استبشر أهالي وسكان حي الضباب في أبها خيرا، عندما علموا أن مجمعا تعليميا سيشيد في حيهم بعد سنوات عدة من المطالبات بفتح ثانوية لتسهل عليهم إرسال أبنائهم اليها بدلا من إرسالهم إلى مدارس بعيدة. ولكن ذلك لم يدم طويلا، خصوصا بعدما اكتشفوا أن المجمع التعليمي شيد في بطن أحد الأودية، نظرا لما يشكله الموقع من مخاطر على ابنائهم خصوصا في موسم الأمطار والسيول. وأضافوا أن ما زاد الطين بلة، قرار نقل ثانوية الفتح من وسط المدينة إلى المجمع، الأمر الذي يؤدي إلى ازدحام شديد في الفصول. مشيرين إلى أن المدرسة الجديدة تقع تحديدا في منطقة خطيرة جدا تنذر بوقوع كارثة لا يمكن تفاديها، لأن السيول تصل في هذه المنطقة إلى مستويات خطيرة جدا تصعب معها عمليات الإنقاذ. وبحسب ما رصدته عدسة «عكاظ»، فإن المجمع التعليمي لا يوجد له سوى مدخل يتيم، لا يسع إلا لسيارة واحدة في ظل ضيق المواقف المخصصة للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ويقع المدخل اليتيم في زاوية حادة يصعب على فرق الإنقاذ وآليات الدفاع المدني الدخول في حال حصول خطر من حريق أو خطة إخلاء أو حتى في حال مداهمة أحد السيول للموقع. ويذكر أن أولياء أمور الطلاب في حي الضباب طالبوا قبل عدة سنوات إدارة تعليم عسير بافتتاح ثانوية تخدم أهالي الحي، حيث يصعب عليهم نقل أبنائهم إلى ثانوية الفتح التي كانت في وقت سابق تقع في وسط المدينة، إلا أن التخطيط آثر نقل الثانوية القائمة في وسط المدينة إلى مجمع الضباب التعليمي لتخدم الحي الذي يرى أن من حق أبنائه الالتحاق بثانوية أقرب. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «عكاظ»، تداول مسؤولو التعليم في منطقة عسير قراراً يقضي بإلغاء كل الأقسام الشرعية في مدينة أبها وتحويلها إلى ثانوية الفتح اعتبارا من العام المقبل، بما يزيد العبء على المجمع التعليمي، لتزيد معه أعداد الطلاب في ظل خطورة موقع الثانوية عليهم. وطالب الأهالي، المسؤولين باستباق ما أسموه الكوارث، خصوصا في حال كان المجمع يشكل تهديداً لحياة الطلاب والكادر التعليمي، عبر افتتاح ثانوية مساندة في وسط البلد لتكون مجمع الثانويات في المنطقة، عوضا عن دمجها في الثانوية الحالية، في ظل توفر الكوادر الوطنية والميزانيات الضخمة، وذلك ليستطيع أبناء الوطن الدراسة في مقرات مهيأة فعلياً وليس في فصول مكدسة تجمع أعدادا هائلة تلامس سقف ال 40 طالباً في الفصل الواحد، الأمر الذي يصعب معه التعامل المباشر من قبل الكوادر التعليمية مع الطلاب وفقدان القدرة على التعامل مع الفوارق الفردية بين الطلاب، وجعل بيئة التعليم بيئة صحية بشكل أكبر. وأوضح المختص في المجال الأسري والأكاديمي محمد الجريان أن بيئة التعليم هي البيئة الأكثر حساسية يفترض بمسؤولي التعليم مراعاتها وتفهم الحاجات النفسية والاجتماعية ومراعاة حقوق الطلاب، فليس المقصود من التعليم التلقين فقط، وجمع أكبر قدر ممكن لملامسة سقف النظام في أعداد الطلاب، إنما التعليم يبدأ بتهيئة المكان والحرص على السلامة أولاً، ثم مراعاة الظروف ومواكبة التطورات التي يمر بها العالم حيث تعد المدارس هي الركيزة الأولى لبناء جيل المستقبل ممن سيستلمون زمام الأمور بعد عدة سنوات. وأضاف أنه مع الثورات التقنية والعلمية والتطور الهائل الذي يشهده العالم يجب على مسؤولي التعليم استثمار كل ثانية وكل فرد من أجل بناء قوة بشرية تسهم في بناء مستقبل هذا الوطن، معتبرا مسألة تكديس الفصول أمرا غير معقول في ظل ميزانيات هائلة يتم صرفها للتعليم، مشيرا إلى أن المعروف عالمياً هو أن أفضل الفصول التي يستطيع فيها المعلم والطالب التواصل بشكل مميز هي تلك التي لا يتعدى عدد الطلاب فيها 20 طالباً. «عكاظ» سألت الناطق الإعلامي للدفاع المدني في منطقة عسير العقيد محمد العاصمي، حول خطورة موقع المجمع، فقال إنه سبق للدفاع المدني أن كشف على المبنى واعد التقرير اللازم ورفع لإدارة التربية والتعليم، مشيرا إلى أن هناك لجنة قائمة حاليا برئاسة إمارة منطقة عسير وعضوية الدفاع المدني والتعليم والجهات ذات العلاقة، للوقوف على كل المقرات التعليمية واعداد التقارير اللازمة، وقد باشرت مهامها فعلياً في وقت سابق. مخطط تنظيمي أشار مدير إدارة الإعلام التربوي محمد آل يحيى إلى أن طاقة المجمع مناسبة لأعداد الطلاب الحالية. وحول وجودها في مجرى سيل قال إنه تم استلام الأرض من الأمانة، مشيرا إلى أن الموقع عموما في مخطط تنظيمي، وتحيط به شوارع من كل الجهات ومداخل كافية.