انطلقت فعاليات سوق هجر التراثي الذي نظمته غرفة الأحساء بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، وعدد من الجهات الحكومية والأهلية برعاية سمو الأمير بدر بن محمد آل جلوي محافظ الأحساء في قصر إبراهيم الأثري في الكوت البارحة الأولى وتستمر حتى 17/5/143ه، ويتضمن السوق عروضا للحرف اليدوية، ومعارض تشكيلية وضوئية، ومقتنيات أثرية وفعاليات ثقافية وشعرية. وقال سمو محافظ الأحساء ل «عكاظ»: «يعد سوق هجر مبادرة من الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار يستحق عليها الشكر، والشكر موصول لللجنة التنفيذية واللجان المساندة على الجهد الجبار الذي يبذلونه سنويا في تنظيم هذا السوق الرائع»، وأكد سموه بأن توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله والقيادة الرشيدة تؤكد أن السياحة الآن مطلب أساسي للمواطنين والمقيمين، وهي خيار استراتيجي والكل يدعم السياحة، ويتمنى تسارع خطاها لما لها من مستقبل واعد». وأكد وكيل محافظة الأحساء خالد البراك أن السوق يمثل مهرجانا سياحيا يوظف الأنماط الثقافية والتراثية في الأحساء لتوفير تجربة سياحية ثرية وممتعة، ويوصل رسائل إعلامية تكون صورة ذهنية جيدة عن الأحساء كمقصد سياحي يهتم بالثقافة والتراث، بما يساهم في استفادة القطاع السياحي والمجتمع المحلي، وتجاوز عدد زائريه العام الماضي 300 ألف زائر من داخل وخارج البلاد. ومن جهته، أمل رئيس اللجنة التنفيذية للسوق عبداللطيف العفالق أن يتحول هذا السوق المميز إلى مهرجانٍ دولي يستقطب الزوار والسياح من داخل وخارج البلاد، مؤكدا أنه أحدث نقلة نوعية في أسلوب وطبيعة الفعاليات السياحية المنفذة في الأحساء، مشيرا إلى أن اختيار قصر إبراهيم الأثري لاحتضان سوق هجر يأتي بسبب ما يمثله من تاريخ عريق حتى أصبح أحد أبرز المعالم السياحية في الأحساء. وأكد العفالق أن السوق يوفر الفرص الوظيفية لأبناء المجتمع المحلي للعمل في السوق وما بعده. وأشاد مدير فرع هيئة السياحة والآثار في الأحساء علي الحاجي بنجاح السوق بفضل تضافر جهود الجهات المشاركة فيه مشيرا إلى أن متوسط الإنفاق للفرد في الإصدار الأول منه بلغ 1430 ريالا، الأمر الذي يؤكد أهمية صناعة السياحة الداخلية. 4500 زائر من جانب آخر، سجلت إحصائية اليوم الأول لزوار مهرجان سوق هجر الثقافي أكثر من 4500 زائر، رغم الأمطار الغزيرة التي هطلت على الأحساء مساء البارحة الأولى، واستمتع الزوار بعرض ملحمة «الجرهاء .. المدينة المفقودة»، وهي من تأليف الدكتور سامي الجمعان، وإخراج خالد الخميس، وأداء فرقة ريتاج المسرحية، وإنتاج مركز الدراسات بشركة الأحساء للسياحة والترفيه، وإشراف غرفة الأحساء. واستطاع سوق هجر الذي تنظمه غرفة الأحساء في استعادة تاريخ المنطقة ما قبل الميلاد وتجسيد تلك الحقبة عبر العديد من البرامج والفعاليات وتصوير الكيفية الحياتية التي عاشتها مدينة الجرهاء المفقودة، لخلق ثقافة تاريخية لدى الزوار. وأوضح أمين غرفة الأحساء وعضو اللجنة التنفيذية عبدالله النشوان أن جميع الفعاليات والبرامج المقدمة في السوق هي نابعة من رؤية ورسالة تاريخية تم اختيارها بعناية ليحقق المهرجان رؤية السياحة الثقافية في إحياء تاريخ منطقة الأحساء العريقة، وتعزيز الهوية والانتماء الوطني، وإبراز التراكم الحضاري لإنسان هذه المنطقة، باعتبار فعاليات السوق تطمح لأن تكون ركيزة أساسية في تنمية السياحة الثقافية في المنطقة. من جهته، أكد المؤرخ عبدالخالق الجنبي أن «الجرهاء» التي يرجح أصل تسميتها ب «جرى» هي هجر. وأبان الجنبي، خلال استضافته في مقهى الملك شوزبي الثقافي بالمهرجان، أن موقع الجرهاء الجغرافي وفق ما ذكره المؤرخون والجغرافيون الإغريق والرومانيون واليونانيون يقع في حدود ما بين البصرة شمالا إلى الأطراف الشمالية من عمان، وتضم أوال «البحرين» وقطر والإمارات في هذا الوقت، وكانت المدينة الجرهائية تقع ضمنها وتبعد «200 استاديا» عن البحر، ويتخللها نهر عظيم يسمى «المحلم» تجري فيه الملاحة من قبل ساكنيها مثلما كانت تجري الملاحة في نهر العرب في البصرة، ليتصلوا من خلاله للبحر ويمارسوا ما عرف عنهم من التجارة. واستعرض الجنبي عددا من الكتابات المسمارية لبلاد ما وراء النهرين، وكان من أبرزها عشتار، ووثيقة توجد في المتحف المصري وترجع لعام 261 قبل الميلاد يذكر فيها الحاكم «زينن» البخور الجرهئي المعروف لديهم، ويعد البخور وكثرة الأموال أحد أهم أسباب التي طمعت الإسكندر المقدوني وغيره من الملوك بالاستيلاء عليها، لكن وافته المنية قبل تحقيق حلمه الذي تحقق لأحد من خلفائه وهو «انطيموس الثالث» بعد أن حاصر مدينة جرى، وأغروه بالمال ليحررهم، وكان لهم ذلك بعد أن دفعوا له 500 تلانت من الذهب و300 تلانت من الفضة، وهو ما يعادل 52 مليون دولار وبخور جرهئي.