لم يخرج المشاهد الرياضي البسيط بما يرضيه من جملة المفاوضات التي يقودها اتحاد إذاعات الدول العربية مع الاتحاد الآسيوي بشأن حصرية نقل منافسات دوري أبطال آسيا، إذ فشلت الأطراف الثلاثة بما فيها القناة الفائزة بالحقوق في الاتفاق على حل مرض يتيح لبقية المحطات بث المباريات مجانا، وبينما يتقاذفون كرة اللهب تبقى القضية عائمة وغير واضحة المعالم وبلا حل يضع الأمور في نصابها الصحيح. إذ يرى مجموعة من الرياضيين أن ما حدث لا يعدو كونه احترافية في سوق الفضاء الرياضي من قبل القناة الناقلة التي دفعت أموالا طائلة لخدمة مشتركيها أو للاستثمار محملين بقية المحطات مسؤولية الفشل في هذا السباق، فيما ذهب آخرون لاعتبارها هيمنة مرفوضة واحتكارا يحرم الملايين حق المشاهد ويتعارض مع كثير من الأعراف والتقاليد الرياضية التي يطبقها الفيفا، محملين الاتحاد الآسيوي كامل المسرولية، بدرونا في «عكاظ» آثرنا أن نطرح الموضوع على مائدة النقاش مع نخبة من النقاد والإعلاميين، فكانت هذه المحصلة: يؤكد نائب رئيس تحرير صحيفة اليوم محمد البكر أنه ضد مسألة التشفير جملة وتفصيلا لأن فيه حرمانا للكثير من المتابعين وخاصة فئة الشباب بحكم أن الرياضة هي متنفسهم الوحيد، ولكن في ظل الاحتراف في المنظومة الرياضية وتحولها إلى مجال ربحي فليس أمامنا إلا التسليم بهذا الأمر والتعايش معه رضينا أم أبينا، فالمسألة لم تعد اختيارية، ولكن من السذاجة أن نطالب القنوات الرياضية السعودية بالدخول في منافسة للحصول على حقوق بث المسابقات الرياضية في ظل المبالغة غير المعقولة في أسعار الحصول على حقوق بث تلك البطولات، وأعتقد أن الاتحاد الآسيوي هو من وضع الدول الآسيوية في هذا المأزق وقد كان عليه أن يساير الدول الأوروبية في تعاملها مع أبسط حقوق المتابعين حيث تنقل كل دولة المباريات عبر قنواتها الأرضية. وأضاف البكر «حقيقة لا أحترم منطق الاتحاد الآسيوي ولا العاملين فيه لأن المبلغ المطلوب مبالغ فيه بدرجة كبيرة وفيه استخفاف تام بعقول البشر وهو من تسبب بحرمان الفقراء من متابعة المنافسات المختلفة باعتبار أن كرة القدم هي لعبة الفقراء». ويرى الكاتب الرياضي محمد السراح أن من أبسط حقوق المشاهد السعودي متابعة الأندية السعودية في مشاركاتها الخارجية وقال «إن عدم منافسة القنوات السعودية الرياضية على الحصول على حقوق بث المنافسات الخارجية يعد قصورا من المسؤولين فيها والذين كان يجب عليهم إيجاد آلية تضمن لهم الحصول على بث مشاركات الأندية السعودية في الاستحقاقات الخارجية ونقلها للجماهير السعودية حتى وإن اضطرهم الوضع إلى تقديمها للجماهير السعودية مشفرة في قنواتنا وبأسعار رمزية مناسبة لجميع فئات المجتمع وخاصة أنها حصلت على حقوق نقل منافسات دوري زين السعودي للمحترفين، فمع اتساع رقعة نيلها للنقل الحصري فإن القنوات الرياضية السعودية ستحصل على فرص استثمارية تعود عليها بالربح خاصة مع محاولة بعض القنوات مشاركتها في بث المسابقات المختلفة. قنوات رسمية وبدوره، يرفض عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم الدكتور صلاح السقا مبدأ المقارنة بين تلك القنوات الرياضية ونظيرتها السعودية باعتبار أن الأولى قنوات خاصة ربحية بعكس الثانية التي تعد قنوات حكومية لها ميزانيات محددة لا يمكنها من الدخول في منافسات ومبالغ كبيرة للحصول على حقوق بث أغلب المسابقات والتي تعتمد على الأموال الطائلة التي لا تستطيع القنوات السعودية بأي حال من الأحوال منافسة غيرها من القنوات الخاصة، فالمقارنة هنا غير عادلة بتاتا ولا تصب في مصلحة القنوات الرياضية السعودية باعتبارها قنوات حكومية، ومن المنطلق المتعارف عليه في كل أنحاء العالم أن القنوات التابعة للحكومة لا تستطيع دخول منافسات تكلفها الكثير والقنوات السعودية الرياضية واحدة منها؛ لأنها قنوات غير ربحية وهي مفتوحة للعامة وتعتمد بشكل أو بآخر على عائدات الإعلانات التجارية التي تردها ومن هنا فيجب أن ننصف القنوات الرياضية السعودية ولا نحاول أن ندخلها في مقارنات ظالمة وغير عادلة مع غيرها. وأشاد السقا بالقنوات السعودية التي استطاعت إيجاد عدد من العاملين السعوديين في بعض القنوات الرياضية الأخرى والتي تعد شهادة على مهنيتها ومهنية القائمين عليها فاستطاعت أن تصدر للغير مهنيين بدرجة عالية من الكفاءة. حصرية وكفاءة ويؤكد الكاتب والناقد الرياضي محمد السويلم على أهمية دخول القنوات الرياضية السعودية في مجال المنافسة للحصول على حقوق البث للمنافسات الرياضية أو على الأقل المشاركة في بثها من أجل تأكيد حضورها بعد أن منحت فرصة كبيرة من خلال البث الحصري لمنافسات دوري زين السعودي للمحترفين وبمنحة من خادم الحرمين الشريفين وهذا ما يمنحها فرصة أكبر للتواجد في الميدان بعد تحويلها لهيئة الإذاعة والتلفزيون وقرب اعتمادها ماديا على نفسها فبالتالي هي مطالبة بالحضور بشكل مرض وبالتأكيد أن هذا الأمر لم يغب عن ذهن الدكتور محمد باريان ولكنه يحتاج إلى وقت لتقديم ما يتوافق وذوق المشاهد الكريم، فحقيقة نحن نمتلك الإمكانيات المادية والبشرية ولكنها ربما افتقدت للقيادة الإدارية الخبيرة والمحنكة التي تستطيع الاستفادة القصوى من هذه الإمكانيات ومن ثم تقديمها بشكل مميز وأعتقد أن كل تلك المتطلبات الضرورية في طريقها للتحقق مع النقلة النوعية التي تشهدها القنوات الرياضية السعودية. خبرة وحسابات «ميزة القنوات الرياضية التي حصدت حقوق الرعاية أنها بدأت من حيث انتهى غيرهم» بهذه العبارة بدأ الكاتب الرياضي عبدالعزيز السويد حديثه الذي أكد فيه أن القنوات الرياضية السعودية لها أعراف وأنظمة لا تستطيع تغيرها في لحظة، فمن هنا فإن منافستها للقنوات الأخرى يصطدم بفكر أشخاص مازالوا ينظرون للرياضة بمنظار ضيق ولا يرونها إلا أنها مجال لهو وتمضية للوقت، فبالتالي يقف الفكر عائقا أمامها للدخول في منافسة مع غيرها من القنوات، أضف إلى ذلك أن القنوات القطرية المخصصة للرياضة لها تجربتها في هذا المجال بينما القنوات الرياضية ولدت حديثا وضمن باقة من القنوات وقامت بدعم من الأمير الراحل تركي بن سلطان «يرحمه الله» ولها ميزانية مخصصة من وزارة المالية لا تستطيع تجاوزها فمن هنا تبرز مشكلة دخولها في مجال المنافسة لعدم قدرتها المادية التي تتطلبها لدخول ذلك المعترك مع غيرها من القنوات، وكل ما نتمنى أن يجد الدكتور محمد باريان الدعم الكامل لتنفيذ خططه وفكره ورؤيته ليبلورها على أرض الواقع، ففي الحقيقة أن مشكلتنا ليست مادية بحتة ولكن ومن وجهة نظر شخصية أرى أن المشكلة الحقيقية تكمن بعقدة بيروقراطية إدارية قديمة عفا عليها الزمن هذا من جانب أما من الجانب الآخر والذي أراه الأكثر إشكالية أن القنوات الرياضية السعودية هي قنوات حكومية وهذا ما يصعب تشفيرها، وأعتقد أنه من الأفضل إذا أردنا أن ندخل في مجالات تنافسية للحصول على حقوق بث المسابقات المختلفة أن تصبح القنوات الرياضية مستقلة إدارية ومالية ويستفاد منها في توفير مداخيل كبيرة لوزارة الثقافة والإعلام بعد أن يتم تشفير قناة أو قناتين من القنوات الست ويتم طرحها مشفرة للمسابقات المختلفة وبأسعار مناسبة لكل الجماهير الرياضية. قيود وإمكانيات ويقول رئيس القسم الرياضي في صحيفة الجزيرة عبدالعزيز الهدلق في هذا الصدد «من المفترض ألا تقف القنوات الرياضية السعودية عاجزة وخارج أسوار المنافسة والدخول في منافسة مع القنوات الأخرى في شراء حقوق بث المسابقات الرياضية، ولكن ربما ندرك أن الفارق الجوهري بين قنواتهم والقنوات السعودية تظل متعلقة بالأمور الإدارية المحترفة وتوفر الإدارة التسويقية البارعة وهذا ما يصب في مصلحة المحطة الفائزة بحقوق النقل، يضاف لذلك افتقاد القنوات السعودية لهيكلة تنظيمية وإدارية تمنحها المنافسة، فالموجودين على رأسها يعتقدون أن شراء حقوق بث بطولة يعد خسارة مادية كبيرة يفترض تركها وغاب عنهم أنه لو وجدت الإدارة المتمكنة القادرة على التخطيط لحولت ما دفع من مبالغ إلى أرباح مضاعفة وخاصة أن السوق السعودي يعد من أكبر الأسواق في الشرق الأوسط، فمن هنا وجب على القائمين على القنوات الرياضية السعودية البدء بالعمل وفق استراتيجية مستقبلية تواكب من خلالها متطلبات الاحتراف الرياضي، فكما هو معروف أن النقل التلفزيوني يعد من أكثر الموارد المادية للقنوات وهذا ما يتطلب من القنوات السعودية الإعداد للدخول القوي في هذا المعترك، وهذا ما أشك في تحقيقه قياسا بوضعها الحالي». احتكار وحرمان من جانبه، يرى الناقد والكاتب الرياضي صالح الصالح استحالة دخول القنوات الرياضية السعودية في منافسة للحصول على حقوق بث المسابقات الرياضية المختلفة وخاصة في ظل وجود «مافيا» مسيطرة على حقوق النقل التلفزيوني كل همها الحصول على أعلى عادات مادية، فبالتالي هي من تسببت بحرمان الجماهير السعودية بصفة خاصة والآسيوية بصفة عامة من متابعة مختلف البطولات الرياضية. وأضاف الصالح «يجب ألا نطالب وزارة الثقافة والإعلام بأكبر من طاقتها فلابد من قبول الأمر كما هو وأعتقد أن هذه فرصة لتثبت الجماهير السعودية دعمها لفرقها في المشاركات الخارجية عن طريق الحضور ومؤازرة اللاعبين في المباريات المقامة في ملاعبنا مع الأخذ بالاعتبار أن مبلغ الاشتراك في القنوات الفائزة بحقوق النقل يعد أمرا منطقيا وممكنا لغالبية المتابعين في ظل الأسعار الخيالية التي تطلب للحصول على حقوق البث التلفزيوني». سوق مفتوح ويرى عضو شرف النادي الأهلي خالد أبو راشد أن السوق مفتوحة لمن يدفع أكثر فالشركة المالكة لحقوق بث المسابقات الرياضية لاشك أنها تبحث عن العرض المناسب لها الذي يحقق لها الربحية المطلوبة. وأضاف أبو راشد «الملاحظ أنه وبالرغم من قيام الدول الخمس بجهود مضنية لنيل حقوق البث لبعض البطولات إلا أن القنوات الرياضية التي تمتلك الحقوق بطبيعة الحال بحثت عن السعر الأعلى باعتبارها قنوات ربحية، فبالتأكيد أن المادة هي العائق الكبير الذي يقف في طريق القنوات الرياضية السعودية ممثلة في وزارة الثقافة والإعلام التي تكمن مشكلاتها كبقية الوزارات مع وزارة المالية والمتمثلة في صرف الميزانيات المطلوبة وهذا ما كان حجر عثرة أمام العديد من المشاريع وفي كل المجالات ومنها المجال الرياضي، فمن هنا يجب ألا نلوم القنوات الرياضية السعودية في وقفتها عاجزة عن الدخول في منافسة غير متكافئة مع غيرها من القنوات التي تمتلك إمكانيات مادية تفوقها وبمراحل كبيرة. أخبار سارة وأخيرا طمأن مدير القنوات الرياضية السعودية الدكتور محمد باريان المجتمع الرياضي بأنهم كمسؤولين سيبذلون ما في وسعهم للوصول لرضاهم ولن يهدأوا ويرتاح لهم بال حتى تصل القنوات السعودية لمستوى تطلعات المتابعين «بالتأكيد فإن القنوات الرياضية السعودية مثلها مثل بقية القنوات الرياضية فلذا سنسعى للدخول في منافسات للحصول على حقوق البث للبطولات المختلفة متى ما أتيحت لنا الفرصة ولن نهدأ أو نستكين حتى نحقق للشارع الرياضي آماله وتطلعاته فلدينا الإمكانيات المتوفرة سواء على المستوى المادي أو التقني والتي ستجعل القادم أحلى للمشاهد الكريم وللقنوات الرياضية السعودية». وأضاف باريان «حقيقة لم تقف الأمور المادية عائقا أمامنا للدخول في المنافسة لنيل حقوق بث البطولة الآسيوية للأندية 2013 ولكن كان عامل الوقت هو أكبر عائق وقف في طريقنا فنحن لم نستلم مسؤولية القنوات الرياضية إلا قبل شهرين وحقوق بث بطولة الأندية الآسيوية قد انتهى أمرها منذ عشرة أشهر، ومع ذلك فإن محاولتنا مازالت مستمرة لبثها للمشاهد السعودي وستكون لنا رحلة لماليزيا للوصول لحل يكفل للجماهير السعودية متابعتها وقريبا بمشيئة الله سيسمعون ويشاهدون ما يسرهم في هذا الأمر».