العابر من شارع بترومين جنوبجدة صباح يوم الجمعة وحتى أذان الصلاة يكاد لا يصدق نفسه أن الشارع المغلق بفعل الزحام والفوضى يقع في جدة وأن ما يحدث فيه من مخالفات وما يتوسطه من مخلفات هي في وضح النهار وأمام أعين الجميع، ولا عقوبة أو ردع أو اتخاذ أي إجراء حيال ما يحدث. تجولت «عكاظ» في السوق الذي يسمى بالجمعة كون بضاعته تعرض في يوم الجمعة، فاشتهر بهذا المسمى، وهو سوق بلا محال تنتشر فيه عمليات الافتراش ويباع فيها كل ما لا يخطر على البال، مخلفات وأدوات مستخدمة وأوان منزلية وأثاث منزلي وملابس مستعملة وحتى الأشياء المسروقة تباع في ذاك الشارع المخيف. كل ما هناك مستخدم وسعره زهيد، ويستهدف الفقراء من الناس الذين بالكاد يقتنون تلك الأغراض الغريبة والمميتة في ذات الوقت. أثناء تجول «عكاظ» في السوق واجهت نظرات الباعة التي تنذر بشر وعبارات التهديد المبطن تأتيك وكأنها لا تعنيك، كل ذلك خشية نشر الموضوع. هؤلاء الباعة وإن كانوا فقراء إلا أنهم يشكلون خطرا حقيقيا على البيئة والمجتمع والصحة لما يبيعونه من أدوات خطيرة ومستهلكة وأثاث غير صالح للاستخدام الآدمي ومواد غذائية منتهية الصلاحية منذ فترة طويلة. هكذا يرى محمد موسوي من سكان الحي المجاور للسوق الشهير، والذي عبر عن استيائه من التجمهر الأسبوعي في الشارع وإغلاقه تماما، وبيع ما لا يصلح للناس، ولكن الفقراء يأتون إلى هنا لأن بإمكانهم شراء المستلزمات الرخيصة حتى وإن كانت مستعملة. وأضاف: «تحدثنا مع الباعة بأن عليهم الانتقال إلى مكان آخر نظامي فلم يستجيبوا، وهددونا إذا لم نبتعد عنهم فسيطالنا الأذى، مبررين تصرفهم بأننا نحاول الوقوف أمام رزقهم ومنعهم من ممارسة البيع الحلال على حد قولهم». واستطرد: «الغريب في الأمر أنهم حين إغلاق الشارع ليس هناك ما يخشونه، لا مرور المحافظة أو الأمانة أو التجارة أو الصحة أو أي جهة رسمية، ولا أعتقد أن السبب بيعهم في يوم الجمعة»، متسائلا: «هل يتوقف مرور المحافظة عن العمل يوم الجمعة، وأين الشرطة والجوازات عن المخالفين الذين يبيعون في السوق، فإن أغلبهم مخالف لنظام الإقامة والبعض منهم مجهول الهوية تماما». وأضاف عبده درويش أحد سكان الحي، بأن هؤلاء الباعة والمفترشين من مجهولي الإقامة والهوية ولو كان هناك من يردعهم ويلقي القبض عليهم وترحيلهم لما تكررت المخالفات على مدى السنين الطويلة دون خوف أو اكتراث، إنهم يتكسبون من مخالفاتهم دون رادع وليس هناك ما يخشونه، والبعض منهم يبيع المخالفات وكل شخص له طريقته الخاص لبيعها. وأضاف: «شهدت ذات مرة جدالا بين أحد المواطنين وبائع، فوجدت أن المواطن يتهم البائع بسرقة أثاثه ومن ثم عرضه في السوق بغرض البيع، فما كان من البائع إلا أن قال له بكل برود: إذا أردت الأثاث فعليك شراءه»، مشيرا إلى أن السوق مرتع لجميع الجنسيات وملاذ للعمال والمخالفين ويجدون فيه كل ما يحتاجون وبأسعار زهيدة جدا لأن محتويات السوق مستعملة وأغلبها غير صالح للاستخدام ولكنهم يحتاجونها بسبب فقرهم ودخلهم القليل. محتويات السوق ألحفة نوم ومخدات وتلفزيونات وريسيفرات وأدوات منزلية وملابس نسائية ورجالية وأطفال وأثاث وغير ذلك مما لا يصدقه العقل تجده في الشارع الشهير في جنوبجدة بالقرب من بترومين وحي الكويت.