استرجع عضو مجلس الشورى السابق الدكتور حسن مختار الدور الفاعل لأزقة مكةالمكرمة، التي اختفى أغلبها بسبب مشاريع التوسعة الجديدة، بعدما لعبت دورا مهما في تاريخ الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأحداث التي مرت على مكةالمكرمة منذ التاريخ القديم. وأوضح أن نمط الأزقة السائد في تخطيط مكةالمكرمة برز في تخطيطها كممرات أو طرقات للسالكين إلى الأسواق أو المسجد الحرام، والذي أدى بالتالي إلى بناء دور واحد للسكان وإيجاد أزقة للانتقال من مكان إلى آخر، مشيرا إلى أن الكعبة تتوسط الوادي الذي قال عنه النبي إبراهيم عليه السلام أثناء دعائه لله في سورة إبراهيم، فأصبح بناء الدور يتناسب مع الشكل الدائري حول الكعبة. وقال إن هذه الأزقة التي تبلغ 70 زقاقا، لعبت دورا مهما في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأحداث على مر العصور، مشيرا إلى دورها المهم وتأثيرها على حركة الاقتصاد والأنشطة المختلفة، نتيجة فتح عدد كبير من المتاجر لبيع مختلف الأصناف والبضائع على جانبيها وصولا إلى البيت الحرام. وأضاف «كما كان لها دور في تعزيز العلاقات الاجتماعية بين السكان لتقارب الدور ببعضها والتي قد تصل في بعض الأزقة إلى ملاصقة الروشان وبناء جدار على جدار، ما أدى إلى ظهور علاقات ذات طابع خاص حيث كانت النساء تتبادل الأحاديث وما صنعته أيديهن من المأكل والمشرب من خلال ذلك الروشان، وهذا ما عكس هذه العلاقات الحميمة حتى تتطور وتصل إلى الزواج والتراحم في ما بين الجيران». وأوضح أنه في الزقاق أيضا كانت تظهر قيم المساعدة بين الجيران حيث يرى داخل الأزقة امرأة تحتاج إلى شراء الطعام من الدكان ولا تستطيع الخروج للسوق فتدلي «الزنبيل» من النافذة أو الروشان وفيه بعض النقود، ليأخذها أحد الجيران أو شباب الزقاق ويشترون لها ما تريد، وهذا ما يثبت صون المرأة واحترامها من الجميع. ذكر مختار أن بعض الأزقة استخدمت متنفسا للأطفال والشباب للهو واللعب بألعاب مختلفة، كانت رائجة في تلك الحقبة من الزمن حيث لم يؤثر ضيق الزقاق على إعاقة هذا النشاط الذي لم تكن له ساحات للألعاب، وكانت توجد أماكن فراغ كبيرة وتسمى بالبراح تقع وسط الدور الذي تطل عليها ويربط بين الزقاق والبرحة وكانت لسكان الحي، فقد يلعب فيها الشباب وتقام فيها المناسبات الاجتماعية من أفراح وعزاء. واستعرض مختار عددا من أشهر الأزقة التي اشتهرت بمسميات عدة، وكانت تسمى بأسماء العائلات التي كانت تقطن فيها أو باسم البضائع التي كانت تباع فيها حيث نشطت الحياة الاجتماعية والاقتصادية بشتى الوسائل ومن أشهر تلك الأزقة: زقاق الكدوة في بداية حي القرارة القريب من محلة الشامية، وسمي بهذا الاسم لانه كانت تحرق فيه القمامة. زقاق العطارين حيث اشتهر بحركة صناعة وبيع العطور. زقاق الطبري حيث كان يسميه أهل مكة بزقاق السبع لفات وهو في حي القرارة حيث ينتهي نزولا إلى شارع المدعى المؤدي للمسجد الحرام. زقاق الشرابي يقع في سويقة شمال المسجد الحرام وسويقة سوق كبير يوجد به عدد من الدكاكين وكان السوق مسقوف يحجب الشمس لحماية المارة والعاملين بالسوق زقاق الشقيرة ويقع على الشارع الرئيسي الممتد من حارة الباب والمتجه إلى حي الشبيكة وبجوار رباط العمانيين. ويشار إلى أن الزقاق هو السكة أو الطريق الضيقة التي لا يتجاوز عرضها 1.5 إلى ثلاثة أمتار، وهذا ما جعل مشاريع التوسعة تقضي عليها لضيقها.