صوم رمضان هو أحد أركان الإسلام ولا يعفى منه أي مسلم صحيح الجسم بالغ وعاقل، أما المرضى الذين لا يستطيعون الصيام فقد استثناهم الخالق من فريضة الصوم بنص قرآني صريح، ومن هؤلاء مرضى الفشل الكلوي، الذين ارتبط بقاؤهم على قيد الحياة بآلة تنقية الدم، كيف يعيش مرضى القصور الكلوي المزمن في شهر رمضان الكريم؟ خاصة وأن مرضى المراحل المتأخرة يخضعون لعمليات تنقية الدماء بما لا يقل عن ثلاث مرات في الأسبوع.. كيف يتفاعلون مع شهر الرحمة؟ هل يصرون على الصيام بالرغم من تحذيرات الأطباء؟ كيف يتحملون مشقته؟ ولمعرفة خبايا هذا المرض، دعونا إذا نتعرف عليها عبر الزيارات الميدانية لأقسام الكلى في مناطق تواجد المرضى. «عكاظ الأسبوعية » زارت أحد أقسام الكلى بمستشفى العقيق العام بمنطقة الباحة والتقت عددا من مرضى الفشل الكلوي خلال خضوعهم لغسيل الكلى وتنقية الدم وخرجت بهذا التقرير. في البداية، أوضح ل«عكاظ» طبيب الكلى الدكتور مصعب محمد النوري أن نسبة 80 في المائة من مرضى فشل الكلوي الذين يراجعون مستشفى العقيق هم من كبار السن ويعانون من أمراض مزمنة مثل السكر والضغط وأمراض القلب، وبالتالي لا يستطيعون صيام شهر رمضان، حيث يشكل الصيام صعوبة كبيرة بالنسبة لهذه الفئة، مبينا أن عملية الغسيل في مستشفى العقيق غالبا ما تتم في الصباح ما عدا المستشفيات الكبيرة في المنطقة والتي تعمل على ثلاث دوريات ويستمر عملها حتى الفجر لكثرة المراجعين، موضحا أن بعض المرضى يصر على الصيام بالرغم من الصعوبة والمشقة، «ونحن من جانبنا نؤكد على عدم الصيام وفي نفس الوقت لا نستطيع منعهم من ذلك». شدة المرض من جهته، أوضح مغرم بن سويلم الغامدي، أنه أصيب بمرض الفشل الكلوي قبل عام تقريبا، وقال: «اكتشفت المرض خلال هذا العام ولم أتمكن من صيام رمضان الماضي لشدة المرض الذي ألم بي، حيث نصحني الأطباء بعدم الصيام حتى لا يؤثر على صحتي وفق اعتقادهم»، مشيرا إلى خضوعه لثلاث جلسات غسيل أسبوعيا. أما محمد ناصر دربي فأصيب بالمرض المزمن قبل 13 عاما تقريبا، ويخضع لغسيل كلوي بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع، وهنا أكد دربي أنه يضطر للإفطار في الأيام التي يجري فيها عمليات غسيل ويصوم ما تبقى من أيام الشهر، ويضيف: «أقضي الأيام التي أفطر فيها بعد رمضان مباشرة وتحديدا في الأيام التي لا يوجد بها غسيل»، من جهته، يعاني أبو علي من مشقة الصيام بعد مرضه بالفشل الكلوي منذ أكثر من عام، متمنيا صيام كامل أيام شهر رمضان الحالي إذا استطاع ذلك، مبينا أن رمضان شهر فضيل والجميع يأمل صيامه وقيامه، داعيا الله أن يشفي كل مريض. ثلاثة أشقاء ومن المفارقات العجيبة لدى مرضى الفشل الكلوي، يلتقي ثلاثة أشقاء أسبوعيا في قسم الغسيل الكلوي بمستشفى الملك فهد بالباحة للخضوع للغسيل، وبدأت مأساة أسرة الغامدي التي ينتمي إليها المرضى الثلاثة، عندما إصابة أصغرهم عمر راجح الغامدي البالغ من العمر «26 عاما» بالمرض قبل 12 عاما، وقال عمر: «أنا لم أكمل دراستي بسبب المرض، حيث أخضع ثلاث مرات في الأسبوع لعملية تنقية الدم»، ويضيف: «أشعر بالتعب بعد الغسيل وراضٍ بقضاء الله وقدره»، وبخصوص الصيام قال: «لا أستطيع صيام أكثر من ثلاثة أيام بسبب الغسيل، وأقضي باقي الأيام في الأشهر الأخرى». وتابع عمر بالقول: «أزوال حياتي بكل يسر ولله الحمد بالرغم من إصابتي بالفشل الكلوي وضغط الدم، ومع هذا أحضر المناسبات الرسمية والخاصة والاحتفالات العائلية، وفي حال السفر أنسق مع المستشفى في منطقة تواجدي لتأمين جلسات الغسيل، ولدي علاقات جيدة بزملائي وفكرة الزواج واردة في حال وجدت بنت الحلال». أول الضحايا وفي الجانب الآخر من وحدة الغسيل الكلوي بمستشفى الملك فهد بالباحة كان لنا لقاء آخر بشقيقه الأكبر «أحمد» الذي يخضع للغسيل منذ 10 أعوام، ويروي أحمد ل«عكاظ» والحزن يكسو وجهه، أن شقيقه الصغير عمر كان أول ضحايا هذا المرض بين أفراد الأسرة، وقال: «أصبح صيام رمضان سهلا ولله الحمد، وشخصيا أفطر ثلاثة أيام في الأسبوع مجبرا بسبب الغسيل وأمارس حياتي الطبيعية بيسر سواء في زيارة الأقارب أو الأصدقاء أو الزملاء». إفطار وتصدق وفي زاوية غير بعيدة يقبع حمدان عطية «86 عاما»، والذي يخضع لعمليات الغسيل منذ سنوات بالمستشفى، ويجد صعوبة ومشقة كبيرة في صيام شهر رمضان نظرا لكبر سنه وأيضا لمرضه المزمن الذي يحتاج لغسيل كلى أسبوعيا، وقال: «في السنوات الأخيرة أجد صعوبة في الصيام ويأتي أصدقائي وزملائي وأقاربي لزيارتي في المنزل والاطمئنان علي»، وآخر مرضى الفشل الكلوي الذين وقفت الصحيفة على أحوالهم علي عبدالله علي قروش الذي يداوم على الغسيل وتنقية الدم منذ 15 عاما، ويعاني كذلك من حزمة من الأمراض ويعاني أيضا من مشقة في صيام الشهر فيضطر للإفطار والتصدق.