حملت إدارتا الميناء والجمارك التجار والمستوردين مسؤولية ما يحدث من عشوائية خارج أسوار الميناء وهو ما شكل بيئة حاضنة للوافدين لممارسة أصناف التجارة في شحن وتغليف الصادرات قبل إدخالها لأرصفة الميناء قبل شحنها بحرا لعدد من الدول العربية والأفريقية، وشكلت فوضى المنطقة المتاخمة لأسوار الميناء لسنوات ماضية معضلة عجز عن حلها مسؤولو الميناء، وهو ما شكل لهم تحديا صارخا كان سببا في تأخر تطور المنطقة المحيطة بالميناء وعكس صورة ذهنية سالبة. يؤكد ل«عكاظ» مسؤول رفيع المستوى في الميناء «حظيت إدارة ميناء جدة بدعم كبير من المؤسسة العامة للموانئ مكنها من تنفيذ مشاريع ساهمت في تطور الميناء من الداخل وحقق نقلة نوعية في التنظيم والبناء وحقق بالشراكة مع القطاع الخاص فرصا استثمارية ذات جدوى اقتصادية شملت تطوير محطات الشحن والتفريغ ومحطات الحاويات ومحطات متعددة الأغراض وأصبح قادرا على مواجهة كافة التحديات والمتغيرات في النقل البحري ومقابلة الطلب المتزايد على خدمات الميناء للعشرين عاما المقبلة، إلا أن ما حققه من تطور يظل مرتبطا بمدى القدرة على تصحيح وضع الميناء من الخارج». وأضاف «القادمون إلى ميناء جدة تستقبلهم العشوائية المفرطة على امتداد الطرق المؤدية إلى بوابات الميناء، تلبك في حركة السير ومخالفات بالجملة، نلاحظ هذه السلوكيات كل يوم على الرغم من الجهود التي تبذل من قبل المرور في منع توقف الشاحنات بطرق مخالفة وتسعى إدارة الميناء في التنسيق مع الجهات ذات العلاقة لضمان اختفاء العشوائية خارج محيط الميناء». وحمل الناقلين مسؤولية توقف الشاحنات في الطرق المؤدية إلى بوابات الميناء بطرق مخالفة تعيق حركة السير، موضحا أن «إدارة الميناء اتبعت منهجية للقضاء على هذه الظاهرة بعد أن طالبت المستوردين على أكثر من صعيد بضرورة الالتزام بمواعيد استلام البضائع وشحنها وفقا للجداول التي تبرمجها إدارة الميناء، في حين أن بعض المخلصين يستخدمون بعض الساحات لتخزين الحاويات، والآلية الأخيرة التي أقرها المرور لها علاقة بتنظيم الشاحنات داخل المدن». حاسبوا المتورط «عكاظ» خلال جولتها الميدانية في ميناء جدة، واجهت عددا من التجار والمستوردين بما يحدث خارج أسوار الميناء وأنهم يقفون وراء نشوء العشوائية وفقا لمسؤولي الميناء، حيث أكدوا أن لا شأن لهم بما يحدث من عشوائية خارج نطاق الميناء وليسوا معنيين بالتصرفات الخاطئة، ومن تثبت مخالفته فيجب إنزال أشد العقوبات الرادعة بحقه. يقول التاجر عبدالرحيم بكار: التجار والمستوردون هم أكثر المتضررين مما يحدث خارج أسوار الميناء حيث يواجهون صعوبات في الدخول والخروج من وإلى الميناء كل يوم ويقضون فترات طويلة نتيجة التلبك المروري على الطرقات المؤدية إلى بوابات الميناء، وما يحدث أمر لا يمكن التسليم به وقبوله بل يجب على إدارة الميناء والجهات ذات العلاقة القضاء عليه لأنه يشوه الصورة الناصعة للميناء ويحدث خللا في التنظيم ويسبب ارتدادات في الحركة المرورية قد تؤثر على حركة الشاحنات داخل الميناء. في حين يرى سعود اليزيدي الذي يعمل مخلصا جمركيا أن عددا من المستوردين يملكون مستودعات في منطقة الهنداوية المتاخمة للميناء مخصصة لتخزين الحاويات وتفريغها وإعادتها إلى الميناء بشكل منظم بعيدا عن الفوضى، إلا أن مجموعات من الوافدين من جنسيات مختلفة أفريقية وآسيوية وعربية استغلت غياب الرقابة واستأجرت أحواشا وسط المستودعات وحولتها مستودعات للتخزين والتغليف وإعادة الشحن نظرا لعدم وجود رقابة صارمة تمنع حدوث مثل تلك التجاوزات التي أصبحت تجرى بشكل مكشوف وعلني. وأضاف: نريد تطبيق النظام بحق المخالفين ومحاسبتهم وتقويم المقصر، ووضع نظام يحد من التجاوزات ويمنع التلاعب بالأنظمة. واعتبر محمد الشريف (مراجع لإدارة الجمارك) أن ما يحدث من تصرفات خاطئة خارج الميناء يمثل عقبة أمام التطوير خاصة أن هذه العشوائية تعكس صورة غير حضارية لكل من يقصد الميناء للزيارة أو بغرض إنهاء إجراءات فسح البضائع المستوردة أو من أجل التصدير. لكنه عاد ليؤكد بأن التجار المخالفين يمثلون نسبة قليلة ليست سببا فعليا في ما يحدث من تجاوزات والمخالفين من الوافدين هم السبب الحقيقي وراء العشوائية وتكدس البضائع جراء العمل بطرق غير مشروعة. عشوائية مفرطة على جنبات الطرق المؤدية للميناء تبدأ المعاناة مع التلبك المروري على كافة المحاور المؤدية إلى البوابات الرئيسية، إذ يشكل التوقف المخالف للشاحنات على الشوارع في طوابير طويلة هاجسا يوميا مريرا، فيما تعرض شركات متخصصة في النقليات خدماتها وتوقف شاحناتها لحين الظفر بالزبون، دون أن يلتزم المستوردون والتجار بمواعيد إدارة الجمارك التي تحرص على إرسال رسائل نصية للمتعاملين معها تحمل أوقات استلام البضائع بعد فسحها، هذه العشوائية أعجزت مسؤولي الميناء عن إيجاد حل يوقف التساؤل الذي يتردد على مسامعهم من الوفود الأجنبية والمحلية التي تزور الميناء لمعرفة أسباب وجود التنظيم في داخل محيط الميناء والعشوائية التي تحيط بأسواره. عالم آخر خارج أسوار أكبر موانئ المملكة عالم آخر لا يكاد يصدق؛ الشاحنات في كل مكان والحاويات تحاذي جسر الميناء والأحواش التي يسيطر عليها الوافدون ليس لها عدد بل إن كل حوش يحمل هوية وطن خارج الحدود لتصدير كل شيء غثا كان أو سمينا، لا يعلم أحد من أين جيء بهذه البضائع والمعلوم فقط هو إلى أين تتجه، داخل أحواش كبيرة يجتمع وافدون هدفهم الكسب المادي، كل حوش أو مستودع يحمل جنسية، يعملون في وضح النهار، جميع الجنسيات موجودة تنوعت بين دول القارة الأفريقية والعربية، سعر الطرد بحسب وزنه، المطلوب من الزبائن تحديد الوجهة، ودفع قيمة الشحن، ومغادرة المكان ويتولى العاملون في منطقة التخزين مهمة ترتيب الصادرات التي تشكل بيئة عشوائية تسيء لصادرات المملكة. عبدالله قاسم من سكان حي الهنداوية قال إن هذه العشوائية سبب رئيسي في تلبك الحركة المرورية ويجب أن يكون هناك تحرك سريع من الجهات المختصة لإنهاء هذه العشوائية ومعاقبة المخالفين. وأضاف: استغل بعض الوافدين الأحواش المهجورة وتم تحويلها إلى مواقع لاستقبال طرود الشحن من الملابس والأثاث المستعمل والأجهزة الكهربائية مقابل مبالغ مالية بحيث يتم تعبئتها في حاويات يتم تصديرها إلى البلدان المختلفة في حين أن البعض الآخر يعمل في هذه الأحواش بالتستر تحت اسم مواطن يتقاضى إيجار الحوش. ويرى محمد العقيل (عامل في موقع للتصدير) أنهم يستلمون البضائع المراد تصديرها ويتم احتساب ذلك بحسب وزن الطرد الذي يتم شحنه بعد تغليفه، مؤكدا أنه لم يتم منعهم من العمل في هذا المجال. غداً: مدير ميناء جدة في حوار ل «عكاظ»: مليار ريال فاتورة مشاريع جديدة .. وبوابات متحركة لمنع الاختراقات الأمنية.