تعد الغيرة من الصفات الانفعالية لبعض الأطفال الذين يشعرون بفقدان الحب والحنان وفرط الاهتمام بغيرهم من أفراد الأسرة، فعندما يكون هناك مولود جديد قادم ليشاركه الحياة بكل تفاصيلها مع أسرته، لعله قد يأخذ كل اهتمامهم بدلا منه، فيظل عقله الصغير مشتتا بعدة أفكار بعضها تحمله على الانطواء وأخرى ربما تجعل منه طفلا عدوانيا لا يقبل المشاركة أبداً، ما قد يزيد عنده الأنانية وحب التملك، وتجاهل الأسرة لمثل هذه الأشياء يصعب الأمر ويجعله سيئا للغاية بسبب ما يتركه من أثر بالغ في نفسه. وتقول أم جوري «واجهت صعوبة في تقبل ابنتي لاختها، فاستعنت بالثقافة في قراءة الكتب التي تساعدني في التعامل مع الوضع، وكنت أخاف من أن تكون لدى ابنتي عدوانية تجاه اختها، فاقتربت منهما أكثر حتى لا يشعرا بفقدان الحب والحنان». في حين قالت مريم الحازمي: إن الغيرة تولد فطريا في الطفل الأول، حيث إنه يعاني من فقدان لمكانته التي تعود عليها من والديه عندما يأتي طفل آخر يحتل هذه المكانة، ورغم ذلك فإن تفكير الصغير محمل بالأفكار السلبية إذا تم تجاهله من قبل الأسرة، لذا لابد من عدم التمييز بين الطفلين بعد ولادة الآخر، والابتعاد عن المقارنة بينهما. من جانبها شددت سميرة الحربي على الوالدين من خطورة تجاهل الطفل الأول عاطفيا بسبب قدوم طفل جديد، لأنه يجعله عدوانيا وربما يعرضه للتوحد المبكر، فلابد من دراسة الأمر حتى لا تشتت أفكار بعضهما التي قد تزيد من أنانيتهم، كما يجب على الوالدين عناية الطفل الأول بحيث لا يجعلونه يشعر بفقد حنانهم واهتمامهم بقدوم الآخر. إلى ذلك أوضحت أستاذ الصحة النفسية في جامعة طيبة الدكتورة عهود الرحيلي، أن قدوم مولود جديد في الأسرة يعد من أكثر مسببات الغيرة لدى الأطفال، خصوصاً أن حصل بدون تهيئة نفسية للطفل الأكبر، وذلك لما يصحبه من شعور بالتهديد من فقد المكانة والحب والاهتمام والرعاية وتوجيهها بشكل مفاجئ للمولود الجديد. ويمكن القول إن غيرة الأطفال هي حالة انفعالية (غضب-خوف-قلق) ناتجة عن فكرة تراوده (لا أحد يحبني، أنا غير مرغوب بي) ويعبر عنها سلوكياً، إما بالعودة إلى سلوكيات من مرحلة سابقة (نكوص) كالتبول اللا إرادي ومص الأصابع أو أنماط سلوكية أخرى كالعناد، الكذب، العدائية وغير ذلك، ولعل من أهم طرق الوقاية من الوقوع في مشكلة الغيرة والتي على الوالدين أخذها بعين الاعتبار هي تهيئة الطفل لقدوم مولود جديد بطرق عديدة كمشاركته في اختيار ملابس المولود، أو مساعدته في ترتيب غرفته، وقص القصص عن المواليد وغير ذلك، بالإضافة إلى عدم التمييز بين الطفلين بعد ولادة الآخر، والابتعاد عن المقارنة بينهما، وتقبّل السلوكيات الجديدة إن ظهرت وإدراك أنها وسيلة احتجاج للتعبير عن الاحتياج وعليهما تعويض الطفل ما فقده من رعاية وحب واهتمام.