خرج أبو الحسن من عباءة روتين التقاعد بمشروع خارج عن المألوف، فجمع بين الربح والمساهمة في العمل الاجتماعي من خلال مزاد خيري للماشية. أبو الحسن متزوج من أربع نساء، لديه أسرة يبلغ عددها 40 فردا بينهم 28 من الأولاد بالإضافة إلى والدته، وإخوانه ، كان يعمل في القطاع العسكري في المنطقة الشرقية وأحيل للتقاعد، يحب البيع والشراء ومعرفة الناس والاحتكاك مع كافة الشرائح. يقول: بعد أن أحلت للتقاعد لم أجد مكانا أفضل من أن ابتكر طريقة جديدة للقضاء على ارتفاع أسعار المواشي التي تشهدها الأسواق الحالية فابتكرت مع صديق لي مزادا لبيع المواشي وأطلقنا عليه «مزاد التسامح» تيمنا بالحديث النبوي (رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى)، وانطلاقا من القاعدة المعروفة «تسامح البائع والمشتري أساس لاستمرار التجارة». ويذكر أبو الحسن أن الفكرة كانت تراوده منذ 30 عاما، «وبها بركة وخير، وتميزت فيها فعليا منذ سنتين، حيث أستفيد منها في تمضية الوقت مع أحبابي ممن يمارسون هذه التجارة، وساعدني على التأسيس أحد أقاربي (أبو علي)». وأشار إلى أن مربي الماشية يحرصون على الحضور أسبوعيا إلى مزرعة على طريق (أبو حدرية) الدولي وبها مخيم، حيث يقام هذا المزاد (التسامح) الأسبوعي كل أحد وجمعة، في بيع وشراء مختلف الأنعام، وهناك مزاد شهري يقام كل شهر، وما يميز كل المزادات أنها تجمع كل الأطياف في مكان واحد «بيع وشراء وتعارف ومحبة بين الجميع» كما يحرص على حضور المزاد أشقاء من دول الخليج كافة. وعن طريقة المزاد يقول أبو الحسن تقوم طريقة المزاد على حضور التجار قبيل صلاة المغرب، والتسجيل باسم وعدد الحيوانات المراد بيعها، إضافة إلى حضور من يرغب الشراء إلى المجلس، وبعد صلاة المغرب يبدأ المزاد بإدخال البهائم واحدة أو مجموعات حسب كل مالك، حيث تكون بطريقة القرعة منعا للحرج، وتستمر المزايدة بعد ذلك حتى يصل السعر إلى مستوى معين ومعقول، وللبائع بعد ذلك الخيار في إمضاء البيع، أو رفضه إذا لم يكن السعر مقنعا بالدرجة الكافية، «هناك رسم قدره 20 ريالا على الأغنام و30 للرخول والنعاج الدوافع، آخذه فقط في حال تم البيع»، مبينا أن هناك مزادا كبيرا يقام أول خميس من كل شهر هجري، يتجاوز حضوره 200 شخص أحيانا، منهم من دولة الكويت، إضافة للزوار من مختلف القرى والهجر المحيطة، منوها إلى أن المزاد يتسم بالعفوية بين البائع والمشتري فللبائع الحرية في البيع من عدمه، علما أن الأسعار معقولة وفي متناول الجميع، كما أن من مميزات المزاد أن الشخص يزاود في البيعة التي يراها مناسبة حتى تقف عليه دون أي مزايدات بهدف الكسب أو رفع السعر على الآخر. ويحرص الكثير من موظفي الشركات في المنطقة الشرقية ومن المهتمين بهذا الجانب على حضور مزاد التسامح لمناسبته لأوقاتهم، حيث يقول المواطن محمد اليامي: نجد في المزاد المتعة والفائدة من ضمنها كسر روتين العمل والخروج من دائرة الرسمية إلى حب البيع والشراء في المواشي والقضاء على الارتفاعات التي تشهدها السوق حاليا، مطالبا بإقامة مزادات مشابهة على مستوى المملكة يدخل فيها المواطن ويشتري وهو مقتنع بما يشتريه دون أن يكون هناك ضغط عليه أثناء الشراء من السوق الذي يعج بالعمالة الوافدة. فيما يرى المواطن ابو زياد أن حضوره للمزاد يأتي في أوقات مناسبة له حيث يصطحب أولاده ويحضرون لمشاهدة عمليات البيع والشراء في خيمة مكيفة مجهزة بالقهوة والشاي بشكل مجاني، كما أن القائمين عليه من أبناء الوطن، مشيرا إلى جودة وصحة الماشية التي يتم عرضها في المزاد، وسلامتها من العيوب، وهذا ما قد لا يتوفر في سوق المواشي المركزي، حيث تصل الأسعار أرقاما عالية بينما في هذا المزاد يستطيع الشراء بمبلغ معقول جدا.