لم يكن الصوم قبل نحو نصف قرن باليسر الذي نعيشه حاليا، بدءا بمعرفة دخول شهر رمضان، إضافة للمشقة التي كان يجدها الصائمون في ظل بدائية الحياة آنذاك، حيث تتوافر حاليا التقنية الحديثة، فسهلت سبل المعيشة، بدءا بالمواصلات ورغد العيش الذي ينعم فيه الأهالي، فضلا عن انتشار وسائل التكييف التي تحيل القيظ إلى برد قارس، ووجود الماء العذب الذي كان يحصل عليه الأجداد بشق الأنفس. وأوضح أحمد عيسى (77عاما) أن الصوم حاليا يختلف عما كان عليه قبل نحو أربعة عقود، مشيرا إلى أنهم كانوا يعلمون بدخول الشهر الكريم عبر أنباء يتناقلها الأهالي فيما بينهم، أو إطلاق النار من البنادق، في رؤوس الجبال والهضاب المرتفعة، مبينا أن هذه الطرق تستخدم أيضا في إخبار الناس بدخول العيد واقتراب موعد السحور. وذكر أنه في أحد الأعوام بدأوا الصيام بعد أذان الظهر لعدم معرفتهم بدخول الشهر، كما أنهم أقاموا صلاة العيد بعد الظهر لعدم معرفتهم بانتهاء شهر الخير. وقال عيسى: «كان الأهالي في السابق يعانون من شدة الجوع وصعوبة العيش، وليس كما هو الحال الآن حيث رغد العيش»، مؤكدا أن كثيرين في الحقبة الماضية كانوا يصومون دون وجبة السحور ويفطرون على عدد قليل من التمرات واللبن فقط. إلى ذلك، بين يحيى الحاج (73 عاما) أن الحياة في السابق كانت بسيطة ولكنها جميلة بجمال قلوب الأهالي، موضحا أن الميسور منهم في ذلك الوقت من يجد حبات تمر أو قطعة خبز أو إقط عند الفطور، وعند السحور خبز تنور مع اللبن. وأفاد أن الجميع يذهبون إلى مزارعهم عند شروق الشمس، ومنهم من يزاول الرعي والاحتطاب، والري، وغيرها من المهن البسيطة، لافتا إلى أن أبناء القبيلة يجتمعون بعد صلاة التراويح للتسامر وتجاذب أطراف الحديث على قهوة يعدها أحدهم. وقال: «لكن الوضع الحالي تغير الوضع ولله الحمد، وأصبح الناس يصومون في راحة وتحت المكيفات، ويفطرون على موائد تغص بشتى أصناف الطعام والحلوى، بينما يقضي الشبان جل وقتهم أمام التلفاز، بعد أن كان آباؤهم وأجدادهم يزرعون ويحصدون في الأرض منذ شروق الشمس إلى الغروب بحثا عن لقمة العيش»، مبينا أنهم في السابق كانوا يرتدون الملابس البسيطة في حين يفضل غالبية الناس التسوق وارتداء أرقى الماركات من الملابس.