زرع القوقعة وسيلة من الوسائل التي قدمها تطور البحث العلمي في السنوات الأخيرة، وذلك لمساعدة الصم على تجاوز إعاقتهم، وتسهيل اندماجهم في المجتمع. وهناك شروط عدة للترشيح لزرع القوقعة وجود نقص سمع حسي عصبي يتراوح في شدته بين الشديد والعميق، والتأكد من سلامة ألياف العصب السمعي بواسطة اختبارات خاصة ( لأن الهدف هو زرع بديل للقوقعة وليس للعصب السمعي ) ، وفشل حدوث أي تطور على مستوى النطق بعد تجربة معينات سمعية مناسبة مع الخضوع للتأهيل الخاص وذلك لمدة ستة أشهر على الأقل. ويتدخل العمر إلى درجة كبيرة في تحديد مستوى نتائج زرع القوقعة، فمن المعلوم أنه كلما كان سن حدوث الإصابة أصغر كان تأخر النطق أوضح، لذا تم تقسيم المصابين بنقص السمع إلى مجموعات ثلاث حسب سن حدوث الإصابة: أولا : ماقبل الكلام وفيها تكون الإصابة بالصمم باكرة جدا (خلقية أو مكتسبة في الأشهر الأولى من العمر)، وذلك قبل أن يتم اكتساب أي نطق. ثانيا : ماحول الكلام وفيها تحدث الإصابة في عمر أكبر قليلا من المجموعة السابقة ، وفي وقت يكون فيه الطفل قد تجاوز مرحلة معينة في اكتساب النطق. ثالثا : مابعد الكلام وفيها تحدث الإصابة عند طفل كبير أو كهل، ويكون اكتساب النطق قد تم بشكل كامل قبل حدوث الإصابة. أما في الإصابات المكتسبة فيمكن اقتراح زرع القوقعة بعد فترة انتظار في حدود ستة أشهر للتأكد من ثبات الإصابة. إن زرع القوقعة هو محاولة جادة للتعويض الجزئي عن السمع المفقود، لذا يجب أن لا ننتظر نتائج باهرة معتقدين أن الطفل الأصم سيتحول إلى صاحب سمع طبيعي بمجرد عملية الزرع إذ أن الزرع سيقدم لصاحبه محاولة جديدة لدخول عالم الأصوات بعد أن فشلت الوسائل الأخرى المعتادة. كما أن الحصول على نتائج جيدة سواء في مجال السمع أو النطق يعتمد ( بعد العمل الجراحي المتقن ) على التأهيل، والذي يجب أن يستمر لفترة تطول أو تقصر وذلك حسب عمر المريض، سن حدوث الإصابة، الزمن المنقضي منذ حدوث الإصابة، درجة تطور النطق، وقد تصل فترة التأهيل إلى سنوات عديدة. وباختصار فالتدريب الجيد بعد الزرع المتقن يوصلنا إلى نطق مقبول مما يسمح بمتابعة حياة اجتماعية نافعة، وتبقى النتائج مرهونة بعوامل كثيرة. * استشاري ورئيس برنامج زراعة القوقعة الإلكترونية بمستشفى الملك فهد بجدة رئيس المجلس العلمي للزمالة السعودية للأنف والأذن والحنجرة.