قالها لي ذات مساء: «في البدء لا بد أن نعبد طريق الحلم، فتكرار المحاولات شجاعة أكثر من مجرد أن نلطم أو نصرخ». ذاكرة الإحساس في الإنسان لا تموت مع أن ذاكرة العقل تذبل وتتلاشى مع الأيام. الأهلي.. ظل في أكثر سنواته في مأمن من صراعات القوى المختلفة التي تتجاذب نظراءه من الأندية. تلك حالة خاصة اكتسبها الأهلي ضمن خصائصه وخصوصياته.. هذا الاستقرار أو التميز لم ينعكس واقعا خلال العشرين سنة الأخيرة إلا «إلماما» أقصد كرة القدم. نعم يتميز الأهلي بأنه «ناد» تدلف خزائنه سنوياً عشرات الكؤوس المختلفة من جميع الألعاب.. لكن عطش الجماهير «كرة القدم». يمر الأهلي حالياً «بثقل» عناصري فريد غير مسبوق منذ عدة سنوات، فهو بات متشبعا حد التميز بأسماء ذات سطوة فنية.. هذا الثقل داخل الملعب يتطلب «فكراً فنياً» يقوده، أكثر منه مدربا؛ إذ بات الأهلي يحتاج لمدير فني ذي مواصفات خاصة تحول هذا المطر إلى ثمار يانعة متلاحقة من البطولات. ذات أزمنة كان الأهلي هو المبادر والنموذج في استقطاب هؤلاء المفكرين أمثال «ديدي، سنتانا، لازوراني، فليب لويس»، كان تواجدهم بداية فتح ازدهار كرة القدم السعودية، بعدها الأندية قلدت الراقي وأتت بأسماء أخرى فكان الثراء الكروي الممتع. إن التباين في الأهلي بين قدرت المدرب وإمكانات اللاعبين بات يتضح جلياً في التشكيل قبل اللعب خاصة إذا كان هذا التباين نوعياً. في لقاء دربي جدة كان ذاك التباين علناً لدرجة أن المدرج المجنون تذمر من التحفظ والمبالغة فيه من قبل السيد «جاروليم»؛ إذ لم يقرأ قدرات لاعبيه ولم يوظفهم، إذ كان لدى الأهلي متسع من الإمكانات لكسب اللقاء من دقائقه الأولى.. لكن عدم القدرة أو الاستطاعة.. أو قل حتى الثقة لدى المدرب لم تكن كافية، وهو أمر لن يعطي الأهلي خاصية البطولات في أي ظرف قادم في ظل هذا التباين بين تميز نوعية اللاعبين في الخارطة الأهلاوية وضعف القيادة التدريبية أو قل محدودية القيادة التدريبية. إن الأهلي بحاجة أكثر من أي وقت مضى لمدرب مفكر؛ فالعناصر التي بيده تستطيع في دقائق إنهاء النزال بأكثر قوة تهديفية، إن الطريق الواصل بين نقطة الاحتياط وعشب الملعب باتت أكثر طولا من أي فكر يغذي اللاعبين بتغيير الطريقة أو حتى المراكز لتصدير الفرح. كما أن عدم الثقة وهو يعتبر في الفريق أمرا خطيرا دائماً ما يكسر كل طموح يعاني منه بالرغم من امتلاكه لعناصر القوة والنجاح، فالثقة عنصر أساسي تجعل من الفريق أكثر سطوة. إن ما كان يقال همساً بالأمس بين أصحاب القرار في النادي الأهلي أصبح اليوم يسمع بأن الفريق بحاجة لثقة (ديدي) ودهاء (سنتانا). سألت ذات مرة كلا من الدكتور عبدالرزاق أبو داود وطارق كيال: لماذا كان (ديدي) يحضر المباريات بالملابس الرسمية (البدلة)؟، قالا لي: كان يأتي ليستمتع بالعرض المسرحي فهو مشاهد ذواق بعد أن كان يعمل طيلة الأسبوع كمخرج لهذه المسرحية. *** لم أعد أذكر كم لقاء قراءته للمشرف على القنوات الرياضية الدكتور محمد باريان، لكن كلما فتحت صفحة وجدته أمامي حالماً وواعداً، اعترف أننا نعيش ثقافة الفرد السائدة والتي تجعل منه (سوبر مان)، المؤسف أن هذه الثقافة استوطنت حتى أصحاب المؤهلات العلمية المفترضة فيهم فهم المرحلة وبيئة العمل، إن أي نجاح ما لم يكن مؤسساتيا ووفق فكر متجانس وإمكانات مادية وفنية تصبح فيه كل الوعود وهما في وهم، لذلك ما زالت حتى اللحظة الوعود تستمر وأخطاء القناة تتواصل.