وصف المراقبون حالة الاحتقان السياسي الذي تعيشه تونس بالسيناريو الكارثي الذي سيقود البلاد إلى أزمة اقتصادية خانقة، رغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها الحكومة، حيث أثارت المفاوضات التي تجريها الحكومة المؤقتة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض ائتماني وصف بالوقائي بقيمة 2.7 مليار دينار (1.74 مليار دولار)، جدلا واسعا بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد. وسارعت المعارضة إلى رفض هذا القرض، وإلى التحذير من شروطه وتداعياتها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وبخاصة على القدرة الشرائية للمواطن التونسي التي تدهورت بشكل لافت خلال الأشهر الماضية، فيما تسعى الحكومة المؤقتة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية إلى التحذير من «تسييس» هذا الموضوع و«مغالطة» الرأي العام بشأنه. وفيما تجري الحكومة حاليا مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على القرض قال الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي إن هناك إمكانية لمنح صندوق النقد الدولي لتونس قرضا وقائيا لتونس. ويرى العياري أن هذا القرض الذي تبلغ قيمته 2.7 مليار دينار (1.74 مليار دولار) «رهين الإصلاحات التي ستتم على مستوى المنظومتين الاقتصادية والاجتماعية وخاصة في مستوى سياسة الدعم». من جهته، اعتبر أمين ماطي رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بتونس أن الاقتراض يشكل السبيل الوحيد لدفع عجلة الاقتصاد الوطني . وحذر من أن صندوق النقد الدولي «يحاول فرض برنامج إصلاح هيكلي (خطير) على الاقتصاد التونسي يقضي بإلغاء صندوق الدعم في ظرف 3 سنوات والترفيع في الضغط الجبائي إضافة إلى مراجعة صناديق الجراية وصناديق التغطية الاجتماعية». وقال إن هذا البرنامج لم يحظ باستشارة المجلس التأسيسي ومع ذلك تحاول الحكومة الضغط على النواب لتمرير قانون الشراكة رغم رفض أغلب نواب التأسيسي، على حد تعبيره. غير أن حمادي الجبالي الرئيس الحالي لحكومة تصريف الأعمال، رفض هذه الانتقادات والتحذيرات، ودعا إلى عدم «تسييس» موضوع هذا القرض، وإلى الابتعاد عن «مغالطة» الرأي العام بشأنه. وقال في ختام أعمال مجلس وزاري عقد مساء أمس الأول «إن صندوق النقد الدولي لم يفرض شروطا إضافية غير الشروط التي ألزمت تونس نفسها بها مثل إصلاح القطاعين المالي والمصرفي ومنظومتي التأجير والدعم». واعتبر أن نقل صورة سلبية للوضعين الاجتماعي والسياسي بالبلاد ساهم في التأثير على الوضع الاقتصادي، ولاسيما على السياحة والاستثمار. وفيما يتواصل هذا الجدل، يجمع المراقبون على أن تونس تواجه أزمة اقتصادية خانقة، قد تدفع إلى تكرار سيناريو اليونان، بحسب حسين الديماسي وزير المالية السابق.