لا عجب ان يكون خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليوم (رحَّالة السلام) و(فارس السلام) في هذا المنعطف العصيب والخطير من تاريخ أمته، ليؤكد ان أمته العربية والاسلامية لم تكن في جهادها ونضالها الطويل عبر القرون الا أمة سلام وأمن وحضارة للبشرية جمعاء. تلك هي رسالة الاسلام الحقيقية منذ بزوغ فجره على هذه الارض المقدسة الى اليوم. وقد رأى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والده الملك عبدالعزيز يؤسس هذا الوطن ويحقق الوحدة والسلام والوئام في ربوعه وبين شتات أهله، فيصنع من تلك الربوع دولة واحدة ومن ذلك الشتات شعبا واحدا. عاش عبدالله بن عبدالعزيز في كنف والده مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز تلقى في مجالسه العلم الشرعي وسمع عن تقلبات السياسة وغدر القادة وتلاعب أعداء الأمة الاسلامية بمصيرها إبان الحربين العالميتين، وتعلم من خلق الملك عبدالعزيز الأب والانسان والقائد الرباني الرحمة والاباء والعزة والصدق والنخوة وكان أكبر ما تعلمه من أبيه الفروسية والصدق والشجاعة الادبية والجرأة في قول الحق، والبعد عن التدليس والمناورة والخداع. على الفطرة السليمة وكان طبيعياً ان يكون خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بسيطاً بفطرته، فهو ابن الصحراء بيئةً وابن عبدالعزيز تربية، فلم يعرف الكبر أو التعالي إلى قلبه طريقاً، طاهر النفس، ومتسام مع مكارم الأخلاق، يتعامل مع الآخرين بكل رحابة صدر، وينصت لمحدثه بكل هدوء فيوحى له بالاطمئنان، إن تحدث أوجز، وان قال فعل، فهو مع احقاق الحق ومناجزة الباطل، رافقت طفولته وصباه الصفات العربية، فليس غريباً أن يحمل في أعماق نفسه تلك المزايا والتي من أهمها: الشجاعة وقوة الإرادة، والنبل وطهارة النفس، والحلم، وحدة الذكاء، والإيمان العميق بالقيم المثلى إلى درجة التضحية، وكانت ثقافته الدينية والإيمان الصافي نتاجاً طبيعياً للبيئة التي أحاطت به من خلال أسرته ومعلميه ومجتمعه فنشأ صافي العقيدة، وكان للانضباط الديني والنفسي والأخلاقي دوره في تكوين شخصيته حضوراً وتأثيراً وتفاعلاً. في ظلال هذه الفطرة السليمة نشأ وشب عبدالله بن عبدالعزيز، وعلى الخطوط المستقيمة تربيةً وعلماً وديناً وخلقاً وثقافة سار عبدالله بن عبدالعزيز بتوجيهات والده الملك المؤسس وفي مدرسته الكبرى، وفي رعاية إخوته الملوك الميامين من بعده حتى أصبح عبدالله بن عبدالعزيز من الشخصيات النادرة والمميزة في وطننا العربي التي تتعامل مع الأحداث بكل الصراحة والوضوح، والحكمة والاعتدال، والشجاعة في مواجهة المواقف، كلماته تخرج حاسمة من نفس مؤمنة بما تقول وتعتقد. يحترم الأمير عبدالله من يتعامل مع بلاده بالندية، فكرامة بلده ووطنه ينبغي ألا تمس، فالعالم وجد ليتعاون، والمهم أن يكون التعاون متكافئاً، ومجلس سموه الذي يعقده مرتين في كل أسبوع لمعالجة قضايا المواطنين يشهد على سياسة (الباب المفتوح) التي أصبحت سمة للحكم السعودي. هذا هو عبدالله بن عبدالعزيز تلميذ مدرسة الدروس الكبرى تتجسد في شخصيته الثوابت الإسلامية التي اقام عليها الملك المؤسس دعائم هذا الوطن وسياسته، وحقق بها وحدته وأمنه واستقراره. عرك عبدالله بن عبدالعزيز ميادين السياسة وعاش الى جوار مركز اتخاذ القرار الحكيم والنهج السليم والادارة الحازمة، والتواضع الحليم، وتلقى تعليمه ملازماً لكبار العلماء والمفكرين الذين عملوا على تنمية قدراته بالتوجيه والتعليم أيام صغره، ومن هنا نشأ سموه حريصاً على التقاء العلماء حفياً بأهل الحل والعقد، محباً للثقافة. الاختيار الموفق كان لتربية المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز تأثير واضح على مسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حيث عرك ميادين السياسة وعرفها وعرفته منذ عهد الملك عبدالعزيز، وعندما تولى جلالة المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن عبدالعزيز الحكم كان سموه واحداً من الهيئة العليا المناط بها دراسة شؤون الدولة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، حيث كانوا خمسة أعضاء إبان حياة الملك فيصل وهم: (عمه مساعد بن عبدالرحمن، والملك خالد رحمه الله ، والملك فهد يرحمة الله ، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، وولي العهد الأمير سلطان). وقد صدقت فيه فراسة الفيصل رحمه الله الذي لمس في الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الشخصية الفروسية التي جمعت بين الشجاعة والحكمة والجرأة والتروي فاختاره قائداً للحرس الوطني قبل واحد واربعين عاما، سنة 1382ه، حيث وجد الملك فيصل بن عبدالعزيز انه يستطيع ان يقود هذا الكيان العسكري، الذي يضم أبناء المجاهدين الأوائل وأهل الجهاد، الذين خاض آباؤهم تحت قيادة المغفور له باذن الله الملك عبدالعزيز مؤسس هذه المملكة معارك توحيد الجزيرة والقضاء على الفوضى فيها وقد توسم الفيصل فيه بثاقب نظره هذه الصفات، فضلاً عن مقدرته على التطوير والتحديث في إطار القيم الدينية والعادات العربية الأصيلة، فاختاره الفيصل رئيسا للحرس الوطني عام 1382ه، وقد أثبت سموه صدق فراسة الفيصل، حيث تعتبر تجربته في قيادة الحرس الوطني تجربة فريدة من نوعها، فهو يطمئن على الجميع ويتابع شؤونهم في التدريب والعمل والحياة بروح القائد وبضمير الأب. مهيئا للجميع الاستقرار، مخلّصا إياهم من كل ما يعكر صفوهم أو يشغل بالهم، ليتفرغوا لمهمتهم الأولى، وهي الذود عن حياض الوطن وعن الأمة العربية والإسلامية. وقد استطاع الملك المفدى وعلى مدى أربعة عقود من الزمان، أن يقود الحرس الوطني، ويحوّله من قوات مشاة تقليدية إلى قوات مشاة آلية، تأخذ بمبدأ المعركة الحديثة وهي معركة الأسلحة المشتركة، حيث تتوافر لوحدات الحرس الوطني المتطورة بجانب أسلحتها الرئيسية أسلحة الدعم المختلفة، مما يمكّنها بإذن الله من حسم المعركة لصالحها ذلك لان الحرس الوطني أصبح بقيادة عبدالله بن عبدالعزيز وسيلة هامة لاعداد اجيال من العسكريين المحترفين والمؤهلين اكاديمياً وفنياً والمدربين تدريباً عالياً. والحقيقة أن تعيين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آنذاك قائداً للحرس الوطني جاء منسجما مع خبرته الواسعة بشؤون البوادي والقبائل، ومع طبيعته الفروسية المرتبطة منذ الصغر بكل موروث الحياة الاصيلة في الجزيرة العربية وصحرائها، ولهذا استطاع سموه ان يعبّر عن مواهبه الاصيلة وشجاعته في القيادة. فالحرس الوطني من أبناء البوادي الذين توارثوا الروح العسكرية أباً عن جد، بحكم طبيعة حياتهم التي تضرب جذورها في أعماق تاريخ شبه الجزيرة العربية. فالحرس الوطني فصيل قوي من فصائل حماية الأمة إلى جانب غيره من القوات المسلحة والقوات الأمنية، فقوة الدولة في وحدتها وتراص صفوفها وجمع شملها، فلا غرابة أن يكون الحرس الوطني إضافة حقيقية للحفاظ على أمن البلاد وصون وحدتها، فلا تهاون في أمن البلاد، فالحرس الوطني عين ساهرة تساهم في حماية الوطن، والدفاع عن مقدساته وكرامته وأمنه. فلا غرابة أن يهتم الملك المفدى بالفروسية فهي تذكره بالتاريخ المشرق والمجد العربي التليد، وجاء حبه مصداقاً لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة) ولما تمثّله الفروسية من أحياء للتراث العربي وصفات الفارس العربي، أوليست الفروسية إحدى الرياضات والمهارات التي أوصى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتعليمها للأبناء حين قال: (علّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل). ولاهتمامه بأمر الفروسية ابتعث سموه عدداً من السعوديين إلى كثير من العواصم للاطلاع على تنظيم وإدارة نوادي الفروسية وذلك قبل تأسيس سموه لنادي الفروسية بالرياض، فلقد كان حريصاً أن يكون النادي قائماً على أرقى وأحدث النظم والأساليب المتبعة في العالم. ورغم مشاغله العديدة في إدارة شؤون الدولة وأجهزة الحكم بحكم منصبه كولي للعهد ونائب لرئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني، إلا أنه أسس في مدينة الرياض العريقة نادي الفروسية (بحي الملز)، ومنذ تأسيسه، وحتى اليوم، والنادي يقوم بدور فريد في تعزيز مكانة هذه الرياضة العربية الأصيلة في نفوس أبناء الوطن، وتشهد حلبته الواسعة العديد من السباقات لعدد من الخيول العربية الأصيلة من الاصطبلات العديدة الموجودة في المملكة. هذا إلى جانب المناشط الرياضية الأخرى كالسباحة، وكرة السلة، والتنس، وكرة المضرب، أو التمرينات الرياضية المختلفة، ويضم النادي صالات فسيحة تقام فيها كثير من المناسبات الرسمية الكبرى. ويقوم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز برعاية السباقات التي ينظمها نادي الفروسية، وغالبا ما تكون أرض النادي ميداناً لاستعراضات فرقة فرسان الحرس الوطني وتمارينها، والعابها، وهذه الفرقة تحظى برعاية سموه واعتزازه فهي توحي بالعزة والكرامة، وتلهب الحماس، وتذكّر بأمجاد عزيزة ومحببة في قلبه الكبير إن رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للفروسية قد أصّلتها في نفوس الشباب وذكّرتهم بالعديد من صور البطولة التاريخية الناصعة، وزرعت في نفوسهم الطموح وحب التضحية. ولا غرابة أن يضم الحرس الوطني فرقة سلاح الفرسان التي تتولى الحفاظ على التراث العربي الأصيل المتمثل في بث روح الفروسية، وصون الخيول العربية الأصيلة، وتتجلى معالم ذلك في مشاركة سلاح الفرسان في إحياء المهرجانات والمناسبات، والاحتفالات الرسمية، والاشتراك في استقبال الضيوف من كبار رجالات العالم وزعمائه. مع الفهد بالوفاء وبصمات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لم تقتصر على الحرس الوطني، بل على كافة انجازات النهضة الشاملة التي شهدتها المملكة خلال العقود الماضية في التنمية وفي الامن والاستقرار وفي السياسة الخارجية، ومن زياراته للدول العربية الشقيقة والدول الاسلامية والدول الاجنبية، ومساعيه المشهودة كشريك أساسي في الحكم، ونهض بمسؤولياته في تصريف شؤون الدولة بكل حكمة وحنكة بحكم موقعه آنذاك نائباً ثانيا لرئيس مجلس الوزراء الذي تقلَّده في 17/ 3/ 1395ه (29/ 3/ 1975 م)، فكان له حضور مميز ومشاركات فاعلة في كل القضايا الداخلية والخارجية، فقد كان قريباً من الأحداث فهو واحد من الهيئة العليا لإدارة شؤون الدولة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، واتسمت خطواته في العمل العام بالاتزان والحكمة وبعد النظر، فضلاً عن اهتمامه الواسع بالقضايا العربية والإسلامية. وتسلّم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز المسؤوليات في مراحل مهمة من تاريخ التطور الحضاري والسياسي للمملكة العربية السعودية الذي دخلت به المملكة عهود النماء والتطور والازدهار، واكتملت فيها البنيات الأساسية، وشهدت القطاعات الإنتاجية المختلفة طفرات من الاصلاحات والتحديث، والتنمية بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد تعددت المسؤوليات التي قام بها الملك المفدى في النطاقين الداخلي والخارجي الأمر الذي أكسبه خبرات عميقة ودقيقة بكل ما يتعلق بشؤون السياسة والحكم والإدارة، مما انعكس دائماً على إنجازاته ومساهماته، وفي مختلف مراحل حياته العامة وهو له مشاركات مؤثرة وعديدة، قاد خلالها وفود المملكة لحضور المؤتمرات الإقليمية والدولية سواء كان ذلك على صعيد اجتماعات الجامعة العربية أو القمم العربية المصغرة، التي تعقد من وقت لآخر في ظروف التأزم والطوارىء، كالقمة الثلاثية التي عقدت في دمشق، والتي شارك فيها بجانب الرئيسين المصري حسني مبارك والسوري حافظ الأسد. وفي كل الحالات فان الملك المفدى يسعى في تلك اللقاءات إلى تأكيد مواقف المملكة، وسياساتها الواضحة في دعم القضايا العربية، ولم الشمل العربي، ودفع مسيرة العمل العربي المشترك، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تمر بها عملية السلام في المنطقة، وفي ظل التعنت الإسرائيلي وعدم انصياعه لقرارات الشرعية الدولية، وخطورة دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لفرض فكرة السلام مقابل السلام، بدلاً من الأرض مقابل السلام، فيأتي التشاور بين الزعماء العرب كخطوات جادة لتضافر الجهود، وتنقية الأجواء بين الدول العربية، ورأب الصدع العربي، فعالمنا العربي مترابط عقيدة وحضارة، وتاريخاً وثقافة، ومصيراً مشتركاً، وليس هنالك من سبيل لدخول القرن الحادي والعشرين إلا بإدراك تلك الحقائق. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يدرك ذلك كله وأكثر، وهو ينبّه إلى المخاطر والتحديات بقوله: (إن شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية يواجهان اليوم تحدي الشر، وشراسة العدوان، وقد عودنا إسلامنا وعروبتنا، أن نستجيب لكل تحد، وأن ننتصر عليه، فقوة الحق قوة سرمدية، وحق القوة حق ظرفي، إن تبدى اليوم فهو مندثر غداً، لذلك آن لإسرائيل أن تفهم أن غطرسة القوة، أعجز من أن تبيد شعباً عربياً كالشعب الفلسطيني العزيز، وقوة الغطرسة أضعف من أن تقتلع جذور لبنان الشقيق من تربة العروبة، فشجرة السلام لا تسقى بالدم، وسلام القوة سلام جهيض). الحرب من أجل السلام وهكذا استوعب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في صباه وفتوته وشبابه المتقد الفكر دبلوماسية الملك المؤسس في السلام مما عرفه وعاشه بنفسه من أحداث فقد رأى والده ينتصر بالسلام على كل الذين بادروه العداء من دول الجوار وهو القادر على الانتصار بالحرب، فبادر بالسلام الملك فيصل بن الحسين في العراق، والملك عبدالله بن الحسين في الاردن، والملك فاروق في مصر، وبهذا بدأ تاريخاً جديداً للأخوة والمحبة وحسن الجوار في سماء العلاقات العربية. وقد سار على هذا الدرب ابناء عبدالعزيز الملوك البررة سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله وباني نهضتنا الحديثة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يعضده ويسنده ولي عهده الامين سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظهما الله فخدموا الاسلام دين السلام، وأقاموا العدل حين حكَّموا شرع الله، وجعلوا من قضية استرداد القدس ودعم حركة تحرير الاراضي العربية المحتلة إن حرباً أو سلماً من ثوابت السياسة السعودية، فلا عجب إذن ان يكون قادة هذا الوطن في طليعة دعاة السلام ضد الحرب، وان يكونوا ايضاً من مؤيدي الحرب من أجل السلام. لهذا كانت وقفة المملكة العربية السعودية سنة 1973م مع الحرب من أجل السلام في عهد الملك فيصل رحمه الله. وما زالت المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين رائدة السلام القائم على اعادة الحقوق لأصحابها لا السلام الذي تريده إسرائيل ومن وراءها. فقد أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرته للسلام، وتبناها مؤتمر القمة العربي الاخير الذي انعقد في بيروت، فشعرت إسرائيل بالحرج، فكان ردها على المبادرة حرب إبادة شاملة شنتها على الشعب الفلسطيني لم يكن لها في التاريخ مثيلا، والقوة كما قال الملك المفدى وسيلة العاجز عن الحوار. لا عجب إذن ان تنطلق مبادرات السلام من أرض السلام يقودها أبناء الملك المؤسس الذي خاض حروبه جميعا من أجل السلام ومد يده بالسلام لكل الذين بادروه العداء فكان المنتصر في كل الاحوال بإذن الله. الثقافة والأصالة تأسست ثقافة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على ثوابت (الأصالة الإسلامية) في مدرسة الملك عبدالعزيز الفكرية، الثوابت التي لا تتعارض مع الانفتاح على روح العصر، وأخذ ما أحل الله منه، والتعامل مع ما يتفق مع عقيدتنا ولا يتنافى مع مبادئنا. لهذا يدعو دائماٍ الاستفادة من أحدث معطيات التقنية الحديثة في مجالات التنمية، ومواكبة مسيرة الحضارة الانسانية وعطاءاتها.و خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ضد الانبهار بالثقافات الوافدة، التي تستهدف الاستخفاف بالثقافة الاسلامية وبتر الاجيال عن ثقافاتهما وتراثها وأصالتها، وصبها في قوالب ثقافات الغير. وهو ضد الانهزام أو أولئك الذين تأثروا بموجات التغريب والتحديث، الداعين إلى الانسلاخ من القيم العربية، وجذورنا وتقاليدنا الاصيلة. لهذا فهو يدعو باستمرار في خطبه ومجالسه وأحاديثه للشباب الى هضم الثقافة وإعطائها صبغتها العربية والإسلامية الأصيلة. فالثقافة العربية بتراثها وأصالتها قادرة على أن تستوعب جميع الثقافات وتعيد صياغتها بالطابع العربي الأصيل، دون أن تؤثر في بنيان النفس العربية واتزانها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إنسان من الطراز الاول، يؤمن من الإنسانية، إيمانه بأن الإسلام دين الانسانية وهو من المؤمنين بضرورة التواصل بين بني الإنسان، والتمسك بالقيم، وإرساء مبدأ الحوار الواعي، والخروج من دائرة التبعية الثقافية، إلى رحاب التواصل المفتوح بين المجتمعات الإنسانية مع ضرورة الالتزام بالمبادىء المتأصلة في الشريعة السمحة، فهي النبع الصافي الذي يهب الإنسان الفرد الحياة الكريمة. فلا غرو ان يتمثل هذا الوعي بالثقافة وأبعادها الشاملة، وأثر هذه الابعاد على عملية التنمية الحضارية التي تشهدها المملكة. وأهم مصادر ثقافته قراءاته المختلفة، واطلاعه في جوانب العقيدة وشغفه بالفكر وتأمله في التاريخ وتمرسه بالسياسة ودراستها والافادة من حوادثها ونظرياتها ومجرياتها. وله ( حفظه الله ) اهتمامات خاصة وكبيرة بالأدب والأدباء وله علاقات وثيقة بكثير من الأدباء وله آراء في العديد منهم، ويرى الملك المفدى في الكتاب طريقاً لفهم ثقافة العصر ونظرياته وأفكاره وعلومه التي لا تنتهي، فاهتم بالكتاب وأهل الثقافة، فكان من نتاج ذلك أن أسس مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في الرياض كما اسس مثيلة لها في الدارالبيضاء المملكة المغربية. ولعل أهم ثمار اهتمامه بالثقافة تتمثل في ريادته لفكرة (المهرجان الوطني للتراث والثقافة) الذي تأسس في 2/7/1405ه، ويقام سنوياً في الجنادرية، وتشارك فيه كل الفعاليات الثقافية والتراثية من مختلف انحاء المملكة، ويدعى اليه العلماء والادباء والمثقفون من انحاء العالم العربي والاسلامي، وأصبح هذا المهرجان وجهاً رئيسياً من وجوه الحركة الثقافية في المملكة في هذا العهد الزاهر الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله صناعة المستقبل واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأمر التعليم والثقافة لا تحده حدود، فهو شديد الحرص على أن تقوم المؤسسات التعليمية بواجبها على أكمل وجه خدمة للمواطن وبناء الإنسان السعودي ليقوم بأعباء التنمية والنهضة. ولتوجيهاته الكريمة أثرها الكبير في دفع حركة العلم والمعرفة، والتوسع في انشاء المؤسسات التعليمية على مستوى التعليم العام والعالي للبنين والبنات على نطاق المملكة، ففي 9 ذي القعدة 1418ه 7 مارس 1998م قام حفظه الله بوضع حجر الأساس لمشروع المدينة الاكاديمية لكليات البنات بالرياض، بتكلفة (85) مليون ريال سعودي في مساحة تقدر بمليون متر مربع، لتستوعب (16) ألف طالبة، ويعكس ذلك اهتمامه بتعليم المرأة وتشجيعها والوقوف بجانبها، وتوفير كافة المستلزمات العلمية والتعليمية لها على أرقى المستويات، من أجل تحقيق النمو والتطور والتعليم المستمر وفق ضوابط الشريعة الإسلامية. كما قام أيده الله بوضع حجر الأساس للمدينة الجامعية لجامعة الملك خالد بمنطقة عسير في 2 محرم 1419ه/ 28 ابريل 1998م لتكون الجامعة الثامنة بالمملكة، وقد آثر تسمية الجامعة باسم الملك خالد بدلا من اسمه (جامعة الأمير عبدالله( ابان توليه لولاية العهد )) التي صدر بها قرار ملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، ( رحمه الله ) وذلك يدل على أصالة معدن سموه ونكرانه للذات، وتقديره لمواقف من سبقوه من قيادات المملكة ورجالها المخلصين. والشاهد على حرصه ورعايته لأهل العلم والادب والثقافة اهتمامه بإنشاء مكتبة كبرى عامة على نفقته الخاصة، وهي مكتبة الملك عبدالعزيز هدية لطلاب العلم والثقافة افتتحت في 10/ 7/ 1408ه.في مساحة تزيد عن خمسة آلاف متر مربع، وتضم قاعات للقراءة والمطالعة، وقاعات لعرض الكتب وقاعة محاضرات، ومسجدا، وروعي في المكتبة تخصيص جناح يحتوي على كل ما كتب عن الملك عبدالعزيز طيَّب الله ثراه من مطبوعات وإصدارات ومخطوطات وصور تسجيلات، وقد زوّدت المكتبة بوسائل سمعية وبصرية وحاسب آلي، وإقامة معرض للصور الشمسية عن المملكة العربية السعودية خلال مئة عام يلقي الضوء على واقع الحياة الاجتماعية والعمرانية في مختلف اشكالها، سواء في الهندسة المعمارية أو الأزياء، أو طرق المعيشة في القرى والمدن، وحياة أبناء البادية، وغيرها من السمات التي اختفى العديد منها وتهدف مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض من إقامة ذلك المعرض المصور الى المحافظة على تراثنا المصور والاسهام في تعميق معرفتنا بهذا التراث. وانطلاقا من هذا الوعي الشامل بالشباب والثقافة اهتم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالرياضة وبالحركة الشبابية، باعتبارها دعامة المستقبل، وذلك وعيا منه بما يمثله الشباب من أهمية وذخيرة كبرى للوطن، وذلك في اطار اتاحة الفرص امامهم لاكتساب المزيد من المعارف والمهارات، ودعم القيم الروحية وترسيخ التقاليد الاسلامية والعادات العربية الاصيلة لدى الشباب السعودي. وقد خصص حفظه الله كأسا للاندية الرياضية السعودي تتبارى عليه باسم (كأس ولي العهد )وذلك آبان توليه لولاية العهد ، ويحرص ايده الله كذلك على حضور المناسبات الرياضية المختلفة وتقديم الجوائز للفائزين في الأنشطة الرياضية، وتواصلت اهتماماته بالرياضة حيث افتتح في 21 محرم 1419ه الدورة الرياضية المدرسية (الأولى) باستاد رعاية الشباب بجدة وذلك من أجل تحقيق التلاحم وتوثيق الروابط بين أبناء المملكة. وللحقيقة والتاريخ فإن الحرس الوطني بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لم يكن مؤسسة عسكرية وطنية فحسب، بل اكتسب من مزايا قائده وشخصيته ومواهبه، فأصبح الحرس الوطني مؤسسة ثقافية كبرى بكل أبعادها تؤدي رسالة اجتماعية وفكرية ترتبط بثوابت الوطن وتنطلق من هوية الامة الاسلامية التي جعل الله هذه الارض مهد رسالتها ومنطلق دعوة نبيها. لهذا نجد الحرس الوطني يسهم إسهاماً كبيراً وذلك عبر إنشاء عدد من المدارس الاكاديمية والفنية ومدارس تحفيظ القرآن الكريم والمعاهد والكليات، وتنظيم حملات محو الأمية وتعليم الكبار، وتقديم الرعاية الصحية المتكاملة ونشر الوعي الصحي بين منسوبيه وعامة المواطنين، هذا فضلاً عن تنظيم المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية.