لم تسلم العلاقات الإنسانية من التغيير الذي طال كل شيء، لدرجة لم يعد التفكير في بناء كيان أسري قائما على اختيار الزوجة الصالحة ومراعاة حقوقها وواجباتها ومشاعرها، لدرجة أن يشترط الشاب في شريكة حياته أن تكون موظفة لتخفف عنه أعباءه الشخصية بخلاف أعباء الحياة بشكل عام. وتنفر العديد من فتيات نجران من صياغة الطلب بهذا الشكل، فهي تنظر للحياة الزوجية على أنها علاقة قائمة على الأخذ والعطاء والتضحية، أما أن يصر الشاب على أن تكون زوجته ذات دخل مادي فذلك يحرك في دواخلهن الظنون السلبية حيال هذا الرجل الذي يقوم فكره على المصلحة والانتفاع المادي. وتعلل بعض الفتيات أسباب النفور من هذه النوعية من الرجال لشعورهن بأن استمرار زواجهن مرهون بالعمل، وفي حالة تركه لأي سبب فسيكون مصير الفتاة مجهولا. وأبدت ل«عكاظ» عدة فتيات استياءهن حيال هذه النظرة، فيما وصفها البعض بأنها جحيم يقرع الأبواب في ثوب أبيض لا يخلو من سواد يهدم البناء الأسري من أساسه، حيث قالت (م. ه): «لم أتخيل أن تكون بداية حياتي بهذه الطريقة، ولم أتوقع أن أكون ضحية شخص من نفس العائلة، حيث قالها بمنتهى البساطة: لم أتزوجك حبا أو رغبة فيك، تزوجتك من أجل الصرافة، فسقطت كلماته على رأسي في أيام عرسي الأولى، فلم أفكر طويلا، جمعت ملابسي وعدت فورا إلى بيت أهلي، أخبرت والدي بالواقعة فطلقني منه تاركا في قلبي جرحا لن يندمل، خاصة بعد قطع أواصر الصلة بين أفراد الأسرتين». أما خالدة فقالت: «المرأة للسكن لا المتعة، ويتوجب على المتقدم على الزواج أن يوضح نيته ومقصده من الزواج من البداية حتى يكون الرفض أو القبول على بينة، وللأسف فبعض الشباب لا يملك مقدرة على التفكير في عواقب الأمور»، مضيفة: «من وجهة نظري أرى أن ذلك سلوك مشين وغير إنساني». وعلقت أم حمد قائلة: «سمعنا عن مثل هذه التصرفات التي تكون المرأة هي السبب فيها فمن ترضى أن تتزوج رجل لا ينفق عليها ولا يقوم بواجباته نحوها تستحق ما يحدث لها فهي من قبلت أن تكون حياتها معكوسة»، مضيفة: «من رضى بخنقه حل شنقه». وذكرت أم أحمد قصة الرجل الذي تزوج مديرة المدرسة والمساعدة والمعلمة، وكلهن يعملن في نفس المكان، وكيف أنهن قبلن بتحمل المصاريف، مشيرة إلى ضرورة الوضوح في هذه الأمور حتى لا تقوم على الخديعة. «لن أقبل بزوج يريدني لأكون صرافة»، هذا ما أكدته منى، فهي تريد رجلا يرغبها لشخصها ويقدر مشاعرها وإنسانيتها، متسائلة: «كيف ستكون ردة فعل الرجل حينما تخبره امرأته بأنها ارتبطت به فقط من أجل المادة؟»، مضيفة: «عن نفسي أرضى بزوج يحترمني حتى لو قدم لي قارورة عطر». فيما ترى أم عبدالعزيز أن الرجل في السابق كان يبحث عن راعية بيت تقوم على رعايته ورعاية أسرته في حال كان والداه كبيرين، وليس لهما غيره، وتقوم بشؤون بيتها من تنظيف وتربية أولاد وإعداد الطعام، ومواصلة كل من تربطه بهم صلة رحم، فالمرأة النجيبة هي لبنة الحياة الزوجية القادرة على الصبر والتحمل ومكابدة الظروف الصعبة، أما اليوم فالدنيا تغيرت وأصبح الجميع يعيشون في رغد ونعمة لا يقدرها جيل اليوم الذي لا هم له سوى الاستزادة من المادة.