يتصاعد هتاف بصوت جهوري عن مروحة كهربائية تحمل في ملامحها أكثر من 05 عاما، وقبل أن تبرد حرارة الصوت والضجيج يعلن الصوت عن جهاز مذياع موديل 0491م، هذا السيناريو ينطلق في يوم الثلاثاء من كل اسبوع في الظهران وبعد كل صلاة مغرب تحديدا ، إذ يتوافد الزوار من مختلف مناطق المملكة وبعض من دول الخليج لصالة «الدانات»، حيث يقام مزاد أسبوعي لمجموعة من الأجهزة القديمة والتحف والمقتنيات الثمينة، يقصده عشاق التحف والمقتنيات القديمة. مشهد المكان رغم صغره إلا أنه يزدان برائحة الذكريات؛ بينها تحف، وأجهزة كالهاتف والمروحة الكهربائية، وأدوات المنزل، والعملات، والموسيقى، والسيوف والخناجر، والألعاب القديمة، وأدوات الصيد، والوسائل الحرفية، البنادق القديمة المكان الذي يزدحم بالقطع القديمة النادرة، وبعضها كان يعتبر في السابق ابتكارا وأصبح اليوم قطعة قديمة ثمينة يتداولها هواة اقتناء التحف. ويستقطب المكان رغم صغر مساحته الراغبين في اقتناء كل ما هو نادر وقديم من تحف ومشغولات وعملات وأجهزة، حيث يتنافس الهواة للحصول على المقتنيات. ولصالة الدانات شروط ومعايير يلتزم بها جميع الزوار الذين يعتزمون اقتناء الاثريات او التحف وغيرها دون استثناء. وأوضح عبدالله العديني صاحب الصالة ومدير المزاد أنه في بداية اليوم يتم تسجيل الراغبين في البيع في سجل المزاد الخاص لضمان أدوارهم، وبعد الانتهاء من التسجيل يبدأ المزاد حسب الترتيب، فيتقدم كل بائع ويعرض ما لديه من قطع على الطاولة لكي يطلع عليها الجمهور، مع ذكر بعض التفاصيل عنها من مكان وتاريخ الصنع، وما يميزها، ومدى صلاحيتها، فإن لم تكن لديه المعلومات الكاملة فيكتفي بقوله (نظر) أي أن البائع لا يعرف تفاصيلها ويتحمل المشتري المسؤولية. ويؤكد العديني أن تقييم القطع المعروضة يتم اعتمادا على الخبرة فقط، فالمزاد لا يملك القدرة على التقييم بشكل علمي لتحديد تاريخ القطع أو قيمتها المادية، فمثل هذا الإجراء يحتاج إلى إمكانات مادية وبشرية لا يستطيع المزاد توفيرها، فليجأ بعض المشترين لمن يملكون خبرة واسعة في هذا المجال وهم نادرون بندرة القطع التي تباع. وقال عبدالله الفضل من البحرين وأحد المؤسسين للمزاد إنه ما زال الاهتمام محدودا ومتواضعا في بعض دول الخليج والدول العربية بمجال بيع التحف الأثرية والقديمة مقارنة بالدول الأوروبية والولايات المتحدة التي خصصت صالات ومعارض دولية لدعم هذه المعارض وتسويقها بكل احترافية مكنتها من عرض أندر القطع وأثمنها على مستوى العالم، وأصبحت تشكل داعما سياحيا واقتصاديا لتلك الدول، ولكن ما يتم عرضه في هذه الصالة وإن كان ذا قيمة عالية، فسيجد البائع صعوبة في إيجاد القيمة المناسبة لها، فهذه الهواية عالمية وحتى نتمكن من إعطاء المقتنيات النادرة قيمتها الحقيقية، يجب أن تكون مزادات عالمية يدعى لها الراغبون في الشراء من مختلف الدول بعد إيجاد المكان المناسب الذي يساهم في رفع قيمة المعروضات. ويرتاد المزاد زوار من مختلف الأعمار ولكل منهم ميوله، فكبار السن يهتمون بجمع التحف والقطع القديمة، فيما يحرص الشباب على جمع العملات والطوابع، وهناك من الزوار من يأتي للاستمتاع بمشاهدة المزاد والمعروضات. وتختلف أسباب الشراء لدى الزوار؛ فمنهم من يشتري للاقتناء الشخصي وتجهيز معرضه المصغر في منزله، ومنهم من يشتري بغرض البيع مرة أخرى بمبلغ أعلى، ولكن الجميع يلتزم بالشفافية والصدق في ما يعرض. وتتكون صداقات بين الزوار متكرري الحضور حيث يتبادلون الخبرات والمعلومات عن القطع المعروضة والمزادات الأخرى التي تقام في مختلف مناطق المملكة بشكل أسبوعي أو شهري، فأصبح المزاد أشبه بالديوانية التي يجتمع فيها الأصدقاء بشكل دوري. وتحتل العملات الورقية والمعدنية المرتبة الأولى في اهتمامات الهواة، لا سيما النادر منها والمميز إما في تاريخ الإصدار، أو في التسلسل الرقمي، أو نظافة القطعة نفسها. وأوضح فهد القطري من منسوبي جامعة الدمام وأحد الهواة ومن الزوار الذين يترددون بشكل دوري للصالة أنه من الضروري إيجاد صالة مزادات فخمة وذات مساحات كبيرة تستطيع استقطاب أكبر عدد ممكن من الراغبين في البيع والشراء من مختلف المستويات، فكلما كثر عدد المشاهدين للقطع المعروضة، زاد التنافس على اقتنائها فينعكس على الأسعار إيجابيا ويعطي القطع قيمتها الحقيقية فهي الهواية الوحيدة التي يستطيع المشتري معرفة تاريخها ومكان إصدارها، إلا أنه لا يمكنه الجزم بصحتها وعدم تزويرها. وتليها هواية جمع الطوابع حيث إنها الهواية الوحيدة التي تحمل الطابع الرسمي. مقتنيات نادرة شهدت الصالة في مزادات سابقة عرض مصحف من العهد المملوكي، وسيف مذهب ومنحوت عليه الاسم والتاريخ، كما أحضر أحد الزائرين جهازا قديما وبعد الكشف عليه تبين أنه جهاز كان يستخدم قديما لعلاج الأعصاب.