أصدر نادي مكة الأدبي الطبعة الأولى من كتاب (الجهنية) في لغة النساء وحكاياتهن للدكتور عبدالله الغذامي، وقع في (187) صفحة من الحجم المتوسط، طبع في مؤسسة الانتشار العربي في بيروت، ارتسمت على غلافه لوحة تشكيلية للفنانة ديما الغذامي، خرج الكتاب عن نطاق التأليف المألوف شكلا ومضمونا، اعتمد فيه على أسلوب مبتكر ورشيق، بعيدا عن طابع الدراسات المتفحصة للقضايا والنظريات، مضيفا للمكتبة العربية أنموذجا رائعا للتأليف الذي ينتهج الارتكاز على قاعدة القاسم المشترك بين المجاز والواقع. وذكر الغذامي في مقدمة كتابه الذي تمحور حول سرد نصوص أدبية بليغة تحكي وقائع مختلفة من حياة المرأة، أن هذا الكتاب يعتبر من أحب الكتب إلى نفسه، لأن به رائحة أمه، فهو وجدانه الذي أودعه لنادي مكةالمكرمة، مقدما شكره للأستاذة أمل القثامية، التي أسند إليها مهمة العناية بالكتاب، حيث قال: (...كيف لا وهي التي طلبته ودفعتنتي إليه، وشكرا لها تكرارا، حيث حققت لي هذه المصادفة الكريمة في التلاقي مرة أخرى مع أمي ومكةالمكرمة، هذا فأل حسن ما كنت لأفوته). استهل المؤلف كتابه بموضوع تزدحم فيه العواطف والمشاعر الجياشة بين الكاتب وأمه، أسماه ب(الجهنية) احتضن كل التفاصيل والمواقف التي مرت على والدته، حيث ذكر عنها في بداية النص (يسمونها الجهنية، وأسميها أمي...)، ثم توالت المواضيع الأخرى تباعا، أبرزها أم خالد الذي جاء على ثلاثة أجزاء، والمستور، اسم المرأة، والأم مرفت، والعجوز، وبيت الحكايات، والحكيمة الصامتة، والكيد الثقافي، وغيرها. حوت النصوص كما هائلا من المعلومات القيمة عن أهمية المرأة في المجتمع، مستوقفا على العديد من القضايا التي تهم المرأة، وثقافة التعامل والتفاعل معها تحت إطار العادات والتقاليد، والحقائق التاريخية، والأقاويل الشعبية، المختلفة عن حنان المرأة تارة، ورجاحة عقلها تارة أخرى، بالإضافة إلى مكرها وضعفها وجبروتها وتقلباتها الكثيرة والمتغيرة. اللافت أن الغذامي بثقافته الواسعة، وفكره العميق، استطاع بأسلوبه الساحر في السرد القصصي، أن يشد القارئ ليقحمه وسط أحداث القصة، ليعيش المواقف مستعينا بخياله المرسومة معالمه بريشة الوصف، والألفاظ التي تبعث الحركة والحياة على النص، بالإضافة إلى تقديم معلومات في غاية الأهمية اقتباسا من المضمون. ولخص الغذامي محتوى الكتاب بأسطر قليلة ارتسمت على الغلاف، متضمنة موسوعة شاملة عن عالم المرأة الغامض، حيث قال: (لغة النساء وحكايتهن هي فكرة ومعنى تأتي من حيث هي وقفات على رمزيات المرويات والتصرفات مما يصدر عن المرأة أو ما يحكى عنها حيث تصبح هذه اللمحات علامات تكشف عن روح المحبة، وتكشف عن الطرق التي تسلكها المحبة في تمثيل نفسها عبر حركة أو سلوك ما، أو عبر حكاية ترويها النساء في مجالسهن بوصفها خطة ذهنية لبناء المعنى الإنساني، ويكون المثال هنا بسيطا وتلقائيا كوجه البحر لحظة السكون والسلمية، ولكنها عميقة تختزن الكنوز والحياة وسط ذلك العمق الساكن والمائي، وهذه ثقافة نسوية حاولت في هذا الكتاب سبر بعض نصوصها وسلوكياتها).