تعد سلافة بترجي أول سعودية تدير مشروعاً غير ربحي للموهوبين على مستوى المملكة، إيمانا منها بأن المجتمع لا بد أن يبتكر الفعاليات المتنوعة التي تستثير قدرات الطلاب ومواهبهم إذا أراد أن يفرز المتميزين، ومن هنا كان إطلاق أولمبياد الموهبة والإبداع، وبينت في حوار خاص ل«عكاظ»: أن التربية القائمة على التحفيز المادي لا تربي القادة، بل تنشئ أفرادا لا ينجزون أي عمل دون مقابل، وطالبت بمساهمة الشركات ومؤسسات المجتمع برعاية الموهوبين والمبدعين وتطوير الجيل الصاعد برؤية وتوجه نابعين من المجتمع.. وهذا نص الحوار: • كيف بدأت قصة أولمبياد الموهبة؟ أولمبياد الموهبة بدأت بصفة شخصية في عام 1428م، حيث كنت أهوى التصوير وأمارسه عند السفر، وكانت لدى أبنائي رغبة لتقليد ما أعمالي، وفي إحدى السفريات اطلعت على صورهم فاكتشفت فيها الكثير من اللمسات الإبداعية والمهارات الواعدة، ومن هنا قررت تنظيم معرضا للصور خاص بالأطفال من هواة التصوير، وكانت المشاركة فوق المتوقع حيث بلغت نحو 400 مشاركة فوتوغرافية لطلاب وطالبات التعليم العام، وجميعها تحمل لمسات احترافية ومنها هنا اقتنعت بأن المجتمع السعودي متعطش إلى فعاليات متنوعة تستثير قدرات الطلاب والطالبات، ومن هنا بدأت الشعلة الأولى لأولمبياد الموهية والإبداع التي تحولت أهم المسابقات الموجهة لطلاب وطالبات التعليم العام، وتشهد سنويا مشاركة واسعة في جميع فروعها، كما نفذت الاولمبياد منذ إنشائها في العام 1428 ه، أكثر من 50 مسابقة بمشاركة أكثر من 41 ألف طالب وطالبة من 200 مدرسة حكومية وأهلية وعالمية في مختلف مناطق المملكة. • ما طبيعة المسابقات.. وما آلية الاختيار؟ أولمبياد الموهبة والإبداع هي عبارة عن مسابقات سنوية يقوم عليها وقف تعليمي بدعم من دروب البركة، وهو وقف الشيخ عبد الجليل بترجي (رحمه الله) وزوجته السيدة ثريا ناظر، وأول مسابقة تم إطلاقها كانت قبل سبع سنوات (بعيون يافعة) والتي تهتم باستثارة قدرات الطلاب في مجال التصوير الفوتوغرافي، وفي كل عام يضاف إليها مسابقة جديدة في مجال مختلف، وبما يمنح الطالب فرصة للتعبير عن نفسه بشكل متنوع ومبدع، فمسابقة (عبر) تتحدث بلغة العصر وتمنح الطالب الفرصة للتعبير عن أفكاره وإبداعاته من خلال مدونة فيديو 3-5 دقائق، أما مسابقة (أحسبها صح) فتسعي لإشاعة مفاهيم الحساب الذهني، والتي أثبت علميا أن له أثرا إيجابيا على النجاح الأكاديمي و تطوير القدرات العقلية وهنا مسابقة (ذاكرتي حديد) والتي تعد من أكثر المسابقات إقبالا، وتعنى بالكشف عن المتميزين في مهارة سرعة ودقة التذكر، وأخيرا مسابقة (القراءة السريعة) والتي تهدف إلي نشر ثقافة أهمية القراءة السريعة في أوساط الطلاب وما لها من دور في تحقيق التميز الشخصي. أما فيما يتعلق بطرق اختيار المسابقات و تصميمها و تحكيمها، فهذا يتم عبر لجان متخصصة في مجال فن التصوير الفوتوغرافي والتعبير الإلكتروني، إذ إن هذه اللجان تعمل على مدى شهور لتطوير المسابقات السنوية وإضافة جوانب التحدي عليها، بالإضافة إلى تصميم المسابقة الجديدة بطرح مختلف تماما. • لماذا مسمى «الأولمبياد»؟ اختيارنا لكلمة «أولمبياد» جاءت لكونها مرتبطة بمفهوم وتاريخ ومعايير عالمية احترافية في الطرح والتحكيم، وعبر هذه الاولمبياد برزت شخصيات عالمية تميزت في واحدة من المجالات الرياضية، ونحن هنا نسعى إلى نفس المستوى من الاحترافية والامتداد والاستمرارية والتميز، بالإضافة إلى أن كلمة اولمبياد تعكس مفاهيم التنافس الشريف، ومفاهيم الظهور والتميز الفردي للمشارك والتنوع في شتى المجالات، ونحن نكرم من خلال الأولمبياد الفائزين والفائزات بجوائز مالية تصل إلى نصف مليون ريال، وهذا التكريم ما هو إلا محفزات وقتية، فالمشاركات المتكررة والمستمرة من الطلاب أثبت أن الفائز والخاسر يشارك من أجل إشباع الرغبة في التحدي والإنجاز والشعور بالتميز وليعيش متعة التجربة. • ما الفرق بينكم وبين مسابقات الموهوبين الأخرى؟ أولا: وفق التقسيم العلمي فإن المجتمع ينقسم إلى ثلاثة نسب، 3 في المائة من المجتمع هم أصحاب الموهبة والذكاء والقدرات العالية، و70 في المائة أشخاص عاديين، والنسبة المتبقية هم ذوو القدرات المنخفضة والاحتياجات الخاصة ، وللأسف جميع الفعاليات والأنشطة الخاصة بالموهوبين داخل المملكة وخارجها تستهدف دائما نسبة الثلاثة في المائة، إلا أننا نستهدف شريحة ال 70 في المائة أي الأشخاص العاديين، والذين قد تكون البيئة أو الظروف المعيشية أو انعدام التحفيز الأسري سبب ضياع مواهبهم وقدراتهم، لذلك نستهدف هؤلاء بغرض استثارة قدراتهم واكتشاف مواهبهم التي قد لا يعلم عنها أولياء أمورهم أو مدارسهم، بل حتى الشخص نفسه قد لا يعلم ما يختزنه من مواهب وقدرات، ودورنا هنا فقط اكتشاف هذه الفئة ومساعدتها. • بعد اكتشاف موهبة الطلاب وقدراتهم هل ينتهي دوركم هنا أم ماذا؟ هنا يأتي دور المجتمع والجهات المتخصصة، نحن من جانبنا نقدم للطلاب الفائزين منح دراسية كاملة من المرحلة الابتدائي وحتى الثانوية في مدارس دار الذكر الأهلية للبنين، لأنها تطبق برنامج الشراكة مع مؤسسة الملك عبدالعزيز لرعاية الموهبة، بالإضافة إلى دورات وزيارات ميدانية لجهات متخصصة في مجال الفن الفوتوغرافي والتصوير والإخراج، لأن رسالتنا تتركز في إثراء المجتمع وإثراء خبرة الطلاب والطالبات، ومن الضروري إكمال هذه المهمة عبر المؤسسات التعليمية والتدريبية وشركات المسؤولية الاجتماعية، لابد أن تكون رعاية الموهوبين والمبدعين والاستثمار في الجيل الصاعد توجه ورؤية مجتمع يؤمن بالتكاتف وتوزيع المسؤوليات والأدوار. • كيف يتم إشراك الطلاب في الأولمبياد؟ فرصة الاشتراك متاحة لجميع طلاب وطالبات التعليم العام، ونحن نخاطب إدارات التعليم وخصوصا إدارات النشاط في كل محافظة من محافظات المملكة المختلفة لتعيننا على الوصول للطلاب في المدارس، بالإضافة إلى التواصل المباشر عبر الموقع الإلكتروني للأولمبياد أو التسجيل الفوري، يدفعنا لذلك ما أثبته العلم الحديث بأن الأنشطة الطلابية خارج المحتوى المدرسي له أثر إيجابي على المحصلة التعليمية لدى الطلاب والطالبة. • من وجهة نظرك ما أسباب عزوف المستثمرين عن احتضان ابتكارات الموهوبين وتحويلها إلى مشاريع صغيرة تدعم التنمية؟ هناك أسباب كثيرة تفسر إحجام المستثمرين، أبرزها عدم تسويق الموهوبين لأفكارهم بشكل علمي وربحي، بالإضافة إلى أن رعاية الموهوب تعتبر مشاريع طويلة المدى، والتاجر أو رجل الأعمال يهمه في المقام الأول الانجاز السريع، والحل يكمن في قيام المجتمع بدوره في تسويق هذه المواهب وهذه الأفكار المختزنة في عقول أبنائنا بشكل يغري رجل الأعمال والدخول في شراكة في هذه الموهبة التي سيكون لها شأن كبير إذا نمت وترعرعت بشكل سليم.