنهار في عمل لا يعرف الهدوء حرصا على انسيابية الحركة المرورية. «عكاظ» رصدت نبض شوارع مكةالمكرمة مع خلال جولة ميدانية مع مدير مرور العاصمة المقدسة العقيد سلمان الجميعي وحاولت معرفة كيف تدار شوارع وميادين مكةالمكرمة حيث أفصح أن حادثة انقلاب سيارة نقل الموتى متجهة لمقبرة الشرائع وبها جثة ميت قادت لمعرفة ستة مواقع ساخنة للحوادث تم معالجتها فورا. الجولة انطلقت الرابعة والنصف عصرا. «عكاظ» داخل دورية مدير مرور مكة الخاصة، أصوات أجهزة الاتصالات اللاسلكية تتعالى، العقيد سلمان الجميعي، يقسم وقته لشطرين، معنا النصف ومع أحداث الميدان النصف الآخر. يخاطبنا تارة، ويعود أخرى لتوجيه أفراده للتعامل مع حالة ميدانية تارة أخرى. كانت نقطة الانطلاقة من منطقة الحج الأولى في مكة «حي العزيزية» الذي وصفه مدير المرور بالأكثر كثافة فقال: «هذا الحي الاستثنائي، ستة بنوك ممتدة على طوله، 3 إدارات حكومية وأسواق شهيرة كلها تثقل حركته المرورية، لم يكن أمامنا سبيل لتحريره مروريا عبر تعطيل كل إشاراته المرورية الست ونبقي على اثنتين فقط فتكون الحركة من كوبري الملك عبدالعزيز وحتى كوبري مسجد ابن باز حركة تلقائية موحد لمسار واحد وهذا ما نجده فاعلا حتى اللحظة، لكن ما يزعجنا فعلا الوقوف الخاطئ على امتداده لذا لا نسمح به مطلقا. وفي أثناء تشخيص واقع المرور في مكة قال العقيد الجميعي لعكاظ: «طرق مكة وميادينها قديمة وهذا ما يؤثر على الحركة المرورية، البعض منها مضى عليه 30 عاما لم يتغير، لكن المحاور التي تمثل صداعا لنا هي أحياء الخانسة، ريع ذاخر والعتيبية، الزحام يتضاعف فيها، والتلبكات تزداد لذا ندرس حاليا مع أمانة العاصمة المقدسة تحويل شارع ريع ذاخر لمسار واحد فقط، وفي رمضان كثفنا التواجد الميداني لرجال المرور فيها لدرجة ان أفرادنا يفطرون في الميدان كل يوم». «عكاظ» سألت مدير المرور عن المواقع الأكثر سخونة في الحوادث فأجاب: «رصدنا 6 مواقع ساخنة سجلت نسبة حوادث عالية، وحاولنا أن نعرف الأسباب والتي تنوعت بين أخطاء هندسية في المواقع وغياب الوعي لدى السائقين، لا أخفيك أن انقلاب سيارة نقل الموتى وبداخلها جثة في طريقها لمقبرة الشرائع جعلنا نعيد دراسة طريق المعيصم الذي شهد هذه الحادثة، ويتم معالجة الأمر . نحن ندرس تحليل كل حادث». الجولة امتدت للمنطقة المركزية حيث لم نمض سوى ثلاث دقائق في الانتقال من العزيزية صوب المركزية وتحديدا الغزة وهذا ما فسره العقيد الجميعي بقوله «كانت المركزية تغص بالمركبات لذا فالوصول إليها يعني مشقة كبيرة، لذا توسعنا في الحركة الترددية في الوصول للمركزية، وبهذا حررنا المركزية من الاختناقات المرورية، تعاقدنا مع 3 شركات نقل وحافلات وتوسعنا في خمسة محاور تنقل المصلين على مدار الساعة للحرم، الى جانب منع الوقوف تماما في سوق النفق الصغير، فصارت الحركة جيدة، عانينا من البعض الذي وصف قرار منع الوقوف في النفق الصغير بالحرمان من الأجر والبعض تسخط وهاجمنا، لكن نظرنا للمصلحة العامة فقط». «عكاظ» في جولتها، كشفت نجاح إدارة مرور العاصمة المقدسة في فرض إيقاعها على شوارع مكةالمكرمة، على الرغم من أرتال المركبات التي تجوب الشوارع ونجحت الإجراءات المرورية في تغييب الارتباكات عن شوارع العاصمة المقدسة منذ بداية شهر رمضان، البعض ذهب في تفسير ذلك لحجز مركبات المعتمرين في الحجوزات الخارجية بينما الحقيقة تكمن في أن حسن التنظيم والتطبيق المنهجي للخطة ساهم في خلو الشوارع من تعثر الحركة المرورية؛ لأن المركبات التي يتم حجزها بمجرد أن يؤدي قائدها مناسك العمرة يعود ليدخل بها إلى مكة ورغم الأعداد المهولة من المركبات التي تجوب شوارع مكة؛ إلا أنّ الخطة المرورية وحسن التنظيم ساهما في القضاء على عرقلة السير، حيث سارعت إدارة المرور منذ بداية الشهر إلى تطبيق خطتها المرورية بكل إتقان مما ساهم مساهمة فاعلة وملموسة في القضاء على الاختناقات المرورية، حيث تم منع دخول سيارات المعتمرين والمصلين للمنطقة المركزية لعدم وجود مساحات مخصصة للوقوف بالمنطقة المركزية. مدير مرور مكة يؤمن أن العقاب أحد سبل العلاج فيقول «فرضت إدارة مرور العاصمة المقدسة رقابتها على سيارات الخصوصي والميكروباص لضمان عدم عملها في تحميل وتنزيل الركاب، وتعطيل الحركة المرورية وتعقبت دوريات المرور السرية الدراجات النارية المشبوهة، وعملت على مراقبة مواقف السيارات». مناطق الفرز خلال جولة «عكاظ» وفي منطقة الفرز لسيارات المعتمرين بمواقف كدي مثلها مثل كافة مناطق الفرز تم رصد جوانب إنسانية ورسائل يتلقاها المعتمرون فور وصولهم للمواقف مع أذان المغرب، تؤكد بأن إنسانية رجل الأمن تغلب على مهمته الأمنية، حيث ما أن اقترب موعد الإفطار حتى تحول رجال المرور إلى فاعلي خير يوزعون وجبات الإفطار في نقاط الفرز على المعتمرين الذين أدركهم الوقت على الطريق، ويمكنك أن تلاحظ السعادة البالغة التي تبدو على محياهم أثناء أدائهم ما يعتبرونه واجبا فرض عليهم وعليهم تأديته بكل إتقان.