قليل من الغيرة، حافز على التفوق، ولا تمثل مشكلة للأسرة اذا ظهرت على الطفل في سن مبكرة، لكن المشكلة الحقيقية تظهر في الوقت الذي تأخذ فيه هذه الغيرة صوراً تتجاوز حدودها الطبيعية، وهنا يأتي دور مستشاري طب الاطفال في تحديد حجم المشكلة خاصة عندما تصل الى مظاهر عدوانية منها الانانية والعنف وحب التملك واشباع الحاجات دون مبالاة بالآخرين. ويرجع علم النفس غالباً سلوك الطفل العدواني الى الافراط في الغيرة فهي شعور طبيعي مثل الحب لكنها عندما تخرج عن حدودها تتحول الى مرض يفسد الطفل ويصيبه بالارتباك والانزواء والعدوانية وضعف الثقة بنفسه ونزوعه للتخريب وسرعة الغضب. ومن جانبه يوضح الدكتور أحمد عبدالمنعم - استشاري طب الاطفال - انه مع وصول الطفل للعام الثامن من العمر فإنه يشعر بالثقة في نفسه ويستطيع ان يقدر امكانياته بين أفراد الأسرة وينتظر دوره ويراعي ان معه آخرين أي انه اصبح يدرك انه واحد من جماعة، هذا الشعور لا ينفي الغيرة من الأخ او الأخت في بعض الاحيان لكنها الغيرة الطبيعية وعلى الأم والأب هنا مواجهتها بهدوء، مع استيعاب فكرة انه لا توجد قوانين ثابتة يمكن ان تحكم العلاقة بين الطفل واشقائه إلا ان هناك اكثر من عامل يمكن ان يساهم في تحجيم الغيرة منها حرص الأبوين على المساواة حيث تعتبر التفرقة هي اكثر الاسباب شيوعاً لزراعة غيرة في نفوس الاطفال. ويرجع الدكتور احمد عوض - اخصائي الطب النفسي - اسباب الغيرة الى سلوك الآخرين حيث يقول: ان غيرة أي انسان هي نتاج سلوك الآخرين تجاهه ومن ضمن الاشياء التي تثير غيرة الطفل هو ميلاد طفل جديد وصرف الاهتمام به، هذا بدوره يولد سلوكاً عدوانياً تجاه المولود الجديد او تجاه زملائه بالمدرسة. ويمكن ان يصل به الأمر الى التبول اللاإرادي حتى يثير انتباه الوالدين ويشعرهم تماماً انه مثل اخيه المولود ويمكن ان تتحول الغيرة الى كراهية وتمتد من نطاق الاسرة الى اطفال الجيران وأقران الدراسة مما يولد بداخله العنف والعدوانية تجاه الآخرين، اذن الحل في المساواة بين الاطفال وتهيئة الطفل لاستقبال أخيه المولود الجديد. بينما ترى الدكتورة قدرية الكيلاني - أستاذة علم النفس - ان الافراط في التدليل يمثل جهلاً عاماً لدى الآباء والامهات يؤدي الى كوارث في نفوس الاطفال بالاضافة على سرعة الاستجابة لطلبات الاطفال مما يزرع بداخل الطفل حالة من التواكل على الآخرين ويصطدم بالواقع عندما لا يجد ذلك يتحقق في المدرسة وأقرانه من الجيران فتنتابه نوبات خوف وقلق ويفقد ثقته بنفسه وتطرأ على سلوكه اضطرابات مختلفة مثل شرود الذهن والاحلام المزعجة والتبول في الفراش وقد يصاب بالتلعثم عند الكلام او يصل به الامر الى الاعتياد على السرقة للوفاء بمطالبه وعندما يكبر يفشل في علاقاته الاجتماعية والعملية والعاطفية.