انتقادات من جيسوس للتحكيم بعد مواجهة السد    المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع يختتم فعاليات نسخته الثالثة بالرياض    خروقات في اليوم الأول ل«هدنة لبنان»    فيصل بن سلطان: ميزانية 2025 أكدت الرؤية المستقبلية لتعزيز جودة الحياة ودعم القطاعات الواعدة    "الطيران المدني" تُعلن التصريح ببدء تشغيل الخطوط الجوية الفرنسية Transavia France برحلات منتظمة بين المملكة وفرنسا    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    التدريب التقني تمنح 63 رخصة تدريب لمنشآت جديدة في أكتوبر الماضي    استقرار الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم    الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    أمير الرياض يطلع على جهود "العناية بالمكتبات الخاصة"    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    المملكة وتعزيز أمنها البحري    مبدعون.. مبتكرون    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    هؤلاء هم المرجفون    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرس الوطني مفهوم كبير ترعرع ونضج في روح عبدالله بن عبدالعزيز
نشر في عكاظ يوم 16 - 07 - 2013

وجدت صعوبة في إقناع الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم بأهمية إجراء هذا اللقاء، لقناعته بأن حديث المسؤول للإعلام يجب أن يكون ذا هدف ورسالة تخدم المتلقي في مجال مسؤوليته، ولأنه لا يريد الحديث عن التعليم وتفاصيله في هذا الوقت، وقد وافق سموه على الحوار عندما أكدت له أن هدفه هو إلقاء الضوء على الجوانب الإنسانية والمسار التعليمي وبعض التجارب العملية والاهتمامات الثقافية والرؤية العامة لدور التعليم في تطور الوطن. وسيطلع القراء في هذا الحوار على جوانب تساعدهم في التعرف على من يتولى مسؤولية مهمة كالتعليم والتربية.
• المدرسة والمعلمون والزملاء.. البيئة الثانية المؤثرة في الإنسان بعد الوالدين والأسرة، فماذا عن هذه المرحلة؟
- دائما الأستاذ أو المعلم له مكانته وتأثيره على مسيرة حياة طالبه وتكوينها، وكم من أولئك الذين علموني حرفا أحمل لهم أسمى الذكريات، ولا بأس أن أذكر مثالا في أول حياتي الدراسية، وهو معلمي الأستاذ أحمد فرح عقيلان رحمه الله رحمة واسعة، كان موسوعة في الشعر والأدب والتاريخ والثقافة، وكانت اللغة العربية النبع الذي كم تمنيت أن أرتوي منه أكثر، وفي المرحلة الجامعية الأولى عرفني البروفسور باتريك توبن، بتاريخ أمتي الإسلامية وأبحر بي في ثقافتها وحضارتها وعظمة تأثيرها على الحضارة الغربية، وبحكم تواجدي في كاليفورنيا أخذني في رحلة «الفرانسيسكن» إلى «سانت فرانسيس أوف أسيزي» ودوره في الوقوف مع الإسلام عندما قابل صلاح الدين أثناء الحروب الصليبية، ويتذكر الكثير من الزملاء دوره في لم شملنا في نادي «النخلة»، أما في مرحلة متأخرة من الدراسة فكان لي معلم لن أنساه وهو من أصل يوناني، فقد عرفني على علم يتعلق بالقيم والتكنولوجيا والمجتمع، وهو من فتح الأبواب لي للبحث والتعرف على مجاميع التفكير.
• ماذا عن المدرسة والزملاء، وكيف هي علاقة الأسرة بالمدرسة؟
- الزملاء كثيرون والحمد لله، ومنهم من تزاملنا منذ أيام الطفولة إلى الآن، ومنهم من تقابلنا أيام الدراسة الأولية، ومنهم من تعارفنا في الجامعة وما بعدها، فأذكرهم دائما وأتذكرهم وأنا متأكد أن موقعهم في قلبي وذكراهم ستذكرهم بصديق لهم، وإن كنت أشعر بالتقصير حيالهم في السنين الأخيرة، للظروف. أما المدرسة فقد كانت البيت الثاني، حيث المعلم كان الأب، والتعلم كان الهدف، والزمالة كانت حقيقية، صادقة ودائمة. والأسرة آمنت بالمدرسة ومسؤوليتها عن التأسيس لمستقبل أبنائها وبناتها، وخير مثال على ذلك أن آباءنا سلموا لوالدنا الشيخ والمربي الفاضل أستاذنا عثمان الصالح رحمه الله رحمة واسعة كل شيء يتعلق ببناء مستقبلنا التعليمي.
المرحلة الجامعية
• المرحلة الجامعية تشكل نقلة نوعية في حياة الدارس، حيث تتبلور الشخصية وتتحدد الوجهة وتتكون المواقف، كيف تنظرون لهذه المرحلة وقد عشتها في الولايات المتحدة الأمريكية؟
- ربما أستطيع تأكيد مقولة «أن القدر له دور كبير في تكوين مسيرة الإنسان، كما أن الإنسان له دور أكبر في اختيار المسار» وقد لخصت ذلك في ورقة كتبتها في آخر أيامي الدراسية بعد عودتي من المملكة لإكمال الدراسات العليا في جامعة ستانفورد، وكنت قبل ذلك متدربا في مركز الأبحاث والتنمية الصناعية، وكان دورنا ينصب على العمل مع مركز أبحاث ستانفورد الذي يقوم مع التخطيط لبناء الخطة الخمسية الأولى على الشق الصناعي. كانت الورقة عن الخطة الخمسية وهي مشاعر من الداخل تعكسها نظرة من الخارج تقول: «الحياة كقارب أنت بداخله تختار توجيه الدفة إلى اليمين أو إلى اليسار، ولكنك لا تستطيع أن تسير القارب بعكس التيار وهو المسار الصحيح». قد قادني اختياري لكاليفورنيا، سان فرانسيسكو، في ذلك الوقت للحراك الطلابي بين بيركلي وستانفورد. وهناك قصص كثيرة ليس هذا مجالها ولكنها كانت مكونا أساسا في تطور تفكيري ومعارفي.
• يتحدث البعض عن الفروق الثقافية وتفاوت الناس في القدرة على تجاوزها للانسجام مع البيئات المختلفة. كيف تفاعل الطالب الأمير فيصل مع هذه المسألة؟
- الفروق الثقافية نحن من نراها ونحن من نتعامل معها، وهنا أود أن أؤكد أن كل ذلك يعود لنا، فقد كنت دائما أذكر نفسي بأن القبول هو أساس النجاح، بمعنى أن نتقبل بيئة الآخر وعاداته وتقاليده ونقبلها من خلال ما نؤمن به كحقيقة بينتها بيئتنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا. بدأت عازما على دراسة الفن المعماري، ولكني درست إدارة الأعمال، وانتهيت بالهندسة الصناعية، وكان القدر والظروف - كما ذكرت سابقا - لها الدور الأكبر في تكوين سيرتي العلمية.
• هل شعرت بأن هناك فروقا بين الطالب السعودي والطالب الأمريكي؟
- المرحلة الجامعية ومناهجها خصوصا أسلوب التعليم في الجامعات الكبيرة والمعروفة أو المتخصصة، تتيح للطالب الذي يريد أن يتعلم بقدر ما يستطيع أو يود أن يتعلم. إذا وفقه الله بموجه أو بمادة تستقطب ميول ورغبة الطالب، وكان الطالب على استعداد للتعلم والتعمق والبحث، ليس في ما هو متاح وموجود، ولكن ما بين كنوز المعرفة المتعلقة بالمادة واستنتاج وإضافة ما استطاع التوصل إليه، فالتعليم في أمريكا وأسلوبه وإمكاناته تلبي كل ميول وكل تخصص، والطالب هو الطالب سواء ذهب إلى أمريكا أو جاء إلى المملكة، المهم هو تقبل وقناعة الطالب بأنه يحمل رسالة أساسها التعلم وأنه يريد أن يتعلم ويستفيد من الغربة والسفر والمجتمع الذي فتح أبوابه له.
الاهتمامات الثقافية
• سمو الأمير.. أنت عشت في أمريكا في أواخر الستينات وأوائل السبعينات، حيث الأفكار المتعددة والتقليعات المتنوعة، خاصة في كاليفورنيا، كيف كان التفاعل مع هذه البيئة الفكرية الثقافية والفنية؟
- عندما نتحدث عن التفاعل وأهميته فيجب أن نؤكد أن من أهم تجارب التعليم خارج الوطن هو التعلم والتأقلم مع المجتمع الذي فتح نوافذ هذه التجربة لك، وأن نتعرف على ما يدور حولنا، وهنا يأتي قدر الإنسان، سواء تواجده في المكان أو الزمان. كانت فترة السبعينات وآخر الستينات بالنسبة لي - وأعتقد بالنسبة للعالم وليس لأمريكا فقط - هي من أهم المراحل التي أثرت على الفكر الحديث وتحوله في الثلاثين سنة الماضية إلى عالم رقمي جديد. فكانت البداية بثورة الطلبة بعد فيتنام مقرونة بحركة العودة إلى الطبيعة وتطور الفكر الحديث واقترابه من البيئة وعلاقة الإنسان بمحيطه واحتياجاته وتمكينه والتواصل معه، فكل هذه المؤثرات واتجاهاتها السياسية والفكرية والاجتماعية كان لها دور كبير في تطور سيرتي ومعرفتي واستفادتي من مكونات التغيير.
• ما هي أبرز المكتسبات والدروس المستفادة من تجربة الغربة ومعايشة بيئات مختلفة؟
- أعود وأؤكد أن القبول هو الأساس والقناعة بأن الذي أمامك هو كنز فاستفد منه وتعلم مما يتاح لك من معارف، فما أعيشه الآن هو خليط من تجارب عشتها وعايشتها من خلال «قاربي الأساس»، ألا وهو عقيدتي وإيماني وعاداتي ومجتمعي الذي أعتز وأفتخر بالانتماء إليه.
أبرز محطات الحياة العملية
• ميدان العمل هو الحقل الذي يطبق فيه الإنسان ما تعلمه، فأين كان أول حقل وفي أي المجالات؟
- ربما كانت بداياتي العملية نتاجا لتفاعل عائلي أدى بي إلى ذلك. في أول السبعينات عدت من الولايات المتحدة الأمريكية ووفق الله وقدر لي أن أعمل متدربا وباحثا في مركز الأبحاث والتنمية الصناعية، الذي أصبح الدار السعودية ثم هيئة الاستثمار، مع نخبة من القيادات السعودية، وكانت فترة بناء الخطة الخمسية الأولى مع التخطيط ومعهد ستانفورد للأبحاث، وربما كان أهم دروس تلك المرحلة هو ما قال الدكتور دنكن من ستانفورد: «إنكم جلبتم معهد ستانفورد، وهو من أكثر المعاهد تطورا باستعمال تقنيات المعلومة، ولكن الأهم هو الحصول على المعلومة الصحيحة لتحليلها والوصول إلى الحل الصحيح».
• ماذا عن مرحلة العمل في القطاع الخاص؟ ولماذا خرجت من ميدان جمع الثروة وذهبت إلى الوظيفة بمحدودية دخلها والتزاماتها؟
- بعد عودتي المبكرة قبل إنهاء رسالتي ورحلتي التعليمية لظروف عديدة، من أهمها اهتمامي بمراكز الأبحاث ودور مجاميع التفكير، حاولت أن أبني نفسي في القطاع الخاص وأستغل الطفرة ولكني فشلت، ربما لأن تفكيري كان بعيدا عن مجال الأعمال ومركزا على معرفة مستقبلنا والتخطيط له، فالربح والخسارة كنت أقيسهما بميزان أبعد ما يكون عن المادة، ولن أنسى حديثي مع المرحوم الملك خالد بن عبدالعزيز في عام 77-78م وأنا أقدم له فكرة مجاميع التفكير، حيث قال يرحمه الله وأسكنه فسيح جناته: «يا ولدي والله إنك صادق، اليوم تدفن وزارة أو شركة وتحفر الثانية» كان يعني يرحمه الله أن ليس هناك تنسيقا، وكذلك قوله: «جتنا ها الفلوس والعالم فاتح فمه، يأخذها ويعطينا حديد وإسمنت والله ما أدري يا ولدي هي نعمة أو نقمة». وفي تلك الأيام نشرت قصيدة فيها ما يعبر عن أحاسيسي وأتذكر منها:
يا نوف خايف من التيار .. يجري ويجرف معانينا
ونعيش دنيا بدون خيار .. غصب ونضيع مبادينا
حنا بدينا بهم زوار .. يساعدوا في ترقينا
واليوم في ديارنا خطار .. حناهم في مبانينا
واستعبدت في الديار أحرار .. عيت تفرط بماضينا
ما باعت أقيامها بدولار .. ولا هي رضت عن تخلينا
والله يتمم وهو الستار .. ما قد كتب صاير فينا
وكما كان حديث أحد من أعتز بهم آنذاك حين قال: «عالم الأعمال غابة إما تدوس ولا ينداس عليك» فقررت أن لا ينداس علي، لأني لن أستطيع أن أدوس على أحد بسبب المادة والربح السريع، وهذا ما دفعني أن ألبي نداء العمل في الحكومة، رغم أني كنت أرى نفسي أبعد ما أكون عن الارتباط والالتزام بعمل محدد ومقيد.
• أنت درست في ستانفورد، الجامعة الشهيرة، ومشغول بمجاميع التفكير، وفجأة وجدت نفسك مسؤولا في الحرس الوطني، فماذا عن هذه التجربة؟
- بما أن الحرس الوطني كان أول تجربة في العمل الحكومي، فهو كان النافذة التي أتاحت لي تحمل المسؤولية والالتزام للوطن بالعطاء وتقديم ما في وسع الإنسان خدمة لدينه ووطنه ومليكه. والحرس الوطني لم يكن بعيدا عني، حيث كنت قريبا منه في شخص باني مفهومه الحديث ومؤسس تحديثه ليكون لبنة أساس في بناء الوطن والذود عنه. وهنا يجب أن أشكر المولى أن قدر لي العمل في هذا الكيان الكبير، حيث إنني كبرت في فهمي لنفسي ومدى إمكانية الإنسان على العطاء برضى وقناعة، لأن الهدف أكبر وأسمى. تجربتي في الحرس كان أساسها الرجال الذين بنى ثقتهم في الله ثم في أنفسهم عبدالله بن عبدالعزيز، زاملتهم، صادقتهم، تعلمت منهم وحاولت البناء والتأسيس بمفاهيم حديثة تتماشى مع تطلعات وآمال قائد مسيرة الحرس الوطني. وأتذكر قصة «أرنب الرحيل» وهي قصة شاب تقدم للتسجيل في الحرس الوطني، ولكنه لم يقبل بسبب مؤهلاته وصغر سنه ولكن طموحه وحرصه على التعليم والإنفاق على والدته، دفعه لمقابلة الملك عبدالله، عندما كان رئيسا للحرس الوطني، فأمر بقبوله. هذا الشاب الطموح أخبرني بأنه كان يتعلم الكتابة على ضوء قنديل ويكتب بكحل والدته إلى أن احتواه الحرس وتعلم وأنهى دورة الأركان في أمريكا، وأصبح من قادة الحرس الوطني. هذه القصة تلخص سياسة بناء الإنسان في هذه المؤسسة الحضارية. كان التدريب هو همي، وكان للإخوة العسكريين كل الشكر في دعمهم لهذا التوجه على مسارات مختلفة كتب لبعضها النجاح والبعض لا زالت الحاجة قائمة لتطويره، وانشغلت بالإسكان بمفهوم التخطيط على أساس البناء والتشغيل والإعادة بحكم الظروف المادية في ذلك الحين. أكبر شرف حملته في الحرس الوطني هو أني كنت جزءا من تكوين مفهوم القطاع الغربي ومسؤوليته لخدمة مكة المكرمة والمدينة المنورة وتحمل مسؤولية بناء وتطوير هذا القطاع الكبير من تبوك إلى جازان. كرمني الحرس الوطني بمعرفة مواطني القطاع، وحمل آمالهم وتطلعاتهم ومتطلباتهم من خلال هذه المؤسسة العسكرية والحضارية والثقافية إلى قائدها ومؤسس ثقافة توجهاتها. الحرس الوطني ومن ينتمي له يدور في فلك عبدالله بن عبدالعزيز، والحديث يطول، ولكني سأكتفي بكلمة تعبر عن عالمية هذا الكيان وقياداته ودور الحرس الوطني، ففي الجنادرية ثلاثة عشر عند استقبال ضيوف الجنادرية، تحدث بلال الحسن ممثلا لهم فقال: «يا ابن عبدالعزيز لا تعلمون ما مدى تأثير ما أسسه والدكم طيب الله ثراه وأبناؤه البررة قادة هذا البلد الأمين على الأمة، فقد أمن - وأمنتم أبناؤه من بعده - سبل الحج لكل مسلم، وها أنت يا عبدالله تؤمن هذا البلد للعقول لتتلاقى وتتحاور فيما هو في صالح الأمة». الحرس الوطني مفهوم كبير ترعرع وشب وكبر ونضج الآن في روح عبدالله بن عبدالعزيز وبنى رجالا ونساء شرف لي ولكل من انتمى للحرس أن يكون جزءا من عبدالله بن عبدالعزيز.
• سمو الأمير.. من الحرس إلى الاستخبارات، يبدو مسارا طبيعيا لكنه يبتعد عن الهندسة الصناعية، فماذا استفدت من هذه التجربة؟
- الاستخبارات من أهم التجارب لي ولأي إنسان تحمل مسؤولية العمل في هذا الجهاز، الذي أساسه المعلومة، بل المعلومة الصحيحة، وماذا يستفاد منها. فأمن أي وطن هو الأساس والمطلب لمواطنيه وقيادته. هو عمل ذو طبيعة خاصة وخاصة جدا، لأن سرية المعلومة هي أساس توظيفها لحصد النتائج المتوخاة منها، ولكن في النهاية هو عمل كل مواطن صالح يغار على مصالح وطنه وأمنه واستقراره. فكل مواطن مستأمن على هذا الأمن. فدعني أوضح لك تجربتي في سلك الاستخبارات العامة، وحيث كانت المعلومة هي الأساس فهي في النهاية من يحدد النجاح، فلو أخذنا على سبيل المثال أنها معركة يجب أن نكسبها، فالجيش لديه ما يسمى (³C) وهي الجهة التي تحصل على المعلومة وتحللها وتصدر الأوامر لتنفيذها، فالاستخبارات مبنية على (م³) أي المعلومة، ثم المعرفة، وأخيرا المنفعة، وهنا لو تصورنا أن لديك بحيرة تصب فيها مصادر مختلفة للمياه فهي ممتلئة بأشياء كثيرة وبما يشبه الكم الكبير من المعلومات من مصادر مختلفة، وهنا يأتي دور المعرفة فيجب أن نعرف ماذا نريد من هذه البحيرة، هل نريد مياها للشرب؟ أو نريد أن نستفيد منها للصيد والغذاء؟ أو نريد أن تكون للترفيه والمتعة؟ فنقرر بمعرفة ماذا نريد من هذه البحيرة على حسب الحاجة ومن ثم هذه المنفعة ترفع لصاحب القرار ليتخذ ما يراه مناسبا للاستفادة والإفادة.
على أني لم أر نفسي، بتركيبتي، أحمل ما تتطلبه المسؤولية في هذا الجهاز المهم، ولكني عملت مع نخبة من أبناء هذا الوطن واستفدت من زمالتهم، وحاولت أن أضيف ما أستطيع وكان لي أن أعمل لسنوات مع الزملاء لبناء استراتيجية جديدة بمشاركة قطاعات مختلفة وفئات من القطاعات الخاصة والعامة نتج عنها بناء الثقة ومشاركة المواطن في فهم وتقديم ما لديه في مجال تخصصه لدعم هذه الاستراتيجية وأنه منها ولها، وقد فتحت الأبواب المغلقة للمشاركة وإعطاء قيمة مضافة تحت رؤية سمو رئيس الاستخبارات العامة آنذاك سيدي الأمير مقرن بن عبدالعزيز رعاه الله.
المعلومة أولا، ومعرفة المعلومة الصحيحة ثانيا، وثالثا استخدامها بما ينفع الوطن والمواطن هو أهم ما خرجت به من تجربتي التي أعتز بها في هذا الجهاز المهم.
التعليم، وكيف تنظرون له
• المسؤولية عن التعليم مهمة كبيرة يتطلع إلى نتائجها الإيجابية كل الوطن، لكن لن نسأل عما أنجزت وزارة التربية والتعليم بقيادتكم وسنقتصر على محاولة معرفة نظرتكم للتعليم بصفة عامة ودوره كما تتصورونه؟
- التعليم هو رسالة أمة، وبدون الاستثمار في المعرفة وترسيخ مفهوم التعلم لن تقوم لأي أمة قائمة، وهو يشكل أعمق مفهوم وأقوم رسالة لأمتنا، فأول ما أنزل الله على رسولنا الأمي عليه أفضل الصلاة والتسليم في كتابه الذي لا يأتيه الباطل «اقرأ»، وهذا بحد ذاته يحدد ويوضح أن أهم وأول ما قدره الخالق لخلقه على هذه البسيطة هي رسالة المعرفة والتعلم لكي نفهم أنفسنا وما حولنا، فالاستثمار في الإنسان وتعليمه هو من أعظم ما تقوم به الدول، وأهم ما يقوم به الإنسان، حتى أن مما ينفعه بعد مماته هو «علم ينتفع به»، ووزارة التربية والتعليم هي (وزارة الوطن)، لأنها من يؤسس ويبني لمستقبله، كما أن منسوبي التعليم وخصوصا المعلمين والمعلمات هم أساس صلاح البناء واستدامته، فالدور كبير والأمانة أكبر والمسؤولية شرف والعطاء واجب. وهنا أود أن أوضح قناعة الزملاء والزميلات في الوزارة أنه لابد من بناء مؤسساتي يبقى ويدوم ويحفظ الحقوق، ويبين المسؤوليات، ويعطي الصلاحيات، ويبنى على استراتيجيات واضحة المعالم يدعمها تنظيم ومعايير تضمن الجودة والاستدامة، فنحن أمام تحدٍ في وطن قمته عالية برسالته وقيادته ومكانته. إن ما استثمره خادم الحرمين الشريفين من توجيه ودعم في برامجه، سواء على مستوى التعليم العالي أو العام في إنسان هذا الوطن ومستقبله هو بإذن الله يكون الأساس لنهضة أمتنا، فيكفي أنه أطلق على قمة الاستثمار «بيت الحكمة»، ويكفي أن نؤمن ونتبنى رسالته بما مكنا به ونربي أجيالنا المستقبلية في زوايا «بيت الحكمة».
العصف الذهني
• سمو الأمير.. عرف عنكم الاهتمام بمجاميع التفكير (Think Tank)، متى بدأ الاهتمام؟ وكيف ترون أهميتها للدول في رسم سياساتها؟
- ليست صدفة، ولكنه قدر وأنا مؤمن، قبل كل شيء، بالخير والشر وهو مكتوب على الإنسان، ولكن أذكر نفسي دائما بأن لها أن تختار. واهتمامي كان متناغما مع حركة عالمية بدأت في منتصف الستينات للاهتمام بالبيئة وعلاقة الإنسان بها والتأثير المتبادل بينهما. وليست البيئة هي فقط ما حولنا ولكن كذلك ما بنينا ووفينا، فالعصف الذهني هو مفهوم حوار قبل كل شيء، وهذا التوجه والحراك بدأ من مراكز في جامعات ومؤسسات مدنية وشركات اهتمت بهذا المسار، وأذكر الاهتمام به في مراكز الأبحاث مثل «معهد الهوفر» ومركز أبحاث «بكتل» كذلك في بعض الشركات مثل «بل آند هاول»، ومن أهم ما لفت انتباهي هو «نادي روما»، وأتذكر كتابا شدني لمخرجات هذا التوجه ويسمى «الجنس البشري على المنعطف» حيث كان نتاجا لما يواجه عالمنا الصغير الذي نعيش فيه ونعيشه وماذا يواجهه. كل ذلك وتجربتي العملية السابقة كباحث متدرب في الشق الصناعي من الخطة الخمسية الأولى في مركز الأبحاث والتنمية الصناعية، كان محفزا على قناعتي وإيماني بأن التفكير الجماعي المنظم والمؤسسي هو الخطوة الأولى للبناء الاستراتيجي من خلال العصف الذهني الذي يجمع المختصين والمتخصصين والمهتمين والمسؤولين للخروج بتصور يوضح المسار، ويبين السبل الممكنة للوصول إلى الهدف والغاية المرجوة. لكن الكثير من الاستراتيجيات أودعت في الأدراج ولم تنفذ لأسباب ربما من أهمها عدم الحصول على القناعة والإيمان بها والإحساس بأنك جزء منها ومن تكوينها، إلا أن الأهم هو إدارة وتنفيذ هذا المنتج من مجاميع التفكير. وبعد سنين من محاولة توصيل هذا التوجه عندما عدت، وكان هدفي هو بناء وتأسيس مجموعة للتفكير، ولكن لم يكتب الله ذلك بالرغم من محاولاتي وفشلي مع الجهات الحكومية إلى أن وفق الله مجموعة من الأصدقاء بدأنا بستة وأصبحنا ستين، ونحن الآن أكثر من ستمائة ننتمي إلى هذا الوطن نقدم من خلال «مجموعة الأغر» ما تتطلبه حاجة الوطن بعمل تطوعي وأسلوب غير ربحي، أساسه من البدايات في أول التسعينات يرتكز على تنويع مصادر الدخل والموارد البشرية والتنظيم الحكومي، ثم جمع هذه الأسس والتوجه في السنوات العشر الأخيرة تجاه بناء الوعي والحاجة المستقبلية لمفهوم «المجتمع المعرفي» وبناء اقتصاد معرفي. وجود مثل هذه الكيانات ضرورة، خصوصا في عالمنا الذي نعيشه اليوم والذي تتسارع فيه التطورات بشكل تصاعدي ودور التقنية بالتحكم في دفة التوجهات وتسخيرها والحاجة إلى تطويع تلك التقنيات بما يخدم توجهات الإنسان واحتياجات وجوده.
الاهتمام بالخيل وتراثها ورياضتها
• الخيل وتراثها ورياضتها تشغل مساحة في اهتماماتكم، فماذا تقولون لقراء «عكاظ» عن هذا الموضوع، وما فعلتم لإبراز هذا الجانب من تراثنا؟
- «الخيل معقود بنواصيها الخير»، فيها البركة، فيها الجمال، فيها الوفاء، هي الرفيق عند الحاجة، لقد كرم الرب عز وجل هذا المخلوق الفريد وضرب فيه المثل، لقد تربينا على محبة الخيل وأنها عز وفخر لصاحبها، فهي تعلمك الكثير من الصبر والتحمل والاحترام. فما زلت أحمل عشقا، وأنا فتى، لفرس أحببتها جمالا ورشاقة، وكذلك احترامي لحصان عزم بي، فاضطررت لإيقاع نفسي حتى لا يصاب بأذى وأغمي علي، وهو من أنقذني وأعادني بأنفاسه لوعيي، واتكأت عليه لمسافة طويلة يساعدني على المشي إلى الأسطبل. توجت هذه العلاقة بمسؤولية بناء وتكوين باسم الوطن تتعلق بالخيل ومكانتها، وكان ذلك عندما شرفت وزملاء أعزاء من سيدي خادم الحرمين الشريفين بتكوين الاتحاد السعودي لألعاب الفروسية، وكانت رحلة فخر واعتزاز برفع مكانة الوطن من خلال فروسيته في المحافل الدولية، وتحقيق أول ميدالية أولمبية في سيدني 2000، وتوالت الانتصارات مع صندوق الفروسية السعودية في كنتاكي بالفضية، وأخيرا ببرونزية الفرق في أولمبياد لندن عام 2012، ولم يكن هذا ليتم لولا توفيق الله ثم عزيمة الإنسان السعودي وقدرته، ممثلا في الفرسان الأبطال، عندما مكنوا من مقومات النجاح وأثبتوا أنهم بحق أهل الفروسية أرضا ومنزلا. الإنجاز تحقق عندما كان الهدف أكبر وأسمى من شخص أو مجموعة فهو إنجاز وطن وأمة، وكانت الرسالة نتاج قدر وجه مسيرة حملها هذا المخلوق الفريد. أتذكر البداية عندما انضم الاتحاد السعودي للفروسية إلى الاتحاد الدولي للفروسية في عام 1990 في اليابان وانتخبت المملكة العربية السعودية لنترأس المجموعة السابعة في نفس الاجتماع، وقد كانت نقطة تحول وتحديا خصوصا عندما سمعت كلمات رئيسة الاتحاد الدولي آنذاك الأميرة الإنجليزية (آن) وهي تقول «أهلا بكم في عالم رياضة الفروسية، فأنتم أهل الحصان العربي، والملك عبدالعزيز كان آخر فارس يوحد دولة على ظهور الخيل» مع تلك الكلمات بدأت مسيرة التحدي، فكيف نثبت ونحن في البداية أننا أهل الفروسية، وأن ارتباطنا بحصاننا ليس رياضة ولكنه تاريخ وثقافة. بدأ التخطيط بتطوير الفرسان وذلك باختيارهم ثم تدريبهم وتمكينهم من الخيل التي ستحملهم إلى منصات التتويج وهي تمثل ما يقارب 60 في المائة من معادلة النجاح والفوز. وكان هناك مسار آخر وهو كيف نعيد من خلال تاريخنا وثقافتنا ومكانتنا فروسيتنا التي كرمها ديننا ومجدها شعرنا وتفاخرت بها عاداتنا وتقاليدنا شهامة وكرامة ووفاء. إنجازات الفروسية كرياضة لم تتحقق إلا بعمل كبير، بدأ بالاتحاد السعودي للفروسية آنذاك إلى أن شب على أيدي رجال تمكنوا من بناء مؤسساتي تمثل في صندوق الفروسية السعودي الذي تكرم سيدي خادم الحرمين الشريفين بتأسيسه بناء على استراتيجية قدمها أبناؤه الفرسان والمهتمون بالفروسية. أما الشق الثقافي فكان بتبني مفهوم كبير تمثل وتجسد في رسالة كتاب «فروسية» والذي عملنا عليه لمدة سبع سنوات مع متاحف العالم المعروفة من المتحف البريطاني والإرميتاج واللوفر والمتروبوليتان إلى متاحف متخصصة في النمسا وألمانيا وإسبانيا وجامعات ومراكز أبحاث، لتكون جزءي الفروسية «التاريخي والمتحفي» بعمل شارك فيه ما يقارب من 30 كاتبا ومؤرخا ومؤلفا والعديد من الباحثين، ليخرج إلى حيز الوجود عملا سيبقى ويدوم ويتطور وتنتج منه أعمال كبيرة جميعها تصب في إبراز ثقافتنا وحضارتنا إلى العالم. فبعد تكوين صندوق الفروسية السعودي اهتم شقه الثقافي ليمول أول عرض عن تاريخ الحصان على مستوى عالمي، وفي معقل الفروسية الأمريكي بولاية كنتاكي، وذلك تمشيا مع مشاركتنا في الألعاب العالمية للفروسية في عام 2010 في معرض «هبة من الصحراء» ثم عرض المتحف البريطاني في عام 2012 تزامنا مع الألعاب الأولمبية معرض «الخيل من الجزيرة العربية إلى سباقات رويال اسكوت» وهما من أهم المعارض، حيث وصل عدد الزوار إلى أكثر من مليون زائر، هذا ونحن بصدد إكمال مسرحية «آخر الفرسان» والتي عرضت في مدريد، وسوف تعرض بمشيئة الله في لندن إذا تمكنا من إكمال التمويل لعرضها، وهناك الكثير إذا وجدت القناعة والدعم بناء على مسيرة النجاح والنتائج التي تحققت سواء من الدولة أو القطاع الخاص.
هنا أود أن أؤكد أن الفروسية تحمل شقين مهمين من خلالها نستطيع أن نقدم بأسهل السبل وأرقى الوسائل وأعلى الطرق مكاننا ومكانتنا من خلال الرياضة والثقافة إلى العالم أجمع ونصل ونؤصل ما عجز الكثير عن توصيله بأسلوب حضاري متقدم ومحترم. أعتقد أن مكانتنا وحضارتنا وثقافتنا أكبر وأوسع وأرقى مما يقدم على الساحة محكوما بعمرنا الحديث واحترافنا في هذا المجال ودعمنا المحدود لهذه الرسالة وإيماننا بأن لدينا ثروة وكنزا ينتمي إلينا نستطيع أن نستحوذ به إذا استثمرناه الاستثمار الصحيح على عقول الكثير ونكسب فهمهم وتفهمهم لنا كحضارة وثقافة لها مكانتها ودورها في تكوين مجتمعنا المعاصر، وحاجته في خضم هذه التطورات والصراعات إلى مفهوم الإنسان وعلاقته الأساسية إلى ما حوله كما أراد لها الخالق عز وجل من خلال تاريخ العلاقة مع هذا المخلوق الفريد.
فيصل الأب المربي والزوج المشارك
• بعد هذا التجوال المتنوع على درب حياة الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم، ماذا عن فيصل الأب، وكيف يتعامل مع أولاده، وماذا عن فيصل الزوج ونظرته لمسؤولية الزوجين في تربية الأبناء؟
- الأبوة هي شعور فطري أساسي في تركيبة المخلوقات على وجه هذه البسيطة، وهي من أنقى وأسمى الصفات التي كرم بها المولى مخلوقاته، وكون الإنسان كرم بتلك الأمانة من الرب سبحانه وتعالى حين عرضها على مخلوقاته وحملها الإنسان ليكرم بتلك المكانة لتحمل المسؤولية كمربٍ ومعلم، وبانٍ للحضارة الإنسانية والحفاظ عليها من خلال ترسيخ المعاني السامية في الأجيال التي أسستها العقيدة والحضارة والثقافة على مر السنين.
والتربية أمانة، حيث إن أعظم ما يقوم به الإنسان هو أن يلتزم تجاه خالقه ومجتمعه بأن يساهم في نماء هذا الكون واستمرار الحياة فيه، فمتى ما وفق الله الإنسان بهذه المكرمة فيجب أن يرعاها ويصلحها ويحافظ عليها ويغرس فيها ويعطيها ويبني فيها قيمه وتجاربه وطموحه وآماله ليؤسس مجتمعا صالحا ومبدعا ومؤثرا للحفاظ على استدامة البقاء والعطاء. تعاملت مع أبنائي كما تعامل معي والداي، فكانت المحبة الفطرية والصدق والأمانة التربوية من خلال التوجيه بما يرضي الله، والتمسك بالأخلاق والتعامل باحترام مع الآخر لتجد الاحترام لنفسك ومحاولة العطاء دون الترقب للمردود، فالله هو المعطي ولا يضيع أجر من أحسن عملا، كل هذا كان أساسا حاولت أن أزرعه فيهم وهم صغار ويسقى على مر السنين بإعطائهم الحرية لبناء شخصيتهم كل على ما كتب الله لهم، وذلك باحترام ميولهم ورغباتهم وتطلعاتهم في حدود ما ينفعهم ولا يضرهم. أما فيصل الزوج فهو نتاج لما تعطيه الزوجة، فهي السكنى وهي أساس البناء وتكوين البيت والملجأ بعد ما يقدره الله من حياة سعيدة وكريمة صالحة في هذا المجتمع، فالزوجة بدون شك هي المكون الفعال، فهي الحبيبة والصديقة، والأم المربية، والمعلمة، والموجهة، لكل ما يدور في وسط البيت، وأعني أن التكامل في العلاقة الزوجية أساسه الزوجة بتعاملها وصيانتها وحفاظها على هذه العلاقة وقدسيتها، حيث إنها هي المكون الرئيس للبقاء والاستدامة، فهي من يحمل ويتحمل، وهي من يصبر ويعاني، وهي من يعطي العطاء الحقيقي ويضحي بأغلى ما عنده من أجل ما عنده، فبدون شك أن البيت الذي ينعم الله عليه بالمرأة الصالحة بيت مطمئن، أهله سعداء محبون، ومنتجون في وطن يفخرون بالانتماء إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.