جلس عدد من الشباب في حي شعبي بالمدينةالمنورة وهم يتناولون وجبات شعبية من صميم أكلات أهل المدينة مثل فتة الهوا، السيرية، الكابلي، والأرز المديني، وفي حراك الطعام فإن الوجبات الشعبية التي تحمل رائحة الماضي عصفت بالوجبات السريعة، وأصبح الكثيرون يلتفتون إلى مخاطر الوجبات السريعة التي غالبا ما يتم تحضيرها بالزيوت المشبعة المضرة بالصحة. وفي هذا السياق لا يزال أهالي المدينةالمنورة وزوارها يفضلون الأكلات الشعبية رغم ظهور مطاعم الوجبات السريعة وانتشارها الكبير في أنحاء مختلفة من شوارع المدينةالمنورة إلا أن مطاعم الأكلات الشعبية ما زال لها ثقلها في نفوسهم وهي المتسيدة في غالبية سفر أهالي المدينة الذين يرون أن المحافظة على تلك المأكولات الهدف منه هو المحافظة على تراث المدينة القديم ورغم موجة ارتفاع الأسعار الحالية إلا أنها تبقى أكثر المأكولات استقرارا في الأسعار وأكثرها انخفاضا، وتعتبر المدينة من أكثر المدن في المملكة التي تشتهر بتنوع أكلاتها الشعبية وذلك بسبب وجود عدد كبير من الجاليات التي نقلت عددا من مأكولاتها إلى المدينةالمنورة، خاصة في الأحياء الشعبية والقديمة بالمدينة مثل قباء والعنبرية وقربان وغيرها. ويتسابق الكثيرون من مختلف مناطق المملكة لاستغلال مهرجان الجنادرية لزيارة جناح المدينةالمنورة والتزود من أكلاتها الشعبية، حيث يشارك العديد ممن امتهنوا مهنة الطبخ لأكلات المدينة الشهيرة بتقديم فنون الطبخ مباشرة أمام الجمهور. يقول محمد عبدالمجيد من سكان حي قربان: إن ضجيج المطاعم يتواصل حتى ساعات متأخرة من الليل وإن الأكلات الشعبية مثل فتة الهواء التي تتكون من البصل «المكشن» والسمن والخبز والمرق تجذب الكثيرين ويفضلونها عن الوجبات السريعة وسندوتشات الهامبرجر. وأضاف أنه اعتاد على ارتياد مثل هذه المطاعم في نهاية الأسبوع مع أصدقائه لتناول الوجبات السريعة. من جهة أخرى يعرف سوق الخان الشعبي الواقع في قربان كأقدم مجمع للمطاعم في تاريخ المدينة، حيث يبلغ عمره أكثر من 40 عاما واشتهر بتقديمه لأنواع عديدة من المأكولات الشعبية في المدينة ويرتاده الكثير من مواطني وزوار المدينة بشكل يومي. يقول محمد فلاتة أحد مرتاديه انه يتناول الإفطار مع أصدقائه في هذا السوق منذ عدة سنوات ولا يزال محافظا على هذه العادة، حيث إن تلك المأكولات تذكره بتاريخ المدينة القديم وتراثها المجيد. ويشير إلى أن أبرز ما يميز هذه المطاعم هو أنك تشاهد «المعلم»، وهو من يقوم بإعداد الطعام أمام عينيك، يقوم بطبخ الطعام وتحضيره للتأكد بأن إعداد الطعام يتسم بمقدار عال من الشفافية، إذ أن أصحاب هذه المطاعم معروفون منذ القدم أنهم يمتلكون مهارة عالية في طبخ وتحضير الطعام ولديهم مجموعة من العمالة الماهرة والمتدربة في إعداد الطعام وأشار إلى أن ما يميز هذا الطعام بأنه طازج، كما أنه لذيذ ومذاقه فريد. وقال حسين باشا أحد أصحاب المطاعم الشعبية: في الصباح نقوم بتقديم أنواع مختلفة من أصناف الطعام بعد صلاة الفجر إلى أذان الظهر وتبقى الكبدة ومرقة المقادم والكمونية هي أكثر تلك المأكولات طلبا وتختلف أسعارها، حيث يتراوح قيمة الصحن الواحد ما بين خمسة ريالات إلى عشرة ريالات وما يميز هذه المطاعم أنها تقدم للزبائن طعامها في نفس مكان المطعم وبنفس الأداة التي يتم الطبخ فيها بشكل مميز وذلك كطريقة منا لفتح شهية الزبون وتبقى طريقة وضع صحون تقليدية ذات أشكال مميزة لجذب الزبائن. ويبقى للمعصوب والفول مكانتهما المتميزة حيث إن كثيرا من المطاعم تقدمها كوجبات رئيسية لديها وخاصة في الصباح وقد اكتسبت شهرتها مما تمتلكه من طعم متميز. أما في فترة الظهر فيقول العم صالح الرجبي إن الطلب يكثر على الأرز بأنواعه وبالأخص يوم الجمعة، حيث تشهد المطاعم ازدحاما كبيرا وأكثر الأكلات طلبا الأرز بأنواعه المختلفة، البخاري، البرياني، الكابلي والمندي، فيما يكثر الطلب من جانب آخر على أنواع معينة من الأسماك ويختلف سعر الكيلو بحسب موقع السوق ويتراوح سعر الكيلو جرام ما بين 30 إلى 90 ريالا، مثل سمك الناجل الذي يتم جلبه غالبا من محافظة ينبع كونها أقرب مدينة ساحلية للمدينة المنورة. وأضاف بقوله: من أكلات المدينة الشهيرة «السيريه» وهي من أشهر المأكولات الشعبية بالمدينة وهي عبارة عن شرائح من اللحم، يتم تتبيلها وشواؤها بطريقة معينة. وكما أن هناك المنتو واليغمش وهما عبارة عن لحم مفروم يوضع داخل عجينة، أحدهما يوضع بالفرن والآخر يطبخ باستخدام بخار الماء. أما محمد النخلي فيقول: ليس فقط في سوق الخان تنتشر المطاعم التي تقدم مأكولات شعبية بل إنها تنتشر في كافة أرجاء المدينة، وهناك مطاعم تخصصت في تقديم عدد من المأكولات الشعبية فمثلا في منطقة العنبرية تشتهر تلك المنطقة بوجود أكلة المطبق وهذه المطاعم تكون متاحة في فترة المساء فقط وتبقى مفتوحة حتى ساعة متأخرة في الليل. أما في الليل فتعمل غالبية هذه المطاعم بكامل طاقتها لمواجهة الأعداد المتزايدة من الأهالي والزوار، حيث تبقى لساعات متأخرة في الليل. وقال يوسف الجهني إنه حينما يريد تغيير الجو الروتيني وشراء عشاء من أحد المطاعم الشعبية وتناوله مع أسرته في إحدى الحدائق العامة بالمدينة فإنه يقصد الأحياء الشعبية، موضحا أن مشكلة تلك المطاعم تبقى في عدم اهتمامها بالنظافة، وأن مطاعم سوق الخان على سبيل المثال بحاجة إلى ترتيب وتنظيم وإعادة ترميم، حيث تعاني دورات المياه من سوء النظافة، كما ان قاعات هذه المطاعم بحاجة إلى كراس حتى يكون مكان تناول الطعام على مستوى عال من النظافة بما يجعل الزبون يتناول طعامه براحة وطمأنينة. وأشار الجهني إلى أن المدينة ما زالت بحاجة للمزيد من المطاعم وبالأخص في المنطقة المركزية المجاورة للحرم النبوي، حيث يعاني الزوار من عدم وجود مطاعم قريبة في تلك المنطقة، خاصة في ساعات الليل المتأخرة، وكذلك لا تزال تلك المطاعم بحاجة لتطوير خدماتها وذلك بإعداد قائمة بأهم المطاعم الشعبية ووضع أرقام للتواصل مع الزوار وكذلك تشغيل خدمة توصيل الأطعمة لفنادقهم ووضعها بقائمة واحدة وتوزيعها على كافة الفنادق ولكن ذلك بحاجة لتكاتف كافة الجهات المعنية لتقديم خدمة تليق بأهل المدينةالمنورة وزوارها. من جانبه أشار المهندس يحيى سيف وكيل أمانة المدينة للخدمات أن الأمانة لديها فريق متابعة متكامل من المراقبين الصحيين الذين يقومون بجولات ميدانية دورية تكون في غالبها أسبوعية أو شهرية وذلك حرصا على أن تكون تلك المطاعم وبخاصة الشعبية على قدر عال من النظافة وتحت معايير عالية من الأمن الغذائي. من خلال إدارة صحة البيئة وهي المخولة بهذا الموضوع والتي تقوم بفحص كافة المعدات التي يتم إعداد الأطعمة بها وكذلك أخذ عينات عشوائية من تلك الأطعمة للتأكد من سلامتها وخلوها من أي شوائب.إقبال على الوجبات الشعبية. وجبات تراثية تتضمن قائمة الوجبات التراثية في المدينةالمنورة الكثير من المسميات مثل الأرز الكابلي، السيرة، فتة الهواء، شيش برك، فضلا عن أكلات مشتركة مع كثير من المدن في المملكة مثل الفورموزا واليغمش والسقط، إضافة إلى الكبسة بأنواعها المختلفة ولكن تشتهر الكبسة في المدينةالمنورة بتميزها وحضورها في كافة الولائم.