من النادر جدا أن تسمع عن شاب خرج بعد زفافه غير مديون، بسبب غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج ولذلك فستجد الشباب مرغمين على التوجه إلى الاقتراض لمواجهة موجة ارتفاع الأسعار، الأمر الذي يدفع العديد من الشباب إلى دخول القفص الذهبي من بوابة الاستراحات بدلا من البرستيج وقصور الأفراح المكلفة. وأجمع عدد من الشباب أن مشكلات الديون ناتجة عن ارتفاع تكاليف الإعداد لحفل الزواج وما يصاحبها من مظاهر الترف والإسراف في الكثير من الأمور التي أثقلت كاهل الزوج بمبالغ كبيرة وشرعت باب الاقتراض المالي من البنوك على أوسع أبوابه. في البداية، أوضح الشاب فهد العمري بقوله «اعرف الكثير من الشباب الذين وصلوا إلى عمر الثلاثين عاما ولم يتزوجوا لأن معظمهم حالته المادية سيئة فهناك الكثير من العاطلين او الموظفين بوظائف رواتبها غير مجزية ومقارنة مع ذلك ستجد ان تكاليف الزواج باهظة جدا فمثلا قصور الأفراح إيجاراتها ما بين 15-30 ألف ريال، كما ان عشاء الضيوف يكلف عادة ما بين 25-50 ألف ريال ولا تنس أيضا ان على العريس استئجار الشقة وفرشها بالكامل مع شراء الأجهزة الكهربائية، كل ذلك يصل بالكامل إلى أكثر من 100 ألف ريال واستحالة ان يستطيع الشاب جمع هذا المبلغ بفترة بسيطة وما يصاحب ذلك من هدايا أثناء فترة الخطوبة وما بعدها والتي في العادة تكون ذهبا أو مقتنيات غالية الثمن. وفي السياق نفسه، يرى الشاب عمار العوفي أن نظرة المجتمع لا ترحم حالة الشاب المادية فهم يتجاهلون ان معظم مصاريف الزواج هو من قام بدفعها بل ينظرون من منظور انه لا بد من اقامة الحفل بشكل فاخر وتقديم اصناف الطعام والشراب والحلويات وجلب الفرق الانشادية لإحياء حفل الزفاف وذلك لمجاراة عصر المظاهر حيث ان الحياة تطورت وتبدلت إلى ما يسمى بعصر المظاهر ولا بد للعريس ان يفي بكل المتطلبات المعتادة في حفلات الزفاف، مشيرا الى انه لا بد من تعاون أسرة الشاب والفتاة في تكاليف حفل الزفاف من العشاء والكوافيرة وغيرها. ويقول ياسر الحربي ان بعض الشباب اقاموا حفلات زفافهم على استراحات بدل القصور وقلصوا عدد المدعوين واقتصرت على أقارب العروسين، مشيرا الى ان العديد من اخوان العريس وأصدقائه يقومون بمساعدة ابنائهم بمبالغ كبيرة لإتمام الزفاف، مشيرا إلى ان البذخ في الأعراس اصبح وللأسف ثقافة اجتماعية بامتياز ما ولد ضغوطا كبيرا على الأسر محدودة الدخل. وأضاف ان هناك عادة حميدة لدى أهالي المدينةالمنورة وهي ما يسمى بالقود أو الموجب وهي مبالغ يقدمها المدعوون للعرس. وطالب الشباب بالتدخل من قبل الجهات المسؤولة لوضع سقف أعلى لإيجارات القصور وسقف لإيجارات الشقق وللمهور وأكدوا ان هذا واجب وطني يشترك فيه كل فئات المجتمع من أولياء أمور والقطاع الخاص والجمعيات المعنية بالزواج. وهنا يبرز دور المؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية لمساعدة الشبان في إتمام نصف دينهم من خلال تقديم باقة من المساعدات. من جانبه، ذكر بنك التسليف والادخار في تقريره ان شروط التقدم لأخذ قرض مسهلة جدا حيث يتم إقراض الشباب المقدمين على الزواج مبلغ 45 ألف ريال دون فوائد ويستطيع الشاب الحصول على القرض في مدة لا تزيد على أسبوع واحد ويتم التسديد بعد مضي 60 يوما من تاريخ صرف القرض من خلال استحقاق القسط الأول وأشار البنك إلى ان مقدم الطلب يجب ان يكون راتبه الشهري أقل من 8 آلاف ريال. ومن جانب آخر، ذكر أحد اصحاب قصور الأفراح ان هناك تخفيضات هائلة لمن يريدون استئجار قصر أفراح لإقامة حفلة الزفاف وهو ما يتبعه غالبية أصحاب القصور بشرط ألا يكون في نهاية الأسبوع أو في الإجازات اما عدا ذلك فإن الأسعار تراوح ما بين 6-10 آلاف ريال ويعتبر سعرا منخفضا لأصحاب القصور مشيرا إلى تكاليف شراء الأرض وبناء القصر وما يحتاجه من صيانة دورية ورواتب للعاملين فيه « لذا فإن الأجور أراها مناسبة». وفي سياق ذلك، أوضح الشيخ عدنان خطيري المستشار الأسري ل«عكاظ» ان الإسلام حث على تخفيض المهور وحث على إعلان وإظهار العرس ولكن مع مراعاة ألا يكون ذلك مظهرا من مظاهر الاسراف. وأشار إلى أن دور جمعية أسرتي المتخصصة كبير حيث يتجلى في تقديم باقة من المساعدات تشمل دورات تدريبية وتأهيلية للمقبلين على الزواج وتهدف إلى تثقيفهم وتوعيتهم بالشكل اللازم وذلك عبر ما يسمى رخصة قيادة الأسرة التي لم تسجل أي حالة طلاق ما يعني ان الجمعية تسير في الخط السليم حسب الخطة التي تستهدف كل شاب مقبل على الزواج ومن ثم تقديم مجموعة من المعونات تتمثل في إعطاء المتقدم للجمعية أجهزة كهربائية وإعانة مالية مقطوعة وهنا يأتي دور رجال الأعمال والمال في تقديم الدعم للمحافظة على شباب الوطن من الضياع والانحراف ولا شك ان ذلك يعتبر من باب التكافل الاجتماعي ولعل من اكثر مظاهره هو الزواج الجماعي لمن لا يستطيعون ان يقيموا احتفالا. وذكر ان الإسلام شرع الوليمة في الأعراس من خلال قول الرسول عليه الصلاة والسلام (أولم ولو بشاة). ولكن بنفس الوقت طلب عدم الإسراف حيث ان من الأمور التي ترفع عادة من تكلفة احتفالات الزفاف هو الزيادة الكبيرة في كمية الطعام المعد للضيوف وبالتالي لا بد من تقدير أعداد المدعوين من أجل تقنين وتحديد العشاء بحيث لا يكون زائدا بشكل كبير حيث يرمى ما بقي من الطعام. وأضاف ان في تأخر الشباب والفتيات عن الزواج مشكلة كبيرة وظاهرة العنوسة والعزوبية وما شكلته الاحصائيات الأخيرة يدق ناقوس الخطر ولا بد من وضع حلول عاجلة للاسهام في تخفيض التكاليف بشكل إيجابي. من جانبها، اوضحت جمعية اسرتي من خلال التقرير الصادر لها انها قامت بتسليم مساعدات مالية للشباب المقبلين على الزواج بلغ مجموعها أكثر من 40 مليون ريال واستفاد منها 17817 شابا وتواصل الجمعية جهودها في العمل على تنفيذ مشاريع وبرامج ستضاعف هذه الارقام لتسهم في تحقيق اهدافها بتوفير الاستقرار للأسر والحد من نسب الطلاق وتزويد المقبلين من الشباب والفتيات على الزواج بما يحتاجونه من المعرفة ليعيشوا حياة سعيدة. ولا تقف نشاطات الجمعية عند هذا الحد فهي تقدم العديد من الخدمات اهمها رخصة القيادة الاسرية وهي عبارة عن مجموعة دورات تدريبية وتأهيلية ومحاضرات توعوية للمقبلين على الزواج وذلك عن طريق مستشارين أسريين معتمدين وتقدم خدماتها للمتزوجين ايضا وذلك من اجل بناء أسرة متفهمة وواعية، كما تقوم الجمعية باستقبال طلبات الراغبين في الاستفادة من خدماتها عن طريق زيارة الجمعية والتعرف على الخدمات المقدمة والتسجيل بشكل مباشر. وتفتح الجمعية ابوابها لكل من رجال الأعمال والمال او لأي شخص يريد المساهمة في الحد من ارتفاع تكاليف الزواج ومساعدة الشباب وذلك من خلال دعم الجمعية ماديا أو عينيا.