لا أشك أن إنسانا يمكن أن يعرف بما حدث من جرم بشع في حق الطفلة رهام الحكمي ثم لا يصيبه الغضب، ولا أشك أيضا أن الخطأ الجلل الذي ذهبت ضحيته تلك الطفلة البريئة كان نتيجة إهمال وتهاون وعدم حرص على التقيد بالقواعد الصحية السليمة، لكن ذلك كله لا يعني أن يقود إلى الانفعال العاطفي والتنفيس عنه بصب التهكم أو اللوم على وزارة الصحة ومن فيها، لتنطفئ شعلة الانفعال بعد ذلك وينتهي كل شيء. البعض يطالب الوزير بتقديم استقالته والبعض يكتفي بمطالبة مدير عام الشؤون الصحية بالاستقالة، ولكن ما قيمة الاستقالة إن كان النظام نفسه فاسدا، ما جدوى أن يتغير الوزير أو غيره من قياديي الوزارة إن لم يحدث تغيير في الأنظمة يضمن عدم تكرر مثل هذه الكوارث أو على أضعف الايمان يقلص حدوثها إلى أصغر حجم ممكن. الذين يطالبون الوزير أو غيره بالاستقالة يسيرون على هدي ما يرونه يحدث في الدول المتقدمة عندما يبادر المسؤول إلى تقديم استقالته متى وقع خطأ كبير في نطاق مسؤولياته، لكن المسؤول هناك حين يقدم استقالته هو لا يقدمها لمروءة فيه وإنما يفعل ذلك استباقا للإقالة التي يدرك أنها آتية لا ريب فيها، والإقالة تأتي مقدمة للمحاسبة ومن ثم إنزال العقوبة. إن وقوع مثل هذا الحدث الخطير يقتضي كف يد كل من له علاقة بمختبرات جيزان من قريب أو بعيد، وتقديم المقصر للمحاكمة، فمن اؤتمن على سلامة الناس ثم خان الأمانة فلم يقم بواجبه الوظيفي كما هو مطلوب منه، يستحق عقابا مغلظا. وإذا كانت وزارة الصحة أغلقت قبل بضعة أشهر مستشفى خاصا لتكرر ما وقع فيه من أخطاء، فما الذي ستفعله الآن في مستشفاها هذا، هل ستغلقه قبل أن يعطي لآخرين أكياسا أخرى من الدم الملوث؟ إن هذه الحادثة قد لا تكون الوحيدة وما يدرينا إن كان هناك غير رهام من الضحايا الذين سبق لهم التعرض لمثل ما تعرضت له، إلا أن رهام (لحسن أو لسوء حظها) صادف أن عرف بشأنها فني يقظ الضمير فأخبر عن إعطائها الدم الملوث بالفيروس الخطير، ولو صمت وتكتم على الأمر لما عرف أحد بذلك. من سيعوض رهام التي دُمرت حياتها وحياة أسرتها؟ أليس من الحق أن تجبر وزارة الصحة على دفع تعويض مادي باهظ لتلك الطفلة التي وثق أهلها بأحد مستشفياتها فسلموا له فلذة كبدهم مطمئنين إلى أنه سيكون عونا لها على حياة أفضل فكان لها طريقا إلى الهلاك. إن العدالة تقتضي أن تعوض رهام بملايين الريالات، وهو تعويض مهما جزل لا يمكن أن يعيد لرهام صحتها التي دمرت، لكنه على الأقل يضمن لها أن تعيش في رخاء ورفاهية فيما تبقى لها من العمر. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة