الاهتمام بالمعالم الأثرية وترميمها والعناية بها هو مؤشر إيجابي على النهوض بالسياحة باعتبار أن المواقع الأثرية وما ترمز له من دلالات تاريخية وروعة وطراز البناء وشكله يمثل عنصر جذب للكثير من محبيها، وقد حبا الله منطقة تبوك بعدد كبير من الآثار التي تعود لحضارات متعددة. ويبقى السؤال مشرعا: كيف نهتم بآثارنا ونصونها من أيدي العابثين، الذين اجتاحتهم حمى الذهب، فشوهوا هذه الآثار بأعمال تخريبية غير عابئين أو ربما غير مدركين قيمة هذا الإرث الحضاري الكبير. ويرى الباحث في آثار المنطقة والمدير السابق عبدالله بن أحمد المنصوري أن الآثار هي الثروة الصامتة التي من خلالها نحاكي هذه الحضارات التي قامت في السابق، وكلما تمت صيانتها وترميمها وحمايتها وتأمين الخدمات اللائقة بها بشكل متسارع، ساهمنا في بقائها وطول عمرها، فالمحافظة عليها تشكل قيمة معنوية وتاريخية وجمالية من خلال طريقة بنائها وفنون العمارة التي تشكل بمجملها قدرات إبداعية وفنية تخلد المرحلة التاريخية التي بنيت بها. وأوضح المنصوري أن التفكير الجدي بحماية المواقع الأثرية يشكل بحد ذاته حالة نهوض بالواقع السياحي، ومطلوب من الجميع أن يدرك ذلك عن طريق تكريس برامج توعية لإلقاء الضوء على أهميتها من خلال المحافظة عليها وما أكثر المواقع لدينا ولا بد من إجراءات احترازية لحماية هذه الآثار من خلال دوائر السياحة المعنية في كل محافظة. في حين يشير نائب هيئة السياحة والآثار الدكتور حسين علي أبوالحسن إلى أن الهيئة قامت بوضع خريطة سياحية دقيقة لكل هذه المواقع الموجودة لدينا وتم إيجاد الطرق المناسبة وفق جدول زمني لترميم هذه المواقع الموزعة والمترامية عبر بلداتنا والعمل على بقائها كي لا تطالها أيدي العابثين الذين لا يقدرون قيمتها من خلال تصنيفها كمواقع أثرية يجب عدم طمس معالمها والمحافظة عليها. وتعمل الهيئة على توفير الدعاية المناسبة للتعريف بهذه المواقع والمعالم وخلطها في خطط الدعاية السياحية مع التركيز عليها بشكل متوازن ومدروس، والتأكيد على الاستثمار في القطاع السياحي بشكل عملي وتنشيط السياحة الداخلية لهذه المواقع لأنها ستلعب دورا مهما في زيادة الوعي لدى المواطنين، ليكون لهم دور في الدعاية لهذه المواقع، وفي الوقت ذاته يتعرفون على كنوزهم التاريخية، وهذا يتم من خلال الاهتمام بالطرقات المؤدية إليها وتحديثها وتأمين الخدمات السياحية الضرورية لذلك، إذ أنها تشكل حافزا ومشجعا لزيارة هذه المواقع والمعالم. فيما يرى الدكتور موسى العبيدان بجامعة تبوك أن الاهتمام بالآثار مر عبر عقود مضت بإغفاءة أدت إلى خسارة كبيرة لا تقدر ربما لأن مجتمعنا في بعض طبقاته لم يترب على ثقافة أن الأثر قيمة وحضارة ترتبط بالتاريخ، حتى مناهج تعليمنا كثيراً ما تعرج على التاريخ زماناً وأحداثاً مع إهمال واضح للمكان وصفاً وتحديداً وهو تهميش أدى في مجمله ثقافة وتعليماً إلى عدم الوعي بأهمية الآثار. إلا أنه في الآونة الأخيرة - والحديث للعبيدان - لمس الجميع من خلال وعي اجتماعي زيادة الحرص والحفاظ على ما تبقى من آثار وفي ذات الوقت تتبع ما طمس منها لتحديد مواقعها وإعادة بنائها أو ترميمها. ويضيف العبيدان: ويبقى الدور الاجتماعي مهماً في هذه الناحية، والمتمثل في التنسيق مع الهيئة كجهة مختصة حول ما يوجد من آثار اندثرت أو طمست، منوها باهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة وجهوده المتميزة في هذا المجال، مؤكدا أن لدوره الرائد أثر كبير في هذا الوعي الذي يعيشه مجتمعنا بالاهتمام بالآثار المرتبطة بتاريخ المملكة وحضارتها.