قرر النائب العام في إندونيسيا يوم أمس استمرار سجن رجل أعمال سعودي مستثمر في قطاع السياحة والسفر، يدعى عمر حسن مسكي، دون البت في محاكمته، رغم إمضاء 13 يوما على إيداعه سجن «بلوري ميترو جايا» في جاكرتا في قضية تجارية، طرفها الثاني شركة طيران «لاين اير» الإندونيسية، حيث أنكرت تسلمها مبلغ 7 ملايين دولار من المستثمر، ونصبت له فخا بتسليمه 1.5 مليون دولار دفعة لسداد الدين الذي عليها، فادعت أن المواطن استدان من الشركة هذا المبلغ ولم يكن ردا لديون عليها، فتحول موقفه من طالب إلى مطلوب. وأوضح ل «عكاظ» سفير خادم الحرمين الشريفين في جاكرتا مصطفى بن إبراهيم المبارك أن المواطن وقع في خلافات تجارية مع شركة الطيران، حيث تطالبه الشركة بدفع مبلغ 1.5 مليون دولار، وهو يطالبهم بمبلغ أكبر من ذلك، والقضية في مجملها تجارية بحتة، ولا تحمل أية صفة جنائية، كما زعمت بعض وسائل إعلام إندونيسية أنه مدان بجريمة غسيل أموال. وأكد السفير المبارك وقوف السفارة جنبا إلى المواطن، وقال إننا أوكلنا محاميا للدفاع عنه، وسنواصل متابعاتنا للقضية على كافة المستويات، أملا في إحقاق الحق للمواطن وتبرئته. إلى ذلك؛ روى المواطن عمر مسكي ل «عكاظ» تفاصيل قصته مع الشركة، فيقول إن بداياته في مجال الاستثمار السياحي في إندونيسيا انطلقت قبل 12 عاما، بتنظيم رحلات سياحية من المملكة، ورحلات حج وعمرة من إندونيسيا، وقبل أربعة أعوام عرضت عليه شركة طيران «لاين اير» الدخول معها في شراكة تشغيل رحلات جوية إلى جدة، كون النقل الجوي بين الدولتين منحصر على الخطوط السعودية والناقل الوطني الإندونيسي طيران «جاروده»، فبادر بمخاطبة هيئة الطيران المدني في المملكة، وهناك حصل على تصريح هبوط في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة فقط، عندها أبرمت الشركة اتفاقية معه في منتصف شهر يونيو 2009م على أن يتولى المواطن توفير طائرتين وتأمين الدفعة الأولى من قيمة استئجار طيارتين من نوع بوينج 747، سعة كل طائرة 506 ركاب، حيث دفع أربعة ملايين دولار عن الطائرتين، ومن ثم تواصل الشركة دفع بقية الأقساط من مبيعاتها للتذاكر لحين استحقاق مبلغ الطائرتين، البالغ 28 مليون دولار وتتملكها بالكامل. **لم يسلموني دولارا واحدا** وبين المواطن أن الشركة بدأت في بيع التذاكر منذ بداية سنة 2010م، ونصت الاتفاقية على أن تتولى هي استيفاء قيمة إيجار الطائرة (القسط) وتسليمه الأرباح التي تتراوح بين 500 إلى 600 ألف دولار في الأسبوع الواحد، ويضيف «مرت أول ثلاثة أشهر ولم يسلموني دولارا واحدا، رغم أنني تجاوبت معهم في دفع ثلاثة ملايين دولار إضافية لاستيفاء قيمة التأمين، أي يصبح إجمالي ما دفعته للشركة سبعة ملايين دولار، فصعقت من المماطلة في تسليم كافة الحقوق الخاصة بي». عندها اتجه المواطن إلى سفارة المملكة في جاكرتا، وهناك تدخل السفير، وأبلغ الشركة بأنه في حالة ثبوت أي تجاوزات من هذا القبيل، سيتم اتخاذ إجراءات تنتهي بإيقاف هبوط الطائرة في جدة، وعند عرض ذلك على مجلس إدارة الشركة، طلب المجلس مهلة لاستيفاء كافة الحقوق. وفي الاتجاه الموازي، وجه السفير المواطن بتقييد شكوى رسمية، وتوجيهها إلى وزارة الطيران المدني الإندونيسية، فاستدعى الوزير رئيس مجلس إدارة الشركة، وكان الموقف ذاته دون تغير، إذ طلب مهلة أخرى. صناعة الفخ اضطر رئيس مجلس إدارة «لاين اير» للاجتماع بالمستثمر السعودي، وعرض عليه استلام مبلغ 1.5 مليون دولار كدفعة أولى، وتضمن له الشركة دفع 5.5 مليون دولار المتبقية على دفعات لاحقة، وذلك مقابل أن يتنازل عن مطالباته ضد الشركة، فوافق المستثمر على استلام المبلغ، ولكن لم يوافق قطعا على التنازل لحين التأكد من جدية الشركة في صرف الدفعات الأخرى. فاستلم المستثمر مسكي المبلغ، ولم يكن يعلم أن ذلك مجرد فخ لا أكثر، حيث غادر إلى المملكة لزيارة والدته في المستشفى، وعند عودته إلى إندونيسيا وجد أمامه تهمة الحصول على دين من الشركة بمبلغ 1.5 مليون دولار دون استيفائه، فأوضح المواطن للجهات الأمنية أن ذلك دفعة من مبلغ سبعة ملايين دولار يطالب به الشركة، لكن الجواب كان في قرار المدعي العام «أودعوه في السجن». وحصلت «عكاظ» على نسخة من خطاب رسمي تسلمه رئيس الجمهورية الإندونيسية، يطالب فيه المواطن بالعدل والإنصاف، لافتا فيه إلى الأثر السلبي الذي تتركه هذه العصابات والتجاوزات على مستقبل الاستثمار في بلاده، حيث تعد هذه من أولى العوامل المنفرة للمستثمر الأجنبي. كما حصلت «عكاظ» على نسخ من وثائق رسمية لوزارة الداخلية الإندونيسية، يوضح فيها أمر القبض على المواطن عمر مسكي، وكذلك أمر المدعي العام بإيداعه في السجن. ظروف عصيبة ويشير المواطن عمر مسكي إلى الحالة النفسية التي تمر بها أسرته مع هذه الظروف التي وصفها ب «العصيبة»، حيث سقط جنين من رحم زوجته البارحة الأولى، وهي حاملة به في الشهر الثالث، بجانب تشتت أطفاله الثلاثة الذين ينتظرون عودة أبيهم.