جسدت قرارات القمة الإسلامية التي اختتمت أعمالها في القاهرة مؤخرا انقسام مواقف الدول الإسلامية تجاه الأزمة السورية، فقد وضعت المعارضة السورية أمام خيارات صعبة أكثرها غير قابل للتحقيق ومنها توحد المعارضة سواء كانت عسكرية أو مدنية في الداخل أو في الخارج، بل أعادت الأزمة إلى المربع الأول من خلال دعوة المعارضة للتفاوض مع نظام الأسد، وهذه الدعوة تمثل اعترافا صريحا بدور الأسد في إدارة المفاوضات التي ستكون طبقا للمبادرة التي طرحها هو مؤخرا، وهذ الأمر غير قابل للتحقيق عمليا وسوف يؤدي إلى إطالة أمد الأزمة خاصة أن القمة لم تحدد جدولا زمنيا للمفاوضات ولم تختار دولة تستضيفيها ولم تقدم التزامات لإنجاحها ولم ترسم خارطة طريق لتحركها، ومن المتوقع أيضا ألا تنجح اللجنة الرباعية التي عولت عليها القمة لأسباب كثيرة منها اختلاف وجهات نظر الدول الأعضاء تجاه الحل، فإيران ترى أن الحل في يد الأسد فقط، وهذا الموقف يختلف عن مواقف المملكة وتركيا ومصر خاصة مع غياب الإرادة الدولية للحل في ظل التباينات في مواقف الدول الكبرى والأمم المتحدة. إذن القمة أقرت خيار التفاوض بين المعارضة ونظام دمشق، في وقت لا يتم التعويل فيه على حلول أخرى، حيث يبدو خيار التدخل الدولي مستبعدا، كما أن خيار الحسم العسكري غير قادر على إنهاء الأزمة من جانب الطرفين سواء المعارضة أو النظام السوري وبذلك ستظل الأزمة السورية تراوح وسوف يطول أمدها. يظل الخيار الأكثر واقعية خاصة في حالة تعذر اتخاذ قرار بتسليح المعارضة بالشكل المناسب هو اللجوء من وجهة نظرنا إلى الحل الوسط وهو (نقل السلطة إلى طرف ثالث) ليس النظام وليس المعارضة، بل مجلس إنقاذ عسكري ينبثق من المؤسسة العسكرية، ويتمتع بالاعتراف والدعم الدولي، يتولى مهمة الإشراف على رحيل قيادة النظام (وليس النظام بشكل كامل)، ويشرف على عملية انتقالية تقود إلى التغييرات المطلوبة تحت سيطرة أمنية تمنع انزلاق البلاد في الفوضى ويحقن الدماء ويحافظ على ما تبقى من مقومات الدولة السورية تجنبا لتكرار ما حدث في العراق وليبيا. رئيس مركز الخليج للأبحاث