أكد محللون سياسيون وعلماء ومشايخ على أهمية تراجع الشيخ يوسف القرضاوي عن مواقفه السابقة الداعمة لحزب الله معبرين عن صوابية هذا الموقف ضد حزب الله ووصفه بالطاغوت تأكيد حقيقي على ضرورة أن تصدر الفتاوى من الواقع وأن لا تعتمد على العاطفة التي كان يستند إليها في السابق، بخاصة مع اعتذاره لعلماء المملكة عن تأخره بإدراك حقيقة حزب الله ودعوته إلى نصرة الشعب السوري. ففي بيروت، أكد رئيس مركز طرابلس للدراسات عامر أرناؤوط أن موقف الشيخ يوسف القرضاوي يشكل حدثا مميزا يظهر حجم المرجع الكبير الذي يمثله من خلال تاريخ هذا الرجل الحافل بالمواقف المؤيدة لحركات التحرر وحركات المقاومة ضد العدو الإسرائيلي. وأضاف أرناؤوط: «إن الكلام الذي أدلى به الشيخ يوسف القرضاوي يمثل انعطافا هائلا في مسيرته على مستوى نظرته إلى الوحدة الإسلامية التي كان المدافع الأبرز عنها خلال العقود الثلاث الماضية من جهة، ومن جهة رؤيته الواضحة الآن بأن مشروع حزب الله ومشروع إيران هما مشروعان طائفيان بامتياز». مشيرا إلى أن القرضاوي حتى في عز المواجهة مع العراق لم يتحسس من هذا الأمر وقد تبين له الآن بوضوح أن ما يفعله حزب الله هو مشابه تماما لما فعله المالكي وقوات الشيعة بالعراق في أهل السنة. واختتم أرناؤوط قوله «ما يجري الآن قد يفتح الباب واسعا على مستوى الاصطفافات لكنه مهم جدا لأن وضع النقاط على الحروف يوحد العالم الإسلامي السني تحديدا ويشكل غطاء على المستوى الشرعي للوقوف بمواجهة المشروع الإيراني وأدواته وعلى رأسه حزب الله في لبنان». بدوره، أشار المحلل السياسي حسن شلحة إلى أن ما أعلنه الشيخ القرضاوي يشير إلى عمق ما يجري من أحداث وأبعادها السياسية والاستراتيجية فتدخل حزب الله في سورية نصرة لبشار الأسد الديكتاتوري يأتي خلافا لادعاءات طائفية هذا الحزب وأنهم يسيرون على خطى الإمام الحسين الذي استشهد، فالسؤال هو أين هي ثورة المستضعفين؟. مشيرا إلى أن النظام السوري هو نظام طاغوت حقا بمنعه الحريات السياسية والإعلامية ويمنع كل مواطن سوري من ممارسة حقه في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فالنظام السوري وصل إلى مرحلة لا يعترف بوجود شعبه لأن من يستخدم الراجمات والسكود ويرتكب أبشع المجازر بشعبه لا يقر بحقوق شعبه وحريته، مضيفا: «هنا تأتي جريمة حزب الله الذي انتصر لهذا النظام الطاغوتي السوري الذي يشكل فرادة في العالم من نهجه الإجرامي فادعاءات حزب الله في القصير جاءت خلف مقولة المقاومة». واعتبر شلحة موقف الشيخ القرضاوي هو موقف إنسان عاقل موقف جريء خاصة أنه لم يكن يوما ضد حزب الله ولا ضد فكرة المقاومة فهو كغيره من الشيوخ الذين دعموا المقاومة ودعموا لبنان ضد عدوان إسرائيل خاصة أن مقاومة إسرائيل لم تكن حكرا على حزب الله. وفي صنعاء، قال المتحدث باسم هيئة علماء اليمن والبرلماني الشيخ محمد الحزمي «إن موقف الشيخ القرضاوي ليس جديدا لكنه جاء متأخرا فحزب الله يمثل شيطان المنطقة وقد عراه وفضحه موقفه الأخير فهم دائما يستخدمون التقوى والمواقف المزيفة على الناس ويصنعون المكر ويستخدمون الوسائل والحيل». وأضاف «إيران وسورية وحزب الله وضفوا مبدأ المقاومة في السابق من أجل كسب أوراق سياسية في الشرق الأوسط واتضح اليوم أن لديهم أجندة لا تخدم الأمة بل تهدف إلى تدمير ثقافتها وقوة تماسكها وتعاونها ضد أي عدوان أجنبي»، موضحا أن حزب الله من عبدة الطاغوت ولا يليق وصفهم إلا بتلك الأوصاف بل الأسواء منها. وعن اعتذار القرضاوي لعلماء المملكة قال الحزمي «لقد أثبت الشيخ القرضاوي أنه رجع للحق وليس عيبا أن يخطئ ووصفه لعلماء المملكة بأنهم أكثر نضجا يعد تواضعا منه وليس تنقيصا من مكانته فعلماء المملكة لا يجب الاستهانة بمواقفهم الصادقة وهم دائما يقفون مع الحق ونصرة المظلومين أينما كانوا في الأقطار العربية والإسلامية». وشدد على ضرورة استجابة جميع علماء الأمة الإسلامية لدعوة القرضاوي التي وصفها بالمهمة لنصرة السوريين. من جهته، أوضح وكيل قطاع الحج والعمرة بوزارة الأوقاف والإرشاد الشيخ محمد الأشول أن حزب الله تحول إلى لعنة على الأمة الإسلامية فما يدور في سورية من مجازر لا ترضي مسلما وكونه أعلن أنه يجاهد فيها فهذا يدخله منعطفا خطيرا قد يكون نهاية للحزب بعد أن أصبح الجميع يتذمر من مواقفه. وقال الأشول: «موقف القرضاوي في الوقت الراهن حكمه الواقع وليس الاجتهاد وكان في السابق يتحدث من مبدأ العاطفة وكون علماء المملكة كانوا أكثر منه حرصا على الفتوى في تحريهم للمواقف التي تبنى على الواقع والاجتهاد معا وهذا ما جعله يعتذر لإخوانه وليس هذا نقصا من مقامه بل يعزز مكانته فهو بشر». وأشار الأشول إلى أن حديث القرضاوي بات يؤكد أيضا على حق الشعب السوري في التحرر من الاستبداد وينبغي على علماء الأمة الإسلامية الالتفاف حول هذه الدعوة وتأييدها والعمل من أجل مواجهة الثلاثي الشيعي الذي يستهدف مستقبل وحاضر الدعوة الإسلامية، خاصة أن ادعاءات حزب الله لم تأخذ مسارها الحقيقي عند الملايين من العرب بأنه يحارب إسرائيل في القصير فالقصير ليست القدس فالقصير فيها مواطنون سوريون يطالبون بحقوقهم وحريتهم.