منتهى الانحطاط أن يمتهن الإنسان آدميته في سبيل تحقيق مكاسب مادية تقتضي منه إتقان الأساليب الوصولية بحثا عن مجد مزيف. هذه الأنماط من البشر كانت تجد موقعها وذاتها الهشة في غفلة من الزمن (إنه المجد المؤقت). نحن اليوم في زمن آخر يحكمه الوعي القادر على فرز الحقائق وكشف الزيف. انظر حولك: قالها أحدهم لآخر يمتلئ سخطا على الواقع المقلوب. أضاف عليها: ألا ترى أن الأمور بدأت تنظم وتعيد للأشياء تكوينها الجميل. كررها مجددا (انظر حولك). أقنعة الزيف غسلتها الحقائق وبدأت الوجوه المشوهة تظهر على حقيقتها. قالها مرة أخرى عنيفة: أنظر حولك... دون تخاذل اتخذ موقفا تؤمن به.. دافع عنه بكل شراسة.. فاستخدام الأنياب ضرورة لمواجهة واقع تمقته وتتوق للواقع البديل... عندما نتحدث أو نكتب لابد أن نضع هدفا للكلام وهدفا للكتابة لنصوغ في النهاية مفاهيم أخرى تجتاز رقاب الوصوليين وتحيل الأهداف الذاتية إلى أهداف عامة... تتسع الدائرة البيضاء عندما تستجيب لحركة الوعي فتضيء أفق الواقع اليوم والغد. وتضيق الدائرة البيضاء عندما نتخاذل ونعلن الانهزام أمام النماذج الرديئة التي تسلقت سلم المجد على حساب الإنسانية ودفعت في سبيل هذا الهدف فاتورة سوداء من حساب الضمير.. هناك واقع آخر يحتاج إلى لغة جديدة للتعبير والوضوح.