تتلون الحرباء حسب ما حولها من شجر وحجر بدافع غريزي لوقاية نفسها من الأخطار التي قد تحدق بها وتهدد بقاءها، فهي معذورة لاضطرارها للتلون، فمرة تكون صفراء، ومرة يكون لونها مائلا إلى البني، ومرة ثالثة يخضر لونها حتى تبدو كأنها جزء من الغصن الذي تسير فوقه أو تحتمي به من أعدائها المحتملين، ولكن هذه الحربائية أصبحت صفة يتصف بها بعض الناس على الرغم من عدم حاجة الواحد منهم إلى التلون والتذبذب في مواقفه، فهو لا يعاني من مخاطر تهدد وجوده ولا هو محتاج ماديا أو معنويا لما يمارسه من تلون وحربائية، ولكن الوضاعة الراسخة في نفسه تجعله يتلون وينقلب على عقبيه دون سابق إنذار أو مقدمات، ويكون بذلك قد عاد إلى أصل معدنه وانطبق عليه قول الشاعر: كل امرئ عائد يوما لشيمته وإن تخلق أخلاقا إلى حين وقول الشاعر: ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم والقزم يظل قزما حتى لو قفز في الهواء، فهو قد يرتفع بقفزته شبرا أو شبرين، ولكنه لا يلبث أن يعود إلى الأرض، فيتأكد من يراه أنه قزم بعد أن ظن لحظة ارتفاعه المؤقت أنه قد طال شبرا أو شبرين، والإنسان لا يفجع في الأنذال لأن أخلاقهم تملي عليهم مواقفهم الرخيصة، ولكنه يفجع فيمن اعتقد أنهم رجال أصحاب مواقف كريمة وأصيلة، فإذا به يكتشف فجأة أنهم أشباه رجال، ويتأكد أن فطنته قد خانته فيهم، وأنه قد استسمن ذا ورم! وعلى أية حال، فإن من يصادف في حياته إنسانا حربائيا يظن فيه الخير فيجده متلونا وضيعا، فإن عليه أن يكون في ذلك درس بليغ له، وأن يتمثل في حياته برأي صاحب لامية العجم الشاعر الطغرائي الذي قال: غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت مسافة الخلف بين القول والعمل فإنما رجل الدنيا وواحدها من لا يعول في الدنيا على رجل؟! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة