للمرة الثانية، أضطر لأن أثير موضوع تلك الحديقة التي كانت تطل على كبري شارع قريش مع طريق المدينة، والتي تحولت بقدرة قادر إلى أرض مسورة من الأربع جهات، وحتى الآن لم تفتنا أمانة جدة في موضوعها وضاربة طناش، وكأن الأمر لا يعنيها من بعيد أو قريب. والحقيقة أن كل سكان الحي المجاور سكنوا وهذه الحديقة قائمة يتنزهون فيها مع عوائلهم بين الحين والآخر، وفجأة وإذا بها في ظلام ليل حالك تسور من الأربع جهات؛ لدرجة لم نعرف هل من سورها هي الأمانة في جدة خشية التعدي عليها، أم هامور جديد لمس أن بعض الحدائق في مدينة جدة تحولت لأملاك خاصة، فقال: «وشمعنى أنا». إن هذه الحديقة التي سورت في ليل أظلم يتمنى السكان معرفة حقيقتها، هل فعلا تحولت إلى أملاك خاصة، أم ما زالت تابعة لأمانة جدة وسورتها خشية التعدي عليها. إن ممارسة الأمانة «لصمت القبور» على طريقة «وأنا مالي» ليس إجراء سليما، بل إن السكان المجاورين لهذه الحديقة يلوكون الكلام صباحا ومساء كلما مروا بجوارها ويتحسرون على حظهم العاثر، وقد «لهطت» وأصبحت ملكا خاصا، ولا نسأل في النهاية إلا عن سعيد الحظ هذا الذي تملكها وسورها في ليل أظلم، على اعتبار أنه ليس الوحيد الذي يستولي على حديقة عامة، وإنما معظم حدائق مدينة جدة تحولت بقدرة قادر إلى أملاك خاصة، بحيث يحتاس السكان عندما يريدون التنزه بالقرب من منازلهم. إنني أدعو أمانة جدة أن تخرج عن صمتها وتنورنا عن موضع هذه الحديقة هل ما زالت ضمن أملاكها أم طارت الطيور بأرزاقها وسطا عليها من سطا وتملكها أحد الهوامير الذي نقول له من كل قلوبنا حلال عليه، بس نريد أن نعرف الحقيقة من لسان أمانة جدة، حتى على الأقل لا نضرب رؤوسنا في الجدار؛ لأننا نتكلم في موضوع يفترض أنه لا يعنينا، وإن كان يعنينا فليس لنا حول ولا قوة في هدم السور وإرجاع الحديقة كما كانت متنفسا لسكان الحي المجاور لشارع قريش مع طريق المدينة، فهل تنورنا أمانة جدة بالحقيقة حتى لو كانت الحقيقة مرة برضه نتقبلها.