رمضان في جازان له طعم ولون ورائحة على الملمح الاجتماعي، يبدأ السوق عودته إلى أيام الزمن الجميل.. إذ يأخذ مسحة قديمة من خلال المعروضات الشعبية التي تكاد لا تظهر إلا في مثل هذه الأيام، حيث تدب حركة غير اعتيادية في جميع أرجاء جازان، تنتعش الحركة الشرائية في الأسواق الشعبية خصوصا سوق الأواني الفخارية والحجرية والخزفية والتي تشتهر بها المنطقة كإرث تاريخي جميل مثل الموافي والمغشات والحياسي والجرار والسلال. لذة الطعام في الفخار العم أحمد السالمي «66 عاما» يقول: «إن استخدام الأواني الفخارية في طهي وتجهيز أطعمة شهر رمضان المبارك بشكل عام يعد من المظاهر الرمضانية الجميلة والأصيلة لأبناء المنطقة، كنا في السابق لا نعتمد إلا عليها، ولا نجد للطعام لذة إلا فيها، ومع دخول شهر رمضان تجدنا نتسابق إليها من أجل الحفاظ على هذا المظهر الاجتماعي الجميل، جميع كبار السن يعلمون قيمتها وحميميتها مع ليالي رمضان». في المقابل يرى الشاب علي الكريري أن الأواني القديمة فيها مبالغة في تقييمها من ناحية السعر، وهو أمر مبالغ فيه، فالمغش الحجري مثلا، يرتفع سعره من 40 ريالا إلى 80 ريال في الشهر الفضيل، بينما الميفا «التنور» يصل سعره إلى 300 ريال.. «هناك مبالغة في رفع أسعار الأواني الفخارية والحجرية في هذه الأيام، ونظرا لحاجتنا الماسة للشراء ندفع بلا مساومة، لأننا نريد أن نتعايش مع ليالي الشهر الفضيل بلمسة اعتدنا عليها منذ القدم، حيث نحرص كثيرا على وجود الأواني الفخارية والحجرية على موائدنا من أجل الحفاظ على هذا الإرث التاريخي الجميل». ربح موسمي مبرر ناصر جبران (أحد باعة الأواني الشعبية) يقول إن حلول الشهر الفضيل يعد موسما خصبا لتجارة الأواني الفخارية العتيقة في المنطقة نظرا لما يشهده السوق من إقبال كبير كونها تستخدم في إعداد الوجبات الشعبية الشهيرة «نحن نعاني من الركود طوال عام كامل ونعوض خسائرنا في أيام رمضان والعيد، ونظرا لكثرة الطلب فمن الطبيعي أن ترتفع الأسعار، فالأواني الحجرية والفخارية بحاجة لأيادٍ صانعة فهي ليست معدنية، نحن ننحت الصخور من أجل تجهيزها». الماء النقي البارد المواطن بندر الحمزي قال إنه أحد الزبائن الدائمين على باعة الأواني الفخارية القديمة، واعتاد شراءها في الربع الأخير من شعبان نظرا للتزاحم الكبير الذي يشهده السوق في آخر أيام شعبان، ويضيف قائلا: «يعد (المغش) الأكثر مبيعا من بين الأواني الفخارية والحجرية ويعتبر سيد المائدة، فتجده يتصدرها في الإفطار والسحور، كذلك تعود للواجهة الجرات الصغيرة التي تستخدم لتبريد الماء كمظهر رمضاني اعتاد عليه الأطفال في أيام وليالي الشهر الفضيل».